تعدّ "المقرنصات" من المبتكرات المعمارية الإسلاميّة، وهي عبارة عن وحدات زخرفية تؤلف مشهداً رائعاً بتكرارها، يستخدم في تزيين السقوف وتجاويف المحاريب وغيرها...

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 كانون الأول 2013 المهندس المعماري "مهيدي صالح" الذي تحدث عن "المقرنصات" بالقول: «هي نوع من الزخارف التي طورها العرب، وأصبحت من ميزات فنهم، ولها صور متعددة، بعضها يشبه الرواسب الكلسية المتدلية من بعض الكهوف، وبعضها الآخر يشبه أعشاش النمل أو خلايا النحل، وأصل المقرنص هو الكوة التي تستعمل للانتقال من المربع إلى المستوى الذي تقام عليه القبة، في الأبنية المتميزة بقبابها».

هي نوع من الزخارف التي طورها العرب، وأصبحت من ميزات فنهم، ولها صور متعددة، بعضها يشبه الرواسب الكلسية المتدلية من بعض الكهوف، وبعضها الآخر يشبه أعشاش النمل أو خلايا النحل، وأصل المقرنص هو الكوة التي تستعمل للانتقال من المربع إلى المستوى الذي تقام عليه القبة، في الأبنية المتميزة بقبابها

ويضيف: «يقتصر هذا الفن على التزيينات التي تتدلى من السقوف كمراكز الإضاءة وأماكن تعليق الثريات، أو جوانب المقاعد الكبيرة المريحة، أو أطراف الطاولات، أو كوى "الفترينات" الثابتة في الجدران وغيرها، وقد ورث العرب السوريون هذا الفن عمّن سبقهم من الأمم الأخرى، وطوروا فيه الكثير حتى أضحى على ما هو عليه من تجديد و ابتكار».

المهندس المعماري مهيدي صالح

ويصف المهندس الاستشاري "يحيى وزيري" "المقرصنات" بالقول: «هي خلايا تتلاصق وتتجمع بخطوط وكُتَل متناغمة، رياضيّة التصميم، متناهية في الدقة، تؤدي وظيفة معمارية محددة، ودَوراً زخرفياً جمالياً يتجاوز كلّ حدود، وقد استعملت "المقرنصات" كعنصر زخرفي في تجميل وزخرفة الواجهات أسفل الشرفات وفي المآذن وعند التقاء السطوح حادة الأطراف وفي الأركان بين السقوف والجدران، كما استعملت كعنصر إنشائي في تيجان الأعمدة وفي تحويل المسقط المربع إلى دائرة لإمكان تغطيتها بالقبة، وبذلك جمعت "المقرنصات" بين الزخرفة الناتجة عن الظل والنور نتيجة للسطوح البارزة والمرتدة بين وحداتها المتجاورة والمتراصة أفقياً ورأسياً، وبين وظيفتها الإنشائية».

ويضيف: «هي زخارف تشبه خلايا النحل استعملت في المساجد كعامل إنشائي ثم استعملت كعامل زخرفي للتجميل، وقد بدأ ظهورها في القرن الحادي عشر الميلادي، ثم أقبل المعماريون على استعمالها في المباني الإسلامية وبناء المساجد وأصبحت من سماتها الظاهرة في تصميم الواجهات والمآذن والقباب والأسقف الخشبية والأعمدة، واختلفت أشكالها باختلاف الزمان والمكان والغرض الذي تعمل من أجله حتى أطلق عليها "المقرنصات الإسلامية"».

ويتابع: «الأصل في استعمال "المقرنصات" كعامل إنشائي كان للتدرج من السطح المربع إلى السطح الدائري الذي يراد إقامة القباب عليه، وقد طور العرب كل الأفكار القديمة وتوصلوا في العصر الإسلامي الزاهر إلى فكرة الانتقال من المربع إلى المثمن لبناء القباب عن طريق "المقرنصات" التي أخذت تنتشر بسرعة وأخذت أشكالاً متعددة حسب الاستعمال والشكل المطلوب».

ويشير مدرس اللغة العربية "محمد الحمود" والمهتم بالتراث الإسلامي إلى أن اسم "المقرنص" جاء تبعاً لشكله أو مصدره، فيوجد المقرنص البلدي والمقرنص الشامي أو الحلبي والمقرنص المثلث والمقرنص بدلاّية، كما ورد الاسم في المعجم الوسيط "مقرنس" وهي كلمة مفردة تعني الجمع وفحواها التدريج، ويعتقد أنها كلمة اقتبست وعربت بعد إضافة "الميم" العربية لها، بغرض تفعيل اللفظة اليونانية، ومعناها النتوء الخارج من البناء الذي مازال له نفس المعنى في اللغات الأوروبية».