«أصبحت أغلب أبواب مدينة "دمشق" في العهد "النوري" مزدوجة، وكان يقوم عند كل باب مسجد له مئذنة، وسويقة يطبق عليها اسم "باشورة" وكانت هذه الباشورة بين الباب القديم والباب المحدث الذي يقابله.

ومن محال هذه الباشورة كان الناس يتمونون بما يلزمهم إذا تعرضت مدينة "دمشق" للخطر وأغلقت أبوابها، ذلك أن لكل باشورة باب ينفتح على سور المدينة وما اتصل به من العالم الخارجي، وباب داخلي ينفتح على داخل مدينة "دمشق"، ومن ذلك الباشورة التي هي لصيق باب الصغير في الجانب الجنوبي في سور مدينة "دمشق القديمة" حيث لا يزال مسجد هذه الباشورة قائماً عند الباب الصغير إلى يومنا هذا.

"الباشورة" هي أحد الأركان لأبواب "دمشق القديمة"، فأتذكر جيداً الباب الذي كان يحدثنا عنه والدي عن جدي بجانب الباب "الصغير"، كانت من إحدى الباشورات الموجودة في المدينة القديمة، والتي كانت تسمح للمواطنين بشراء تموينهم، هي أمكنة احتلت مكانة كبيرة في ذاكرتنا الدمشقية الغنية والتي لها غنى حضاري وتراثي هام، ولعل أهم ارتباط لنا بهذه الأماكن هي تلك الذكريات التي حفرت على جدران هذه الأماكن والتي تعبر عن أهمية المدينة القديمة معمارياً وتراثياً

وهناك من يقول إن للباب الصغير هذا باب آخر كان يلاصق الباشورة من جهة الجنوب، بمقابلة الباب القائم الآن، وعلى ما يبدو أن الباب المذكورة قد أزيل، وامتدت محال الباشورة إلى مقام الشيخ "أحمد السروجي" جنوباً»، هكذا يخبرنا الباحث التراثي "منير كيال" عن الباشورة.

في باب شرقي

حيث إن الباشورة هي عبارة عن سويقة "سوق" صغير داخل السور وبجانب الباب يتمون منه الناس حاجياتهم خلال فترة الخطر وعدم استطعاتهم مغادرة أبواب المدينة.

موقع "eDamascus" بتاريخ 1/1/2012 التقى عدداً من معمري "دمشق القديمة" ليحدثونا عن أهمية الباشورة، فالتقينا السيد "لؤي عبد الغني" أحد معمري منطقة "باب الصغير" في "دمشق" القديمة ليقول: «"الباشورة" هي أحد الأركان لأبواب "دمشق القديمة"، فأتذكر جيداً الباب الذي كان يحدثنا عنه والدي عن جدي بجانب الباب "الصغير"، كانت من إحدى الباشورات الموجودة في المدينة القديمة، والتي كانت تسمح للمواطنين بشراء تموينهم، هي أمكنة احتلت مكانة كبيرة في ذاكرتنا الدمشقية الغنية والتي لها غنى حضاري وتراثي هام، ولعل أهم ارتباط لنا بهذه الأماكن هي تلك الذكريات التي حفرت على جدران هذه الأماكن والتي تعبر عن أهمية المدينة القديمة معمارياً وتراثياً».

عند باب توما

يتابع "كيال" فيقول: «كما امتدت هذه المحال غرباً إلى ما كان يعرف بمقهى "النجارين"، مقابل الكركون القديم غرباً، ونجد على جانبي الجهة الشمالية من الباب الصغير، والمعروف محلياً باسم "باب الحديد"، زقاق "الصمادية" في جهة الغرب وزقاق "الإصلاح" "الزّط" في جهة الشرق حيث يواصل سور المدينة امتداده إلى باب "كيسان"، باستثناء الفتحة التي يمر بها شارع "محسن الأمين".

وقد أطلق على المنطقة التي تقع شمالي باب "الصغير"، بما في ذلك جادة "الصمادية" وجادة "الإصلاح" والمناطق التي تليها شمالاً اسم "الشاغور" الجنوبي لكونها داخل سور مدينة "دمشق"، وأطلق على المناطق التي تقع إلى جنوبي الباب "الصغير" اسم "شاغور براني"، لكونها تقع خارج السور.

ولعل من نافلة الإشارة إلى أن القصد من إقامة باشورة عند كل من أبواب "دمشق" إنما كان لعرقلة هجوم العدو إذا حوصرت "دمشق" فضلاً عن دور "الباشورة" التمويني».

أما السيد "منير الدمشقي" أحد المهتمين بتراث المدينة القديمة فيقول: «إن الباشورة لها أهمية استراتيجية كبيرة لدى أبواب "دمشق"، وخاصة في القديم، فهي كانت الحامية الأساسية لهذه الأبواب، وقد أقيمت تلك الباشورات بجانب هذه الأبواب بطريقة معمارية قديمة تدل على التراث العمراني القديم للمدينة، وكانت مزخرفة بزخارف دمشقية متنوعة منها النباتية والحيوانية، ولها امتداد وارتباط كبيرة بعمق الحضارة السورية، لكن مع مرور الأيام أزيلت بعضها وبعضها الآخر تأثرت بالحروب المتكررة على المنطقة، وبقي بعضها قائماً بجانب هذه الأبواب التي هي الآن من الأركان الرئيسية للمدينة القديمة».