تشتهر "دمشق القديمة" بعدد من المدارس الأثرية القديمة التي تتميز بطابع معماري وزخرفي، وبعض هذه المدارس يعود بناؤها إلى العهدين الأيوبي والمملوكي.

موقع "eDamascus" وفريقه التراثي الذي يبحث في جذور هذه المعالم الأثرية في "دمشق القديمة" والتي اشتهرت بها "سورية" على مر العصور وأصبحت ملاذاً للزوار والسائحين، أراد التحدث مع الباحث التاريخي "طارق مردليّ" عن "المدرسة الجقمقية" وهي أحد معالم "دمشق القديمة"، حيث قال: «تعتبر "المدرسة الجقمقية" التي تقع شمال "الجامع الأموي" من أهم المدارس من حيث القيمة التعليمية التي كانت تتمتع بها في "العهد المملوكي"، إضافة إلى طابعها المعماري المميز الذي يعود لفترة ذلك العهد».

المدرسة تتميز من غيرها من المدارس بعدم وجود قبة سماوية لها، إضافة لوجود شريط مذهب من الكتابة القرآنية النافرة يحيط بالمدرسة في الداخل والخارج

وأضاف "مردليّ": «تاريخ المدرسة يعود إلى "العهد المملوكي" وقد بناها الأمير "سيف الدين جقمق" عام /1419/ لتكون مركزاً لتعليم الكتابة العربية وكافة العلوم الأخرى، إضافة لاحتوائها على محراب للصلاة وغرفة استخدمت كمدفن لسيف الدين ووالدته».

واجهة المدرسة الجقمقية

وأشار إلى أن "المدرسة الجقمقية" تعتبر من أجمل مدارس "العهد المملوكي": «هي نموذج لفنون ذاك العصر في العمارة والزخرفة، وقد وصفها أحد المؤرخين بقوله (جاءت في غاية الحسن ليس في "دمشق" ولا "مصر" ولا أي مكان نظير لها، مخططها، تصميمها مبتكر بالإضافة إلى الجمال والإتقان في البناء وخاصة في بناء "المقرنصات" وفي حجارة الواجهات والأشرطة الكتابية والحليات المعمارية والعناصر الزخرفية التي استخدمت في كسوة الجدران الداخلية)».

ثم أضاف: «المدرسة تحمل ميزات العمارة المملوكية من حيث هندسة البناء والزخارف والتصميم كما تعد نموذجاً كاملاً من فن العمارة المملوكي حيث اعتمد تصميمها على نظام التعامد، وهي مربعة الشكل، ولهذا البناء واجهتان خارجيتان مبنيتان بالأحجار الملونة والمداميك التي تتناوب بين الأسود والأبيض والأصفر».

فن العمارة المملوكية

عن الحوادث التي مرت على "المدرسة الجقمقية"، يقول طالب الماجستير، قسم التاريخ "مأمون دعاس": «تعرضت هذه المدرسة للنهب بعد وفاة الأمير "سيف الدين"، إلا أنها بقيت مفتوحة للتدريس إلى أن دُمرت أثناء الحرب العالمية، وقد تولت مديرية الآثار والمتاحف في "سورية" ترميمها، وفي عام 1974، ثم جرى تحويل المدرسة إلى متحف للخط العربي افتتحه الرئيس السوري الراحل "حافظ الأسد"».

السيدة "عروبة الزعبي" أمينة متحف "المدرسة الجقمقية" قالت: «المتحف يضم كتابات باللغة العربية القديمة واللغات السامية "الآرامية، الأكادية، النبطية، الكنعانية" إضافة إلى كتابات مسمارية نقشت على الأحجار بخطوط عربية ونسخت بالخطين "الرقعي، الديواني».

وأضافت: «يضم المتحف أيضاً إحدى عشرة خزانة تحوي وثائق تدل على تطور الكتابة عبر العصور، وصوراً لرسائل "النبي صلى الله عليه وسلم" وشواهد قبور كشاهدة قبر أمير العرب "امرئ القيس" التي كتب عليها باللغة الآرامية وبالخط النبطي، وصوراً للقرآن الكريم مذهبة ومزخرفة، وبعض النقود الذهبية».

وحول الطابع المعماري للمدرسة يقول "أحمد قرعيش" باحث تاريخي": «تتألف المدرسة من قاعة مستطيلة الشكل تبلغ مساحتها حوالي /300/ متر ويصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار، أما مخططها فيتألف من مدخل مسقوف مؤلف من باب ودهليز منكسر يفضي إلى صحن المدرسة وهو مسقوف تحيط به أربعة أواوين وتربة تحتل الزاوية الشرقية الشمالية».

ويشير "قرعيش": «المدرسة تتميز من غيرها من المدارس بعدم وجود قبة سماوية لها، إضافة لوجود شريط مذهب من الكتابة القرآنية النافرة يحيط بالمدرسة في الداخل والخارج».