يعتبر حمام "قصر العظم" الحمام الوحيد الموجود في بيت أو قصر أو في أي مكان سكني في مدينة "دمشق" التاريخية، حيث جرت العادة عند سكان المدينة بأن يخصصوا يوماً للاستحمام في "حمام السوق" وفق برنامج خاص بكل عائلة (للرجال أوقاتهم وللنساء أوقات أخرى).

موقع eSyria توجه إلى "قصر العظم" نظراً لخصوصية هذا المكان والحمام الكائن فيه، وعنه تحدثت الأستاذ "إيليا عقاد" أحد زوار الحمام بالقول: «يعد الحمام تحفة معمارية بشكله، والداخل إليه يمكنه أن يتصور حالة الترف والرخاء التي كان يعيشها أهل القصر، فالحمام فيه من الزخارف والنقوش الموجودة على الجدران والأرضيات ما يليق بأن تكون في قاعات القصر المعدة للاستقبالات الكبرى».

الحمام خاص بـ"أسعد باشا العظم" أثناء حكمه وتوليه لـ"دمشق" في عام 1744، وهذا الحمام يختلف عن حمامات السوق، فهو حمام خاص بـ"أسعد باشا" وعائلته فقط كما هو معروف

أما السيدة "هيفين نحاس" فقد علقت: «يمكنني أن أضيف أن "قصر العظم" هو المكان السكني الوحيد في مدينة "دمشق" الذي يحوي حماماً كجزء من السكن "البيت"، وهذه ملاحظة هامة على ترف "آل العظم" الذين عاشوا في هذا البلد "عيشة الملوك"».

القاعة الخارجية

أما الشاب "ريمون عقاد" «ما لفت انتباهي القاعة الخارجية التي بدت وكأنها واحدة من قاعات القصر المهمة بزخرفتها وأثاثها ونوافذها، إضافة إلى إطلالة الحمام على باحات القصر الجميلة فهو ليس موجوداً في ركن قصي وكأنه أقل أهمية من بقية أركان القصر الرئيسية».

ويشير السيد "أسعد عماد"، مراقب قاعة في "قصر العظم": «الحمام خاص بـ"أسعد باشا العظم" أثناء حكمه وتوليه لـ"دمشق" في عام 1744، وهذا الحمام يختلف عن حمامات السوق، فهو حمام خاص بـ"أسعد باشا" وعائلته فقط كما هو معروف».

ميساء إبراهيم

لكن السيدة "ميساء إبراهيم" مديرة قصر العظم، قالت: «يضم قصر العظم حماماً مؤلفاً من ثلاثة أقسام، وهو نموذج مصغّر عن حمامات السوق العامة المنتشرة في مدينة "دمشق" والعالم الإسلامي، القسم الخارجي بمثابة "المشلح"، حيث يدخل الزائر أو المستحم ويخلع ثيابه لتسلميها إلى صاحب الحمام، ثمّ يدخل للاستحمام، مكان الاستحمام حرارته عالية جداً، لأنه قريب من مكان إيقاد النار، فإن خرج المستحم مباشرةً من منطقة الاستحمام للخارج سيتعرض للبرد أو لأزمة صحية، بسبب اختلاف درجات الحرارة الكبيرة بين القسم "البراني" والقسم "الجواني"، لهذا تم عمل قسم "وسطاني" بينهما، حيث يجلس المستحم فيه لتعديل حرارة جسمه، ويقوم خلال جلسته بتقليم أظافره وتشذيب شواربه، ثمّ يخرج لـ"البراني" لأخذ أغراضه وحاجياته والخروج من الحمام».

وتابعت عن نمط عمارته بالقول: «بني حمام أسعد باشا العظم بحجارة على نمط العمارة الإسلامية للحمامات، المأخوذة عن النمط الروماني، فالحمام الروماني مقسوم إلى ثلاثة أقسام (براني – وسطاني – جواني)، ونفس المبدأ ينطبق على الحمامات الإسلامية، وهو مغطى بقباب مغطية بكرات زجاجية نسميها "قمرية"، وهذه القمريات تسمح بمرور الضوء لكن لا تسمح بالرؤية للداخل، وشكل القبة توفّر أكبر درجة حرارة وتحافظ عليها، وتؤمن الرطوبة، وفي الحمام ممرّ داخلي ينفد مباشرة على الجواني، ممر طويل، وهناك مبرر معماري وصحّي لبناء هذا الممر (الدهليز)، السبب الأول أن الداخل مباشرة من "البراني" لـ"الجواني" يحتاج بعض الوقت للوصول للداخل، فالمستحمين في الداخل ينتبهون له بسبب لبسه لقبقاب خشبي يصدر صوتاً عندما يمشي على الأرض، الأمر الثاني الهواء الداخل من "البراني" لـ"الجواني" يسخن رويداً رويداً، فالمستحم حتى يصل للداخل يدفأ جسمه شيئاً فشيئاً، وهذا يؤمن حمام صحي للمستحم في الداخل، الدهليز الخارجي يلف من (البراني، الوسطاني، الجواني)، عند الخروج من الممر المفتوح، فعملياً هناك درجات حرارة تتناوب، وحتى الجواني له قسمين من الحرارة، واحد فوق "بيت النار" مباشرةً والثاني أبعد فحرارته أكثر اعتدال، كما أن هناك مقصورات إفرادية للحمام لمن لا يحب الاستحمام بشكل جماعي».

البراني

وأضافت عن التزينات الموجودة فيه: «هناك تزينات في الحمام، بنفس تصميم القصر، الأبلاق تراتبية الألوان، الأبلق الحجري والأبلق الزخرفي، الأبلق الحجري له تراتبية ألوان (أسود – أبيض – زهر) بحجر بازلتي أسود، فوقه حجر كلسي أبيض، فوقه حجر مزّاوي زهر أو أحمر أو مشمشي، والأبلق الزخرفي الصغير عبارة عن معجون، مؤلف من جبصين مع ألوان ترابية، يحفر من الحجر بأشكال هندسية ونباتية أو حتى كتابات، وتملأ من الملاط الملون لتعطي الشكل والتصميم، ونراه منتشراً فوق النوافذ والأبواب، في كل قاعات القصر، وحتى في الحمام نرى هذا التصميم».

وعن الظروف التي أدت إلى ترميمه وإعادة بنائه: «الحمام الذي في الداخل تعرّض للتدمير كباقي القصر جراء القصف الفرنسي على "دمشق" في عام 1925، والفرنسيون ذاتهم من رمّموه بالإضافة لمؤسسة "آغا خان"، وأصروا على عدم إعادة الأحجار القديمة له، وهذه من وحشية الاستعمار الذي دمر القاعة الكبيرة من الحمام وجزء من "السلملك"، حيث أعادوا بناءه من جديد بمواد تبين لمن يراها أنها محدّثة وفوقها حجر كلسي».

وعلقت عن أرضية الحمام: «بالنسبة لأرضية الحمام فهي من الحجر ومزخرفة وملوّنة كما بقية القاعات، زخرفة الأرضيات نسميها "المشقّف" لأنهم يضعون الأحجار بشكل غير معيّن حتى يعطي في النهاية تصميماً غير متوقّع، إن كان بالرخام أو بالحجر».