سور "دمشق" طوله 1500متر مازال يشهدعلى تعاقب الحضارات، أبوابه استقبلت "الوليد والجراح" وحصونه دافعت عن سكانه.

زار موقع eDamscous السيد "نبيل الحكيم" أستاذ تاريخ وباحث ليحدثنا عن سور "دمشق" وأبوابه قائلاً: «سور "دمشق" هو السور الأثري المحيط بمدينة "دمشق القديمة" حيث يعد من أهم المعالم الأثرية في المدينة العريقة ويضم بين جوانبه الكثير من الرموز التاريخية مثل "قلعة دمشق" و"الأبواب السبعة" وبرجي "نور الدين الزنكي" و"الصالح نجم الدين أيوب" بالإضافة إلى الكثير من الشواهد على تاريخ وعظمة مدينة هي من أقدم المدن في العالم، يعود تاريخ إنشاء هذا السور إلى العهد الآرامي ثم اليوناني وبعده الروماني خلال القرن 2م في عهد الإمبراطور الروماني "سبتيموس سيفيروس" والإمبراطور "كاراكلا"، يبلغ طول السور الأثري القديم 1500 متر وعرضه 750 متراً ويحتوى على مساحة تقدر بمئة هكتار مقسمة إلى جزر مستطيلة مفصولة بشوارع تتجه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، يضم السور الروماني القديم سبعة أبواب ثلاثة منها في الجهة الشمالية عند نهر "بردى" واثنان من الجهة الجنوبية واثنان من الجهة الشرقية والغربية والأبواب هي "باب السلام، باب شرقي، باب توما، باب الفراديس، باب الجابية، الباب الصغير، وباب كيسان"».

كان هناك أبراج على السور وعلى جانب الأبواب وفي أماكن دفاعية كانت تسمى أبراج الإعلام، والأبراج التي بين منطقة "باب شرقي" و"حارة اليهود" كلها من القرون الوسطى أي من عهد الأيوبين والنوريين والمماليك، تنقسم هذ الأبراج إلى ثلاثة أقسام في بنائها "القسم الأول" قاعدة مربعة من الأسفل ثم يصبح نصف دائرة و"القسم الثاني" رباعي الشكل مثل برج الملك" صالح أيوب" و"القسم الثالث" كله على شكل نصف دائرة كالبرج الذي في الجهه الشرقية للسور

يتابع السيد "الحكيم": «يختلف السور الروماني عن السور الحالي الذي رمم عدة مرات على مر العصور وتم توسيعه ليكون متفقا مع اتساع المدينة وامتدادها وجعلوه يحاذي مجرى "نهر بردى" بدلا من "نهر عقربا" الذي لم يعد يحاذيه إلا بعد "باب السلام" ثم أتى حكام "دمشق" في فترات متلاحقة والمماليك والعثمانيون وقاموا بتدعيم أجزاء من السور في حين كثر سكان "دمشق" في العهد الأموي وتوسعت المدينة وتجاوزت السور، وبني عدد كبير من القصور والبيوت خارج السور مثل قصر "الحجاج بن عبد الملك بن مروان"، وفي العهد العباسي عندما دخل "عبد الله بن علي العباسي" "دمشق" عام 749 م خرب ما بناه الأمويون وشمل ذلك قسماً من السور، وفي عهد الدولة النورية بدأ "نور الدين الزنكي" بتجديد "قلعة دمشق" وأسوارها فبنى سوراً بيضوي الشكل تقريباً في عام 1211 م وحصنه بأبراج نصف دائرية وأقام فيه أبواباً جديدة، تبين المراحل التاريخية التي تم فيها بناء الأقسام المتبقية من السور أن صفوف أحجاره السفلية الضخمة التي أخذت من السور القديم يعود عهدها إلى ما قبل القرن الثاني عشر وصفوف الأحجار التي تليها إلى زمن "نور الدين زنكي" في العهد الأيوبي أما الأحجار غير المنحوتة العلوية فقد وضعت بالعهد العثماني، من معالم السور برج "نور الدين" الذي يقع في الطرف الجنوبي الغربي من سور المدينة عند "جامع سنان باشا" ويبلغ ارتفاعه عشرة أمتار بناه "نور الدين زنكي" سنة 1256 م له قاعدة مربعة أحجاره مبنية من أحجار قديمة أخذت من سور المدينة القديم ويلاحظ أن صفوفها السفلية أكبر من العلوية التي جددت زمن الملك "الناصر قلاون" وقد أعاد السلطان "نور الدين الشهيد" بناء السور حتى أحاط بالمدينة بعد توسيعها وأصبح شكله بيضوياً بعدما كان مستطيلا وقد أضيف إلى السور سور آخر يمتد من "باب السلام" و"باب توما" حتى "الباب الشرقي" لتصبح المنطقة الواقعة بين السورين تعرف باسم "بين السورين"».

جزء من سور دمشق

يضيف السيد "نبيل" عن "سور دمشق": «ومن معالم السور أيضاً برج "الملك الصالح أيوب" ويقع إلى الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة وسمي باسمه حيث أنشأه 1248 م وهو نموذج للأبراج الأيوبية الدمشقية، أما أبواب السور القديم في "دمشق" فكل باب يرمز إلى أحد الكواكب "فباب كيسان" الذي يرمز "لزحل" بقيت الصورة عليه حتى الآن موجودة، بينما خربت على الأبواب الأخرى، للسور عشرة أبواب هي "باب كيسان" وهو باب قديم رغم نسبته إلى "مولى معاوية" أغلقه السلطان "نور الدين الزنكي" ثم أعاد فتحه الملك "الأشرف ناصر الدين شعبان الثاني" 1363م وأثناء الاحتلال الفرنسي أعيد إنشاؤه وترميمه وبنيت خلفه كنيسة "القديس بولس" ويرمز هذا الباب لكوكب زحل، "الباب الشرقي" وهو بناء روماني رممه السلطان "نور الدين الزنكي" عام 1154م وعبرته جيوش المسلمين أثناء الفتح العربي للمدينة ويرمز هذا الباب للشمس، "باب توما" بني في عهد الرومان لكنه تهدم كليًا فأعيد بناؤه في عهد الملك "الأيوبي الناصر داود" عام 1227م وفي العهد المملوكي قام الأمير "تنكز" بتجديده عام 1333م ويرمز هذا الباب إلى كوكب الزهرة، "باب الصغير" وهو باب قديم أيضاً لكن الملك "نور الدين محمود" أعاد بناءه عام 1156 للميلاد كما قام بتجديده الملك "عيسى ابن أبي بكر الأيوبي" عام 1226م ويرمز لكوكب المشتري».

يتابع الأستاذ "الحكيم": «"باب الجابية" أتت شهرة هذا الباب و"الباب الشرقي" من عبور جيوش المسلمين منهما بقيادة "خالد بن الوليد" و"عبيدة بن الجراح" عند فتح "دمشق" وسمي بهذا الاسم لأنه كان يؤدي إلى معسكر المكلفين بجباية الضرائب وكان هذا الباب مؤلفاً من ثلاث فتحات لم يستعمل منها إلا الفتحة الجنوبية وهذا النمط الثلاثي يؤكد أنه باب روماني لكن الملك "نور الدين محمود" أعاد إنشاؤه وترميمه عام 1164م ثم قام الملك "الناصر صلاح الدين بن عيسى" بتجديده ويرمز هذا الباب لكوكب المريخ "باب الفراديس" ويعرف الآن "بباب العمارة" وهو باب قديم يرجح أنه روماني أعيد إنشاؤه وترميمه في عهد الملك "الصالح عماد الدين بن إسماعيل" عام 1241م ويرمز لكوكب "عطارد"، "باب الفرج" ويسمى اليوم "باب المناخلية" باب مزدوج أقامه الملك "نور الدين محمود" ورممه الملك "الصالح نجم الدين أيوب" عام 1241م وزالت كل معالمه الآن بسبب هدم الأسواق المحيطة بالقلعة "باب النصر" ولا يعرف الزمن الذي بني فيه هذا الباب، لكن الروايات تقول إن الملك "الناصر صلاح الدين الأيوبي" قد بناه وقد تهدم كلياً عام 1862م قبل بناء "سوق الحميدية" إذ كان هذا الباب يقع عند مدخل "سوق الحميدية" من جهة الشرق، "باب الفراديس" أو "باب الجنيق" وهو باب روماني صغير نسبياً تهدم بسبب عدم الاستخدام وما يزال مهدماً حتى الآن ويرمز هذا الباب للفخر، "باب السلامة" ويعرف الآن "بباب السلام" أنشئ في عهد الملك "نور الدين محمود" عام 1164م ثم جدد في عهد الملك "الصالح نجم الدين أيوب" عام 1243م وما زالت آثاره باقية حتى اليوم».

من السور

يضيف السيد "الحكيم": «كان هناك أبراج على السور وعلى جانب الأبواب وفي أماكن دفاعية كانت تسمى أبراج الإعلام، والأبراج التي بين منطقة "باب شرقي" و"حارة اليهود" كلها من القرون الوسطى أي من عهد الأيوبين والنوريين والمماليك، تنقسم هذ الأبراج إلى ثلاثة أقسام في بنائها "القسم الأول" قاعدة مربعة من الأسفل ثم يصبح نصف دائرة و"القسم الثاني" رباعي الشكل مثل برج الملك" صالح أيوب" و"القسم الثالث" كله على شكل نصف دائرة كالبرج الذي في الجهه الشرقية للسور».

جزء من قلعة دمشق