يعد الجامع "المعلق" في مدينة "دمشق القديمة" من الأبنية التاريخية الهامة، لتميزه بشكله الجميل على طراز فن العمارة الإسلامية العريق، فضلاً عن النقوش والمقرنصات والزخارف التي يتميز بها عن بقية الجوامع والأبنية التاريخية القديمة.

الباحث "عماد الأرمشي" كتب عن موقع الجامع في مدينة "دمشق": «يقع الجامع المعلق خارج أسوار مدينة "دمشق القديمة" من الجهة الشمالية للسور ما بين باب الفرج "المناخلية" وبين باب الفراديس على الطريق المؤدية لمحلة العمارة البرانية ومز القصب وما يسمى بالماضي شارع الحلوانيين أو ما بين الحواصل».

يقع الجامع المعلق خارج أسوار مدينة "دمشق القديمة" من الجهة الشمالية للسور ما بين باب الفرج "المناخلية" وبين باب الفراديس على الطريق المؤدية لمحلة العمارة البرانية ومز القصب وما يسمى بالماضي شارع الحلوانيين أو ما بين الحواصل

وبحسب موقع وزارة الأوقاف السورية فإن باني هذا الجامع هو الأمير "برد بيك الجكمي" سنة 925 هـ: «وسمي بهذا الاسم لكونه بني فوق نهر بردى. الجامع مبني بالحجر الأبلق، يصعد إليه بسلم حجر وله مئذنة شاهقة تطل على بابه، وشبابيكه تطل على نهر بردى وله صحن وبركة وإيون وله باب ثان، وفي سنة 1058 هـ نزلت صاعقة فأصابت رأس المئذنة فهدمت شيئاً من بنائه، فتكفل نائب الشام يومئذ بعمارة ما خرب لكنه لم يعده كما كان».

أحد النقوش المكتوبة فوق عتبة الباب الرئيسي

كما التقت مدونة وطن eSyria المهندس المعماري "يوسف سيد صالح" حيث تحدث عن الهندسة البديعة لبناء الجامع قائلاً: «يعد الجامع المعلق من المساجد المملوكية المبنية بهندسة فريدة وجميلة جداً، وقد استعمل في بنائه الحجارة الأبلقية الكبيرة "الأبيض والأسود"، ويتميز بالكثير من النقوش والزخارف الجميلة التي تعود إلى العهد المملوكي والعثماني، وهو جامع كبير نسبياً يشبه في تصميمه القصور والقلاع، نوافذه سوّرت بالحديد على شكل شبك.

وللجامع واجهة حجرية كبيرة وسوداء لها بابان خشبيان كبيران، باب غربي ذو مقرنصات ترجع إلى عهد البناء الأول ويصعد إليه بعدة درجات وفوقه يوجد نقوش وزخارف كتابية وآيات قرآنية مزخرفة بطريقة جميلة ومبدعة، والباب الثاني خشبي أيضاً وله مقرنصات ونقوش تعلو فوق عتبته».

مئذنة الجامع

وفي حديثه عن صحن الجامع يقول "صالح": «يتم الدخول إلى الجامع من الباب إلى صحن كبير نسبياً، ويتميز هذا الصحن بالكثير من الزخارف التي تعود إلى العهد المملوكي والأيوبي، وأرضيته مفروشة بالحجارة الأبلقية ذات اللونين الأبيض والأسود بالتناوب، ومازال إلى اليوم يحتفظ برونقه وجماله القديم، كما يوجد في الداخل بركة ماء كبيرة وإيوان يشبه الليوان في البيوت الدمشقية القديمة ولكن بحجم أكبر، أما شرفة المؤذن فهي بارزة قليلاً ومسقوفة وأرضيتها مبنية من الخشب، وتنتهي في أجزائها العلوية بالطريقة المعروفة في العهد المملوكي».

كما التقينا الباحث التاريخي "حسام البابلي"، وعن الأهمية التاريخية لهذا الجامع الأثري يقول: «يعد الجامع "المعلق" من أهم الأبنية التاريخية في مدينة "دمشق القديمة"، لتميزه بشكله الجميل جداً على طراز فن العمارة الإسلامية المحضة متمثلة بالواجهات الثلاث للمبنى وعلى وجه الخصوص الواجهة الرئيسية الأم للمبنى التي جاءت على طراز القصور الفخمة كما هي العمائر العربية الإسلامية الضخمة، فضلاً عن المقرنصات المخففة عند سطح المدخل الرئيسي، بالإضافة إلى المئذنة المملوكية التصميم والكبيرة بالمقارنة مع بقية مآذن الجوامع القديمة، وقد تم ترميمها مرات عديدة بسبب الحوادث العديدة التي تعرض لها الجامع.

المدخل الرئيسي للجامع

كما يتميز الجامع بالكثير من النقوش القديمة والآيات القرآنية، فعند عتبة باب درج الجامع نجد الكتابة الآتية "لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، أنشأ هذا المكان العبد الفقير محمود بن لطفي الزعيم سنة 969هـ/1562م"، وعند نهاية الدرج بأعلى مدخل الجامع نقشت آية قرآنية والعبارة الآتية: "وكان تمام إنشائِه في شهر ربيع الأول من شهور سنة سبع وستين وتسعمائة"، وتم بناء مشكاتين على يمين ويسار المدخل يتوسطهما نافذة أبلقية للإنارة يعلوها زخارف من المدكك ومتوجة بالمقرنصات تحمل محارب صغيرة، كما يوجد نقوش وزخارف على الجدران التي تطل على الشارع على شكل شموس».

يواصل "البابلي" حديثه: «ويوجد بين البابين الخشبيين المزخرفين منارة كبيرة مثمنة الأضلاع وفريدة التصميم، ومن الباب الغربي يدخل إلى صحن واسع فيه بحرة مربعة الشكل مبنية من الحجارة الأبلقة أيضاً، وأروقة شرقية وغربية وجبهة حجرية شمالية متقنة البناء يدخل منها إلى القبلية الرائعة بجمالها وزخارفها ومحرابها، ومئذنته رائعة التصميم مثمنة الأضلاع مستندة على قاعدة خشبية مربعة ويتوسط الجذع المضلع نوافذ مفتوحة وصماء متناوبة في كل ضلع متوجة بثمانية أقراص زخرفية كهيئة الشمس التعبيرية وصولاً إلى الشرفة، تغطيها مظلة مثمنة خشبية مجددة أيضاً وتنتهي بجوسق مثمن بطبقتين ويعلو الجوسق ذروة هي أشبه ما تكون بنبتة "البصلة" (الجوسق: من العناصر الزخرفية المعمارية، وهو لفظ يطلق أيضاً على قمم المنشآت كالمآذن).

وقد تم تجديد الجامع والمئذنة عدة مرات، فقد مرت صاعقة طبيعية دمرت هذه المئذنة ورمت شيئاً من حجارتها، فصارت لها رؤية مهولة لما أصاب البناء، ثم تكفل بعمارة ما خرب نائب الشام "محمد باشا العظم" فأعيد بناؤها على الطريقة المملوكية ولكنها لم تعد كما كانت عليه بالماضي، ثم تضررت مرة ثانية بفعل زلزال دمشق الشهير سنة 1173هجري الموافق 1759م أيام السلطان العثماني "عبد الحميد الأول" فأعيد ترميمها من جديد».