ظهرت مع التوسع الأخير لمدينة دمشق خارج السور، كجسر فوق "بردى" يصل مدينة دمشق بالضواحي الجديدة لدمشق "الشام الحديثة"، وبسبب أهميتها وموقعها في مركز المدينة رصف "نهر بردى" تحتها لتصبح ساحة تسمى "ساحة الشام" إلا أن اسم جسر "فكتوريا" هو الاسم الأشهر لها.

مدونة وطن "eSyria" استعرض تاريخ هذه الساحة المركزية في دمشق وكيف أصبحت اليوم، والتقى السيد "منير السيد" من سكان حي "الصالحية" الذي تحدث بالقول: «لم أكن أعرف أن هذه الساحة تسمى "ساحة الشام"، كل ما أعلمه أن هذه الساحة الصغيرة التي يمر فوقها جسر فكتوريا تسمى أيضاً منطقة "جسر فكتوريا"، كما اعتقد أنها من أهم مراكز المدينة، لتوسطها تقاطع طرق حيوية، تؤدي إلى أربع ساحات مهمة وسط دمشق، ساحة الحجاز، وساحة يوسف العظمة، ساحة المرجة، ساحة الأمويين».

من المباني التي كانت تطل على ساحة الشام "مقهى العباسية" مكان فندق سميراميس الحالي، لصاحبه أبو العباس، الذي عقد فيه اجتماع تأسيسي لـ"حزب الشعب" عام /1952/، وهو أول حزب وطني أسسه في عهد الانتداب الفرنسي الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري وحسن الحكيم وغيرهم

"ساحة الشام" هي التقاطع الطرقي الموجود على الطريق "بورسعيد" الواصل بين "محطة الحجاز" وساحة "يوسف العظيمة"، يقول المهندس "خليل الفرا" أحد أشهر مهندسي دمشق في ستينيات القرن العشرين: «كان مكان الساحة عبارة عن جسر ضيق على نهر بردى في العهد العثماني؛ ما لبث أن استبدل بجسر حديدي خلال الانتداب الفرنسي إلى أن أخذ شكل الساحة الكبيرة عندما توسع الجسر توسعه كبيرة قبل أن يتم سقف مجرى "نهر بردى" عند هذا الجسر وحتى "ساحة المرجة" بشكل كامل عام /1962/.

جسر فكتوريا في العهد العثماني

أما التسمية "فكتوريا" فجاءت بسبب الفندق الذي كان موجوداً على الزاوية الشمالية الشرقية للجسر مكان "مديرية الأوقاف" حالياً وهو أول فندق شيد في دمشق أواخر القرن التاسع عشر خصيصاً لاستقبال ملكة بريطانيا فيكتوريا، وقد شيد على طراز العمارة الأوروبي، ويعد من أجمل العمائر المقامة بالسلطنة العثمانية في تلك الحقبة، وقد تحول اسمه إلى "فندق قصر الرشيد" بعد انتقال ملكيته، وقد هدم في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين.

وارتفعت مكانه كتلة اسمنتية غاية في القبح "بناية الحايك" بوشر ببنائها في العام 1953 وانتهت في العام 1955، حيث أقيم في الطابق الأول فيها، متجر كبير لبيع البضائع، إلا أنه لم يلق رواجاً فأغلق فيما بعد».

جسر فكتوريا خلال الانتداب الفرنسي

يعد "جسر فيكتوريا" العثماني أول الجسور المبنية وسط دمشق على نهر بردى، وكان يربط المدينة القديمة بالأحياء الحديثة، أقيم في الفترة العثمانية المتأخرة، ذكره المؤرخ عز الدين عربي كاتبي في كتابه "الروضة البهية" المنشور عام 1911م، ووصفه بـ"الجسر العظيم تجاه محطة العجلات والمصنوع من الحديد المحكم"، استبدلته السلطات الفرنسية عام /1925/ بجسر جديد وكانت الغاية من التجديد التوسعة والمتانة ليتلاءم مع تطور آلة الحرب الفرنسية الثقيلة كما يذكر المؤرخ الدكتور "قتيبة الشهابي"، ونقل الجسر الحديدي القديم إلى منطقة باب توما حيث استخدم هناك، شهد الجسر عملية إعادة بناء أخرى في ستينيات القرن الماضي، فاختفت معالمه أثناء تغطية نهر بردى من ساحة المرجة وحتى سينما دمشق الحالية.

تتجلى أهمية ساحة الشام في كونها أولاً، نقطة انطلاق من وسط دمشق إلى جهاتها الأربع، لتوسطها أربعة شوارع رئيسة، أولها سعد الله الجابري الذي يؤدي إلى محطة الحجاز والحلبوني وشارع النصر، وشارع بور سعيد ( شارع الملك فؤاد الأول) المؤدي إلى ساحة يوسف العظمة ومنها إلى جهات مختلفة من المدينة، شارع الاتحاد المؤدي إلى ساحة المرجة أقدم ميادين دمشق العامة، وسوق البحصة، شارع الجمهورية الذي يصب في منطقة جسر الثورة ومنها شارع بغداد، وما وراءه، وأخيراً وليس آخراً تعد هي بداية لشارع "بيروت" الذاهب إلى ساحة الأمويين ومنطقة "الربوة".

منطقة فكتوريا .. كما أصبحت اليوم

تعد "ساحة الشام" واجهة من واجهات دمشق، فبعض وسائل الإعلام تستعمل هذه الساحة للإشارة إلى مدينة دمشق (كما هو الحال بالنسبة للجامع الأموي وساحة الأمويين)، واليوم للأسف نجد أنها أصبحت قبيحة بسبب وجود جسر ضخم للسيارات يمر فوقها يبدأ من سينما دمشق وينتهي عند مدخل سوق البحصة يعرف للمصادفة أيضاً بـ"جسر فكتوريا".

يقول الأستاذ "أكرم العلبي" /مؤرخ مهتم بتاريخ دمشق/: «من المباني التي كانت تطل على ساحة الشام "مقهى العباسية" مكان فندق سميراميس الحالي، لصاحبه أبو العباس، الذي عقد فيه اجتماع تأسيسي لـ"حزب الشعب" عام /1952/، وهو أول حزب وطني أسسه في عهد الانتداب الفرنسي الدكتور عبد الرحمن الشهبندر وفارس الخوري وحسن الحكيم وغيرهم».