الباحث والعالم الألماني "ألفرد روست" خلال رحلته على الدراجة في عام /1930/ من ألمانيا إلى مصر، قدم إلى سورية ليستقر في مدينة "يبرود" الواقعة شمال "دمشق" بحوالي 80 كم،

ليكتشف فيها "وادي اسكفتا" إضافة إلى عدد من المغاور والقبور التي سكنها الإنسان الحجري، فتحدث في كتابه "مكتشفات مغاور يبرود" الذي أصدره عام /1950/ عن هذه الاكتشافات والتي تم إثبات العلاقة والصلة بينها مع اكتشافات أخرى مشابهة لها في أوربا "منطقة القرم".

يعتبر "وادي اسكفتا" من أهم وأشهر وديان العالم لأنه موطن أقدم إنسان عرفه التاريخ، حيث عثرت البعثات الأثرية الأمريكية والألمانية واليابانية على أهم آثار ولقى إنسان العصور الحجرية القديمة والوسطى والحديثة، من أدوات صوانية صنعها مستوطنو هذا الوادي الذين أقاموا حضارتهم الحجرية فيه، ولعل من أهم الملاجئ التي استوطنها إنسان العصور الحجرية الملجأ الأول الذي اكتشفه العالم الألماني "ألفرد روست"

الباحث "نور الدين عقيل" الذي ساهم في عمليات التنقيب المشتركة مع البعثة اليابانية في المدينة، تحدث عن هذا الوادي قائلاً: «يعتبر "وادي اسكفتا" من أهم وأشهر وديان العالم لأنه موطن أقدم إنسان عرفه التاريخ، حيث عثرت البعثات الأثرية الأمريكية والألمانية واليابانية على أهم آثار ولقى إنسان العصور الحجرية القديمة والوسطى والحديثة، من أدوات صوانية صنعها مستوطنو هذا الوادي الذين أقاموا حضارتهم الحجرية فيه، ولعل من أهم الملاجئ التي استوطنها إنسان العصور الحجرية الملجأ الأول الذي اكتشفه العالم الألماني "ألفرد روست"».

وادي اسكفتا

الاكتشافات في هذه المنطقة قال عنها: «الملاجئ المختلفة في هذه المنطقة تم اكتشافها في الأعوام /1930-1933/، وعثر فيها بعد عمليات الدراسة على خمسة وعشرين طبقة حضارية حجرية متوضعة فوق بعضها، على عمق يزيد على أحد عشر مترا وكان أهمها وأقدمها الحضارة اليبرودية الأصيلة، كما عثرت البعثات الأمريكية في الملجأين رقم أربعة ورقم خمسة على بقايا حيوانات كبيرة وصغيرة عاشت في هذه المنطقة وأهمها حيوانات وحيد القرن والأحصنة البرية والسلحفاة، أيضا تم العثور على أقدم طبعة بشرية في العالم مغروسة في طين هذا الوادي على عمق ستة أمتار تحت سطح الأرض، هذا بالإضافة إلى اكتشاف أكبر وأقدم موقد للنار في التاريخ، ما يؤكد أن الإنسان الحجري الذي سكن هذا الوادي استطاع أن ينشأ حضارة من أقدم الحضارات على وجه الكرة الأرضية».

عن القبور والمدافن التي تم اكتشافها في هذا الوادي وأضاف: «أثبتت الدراسات والأبحاث أن إنسان "يبرود" كان يؤمن بالحياة بعد الموت لذلك جهز لموتاه قبورا فخمة محمية من مختلف العوامل الطبيعية، إضافة إلى اهتمامه بحفر ونحت المقابر الجماعية خاصة لدى الأسر الأرستقراطية التي عملت على نحت مثل هذه المدافن لتضم قبور الأسرة الواحدة، أمثال هذه المدافن وغيرها تم حفرها في أعماق الصخور الصلبة داخل الجروف الصخرية في أودية "قرينة واسكفتا والمشكونة"، أيضا في مناطق عدة تمتد من وادي "قرينا وشمالي تلة القوز" حيث تم حفرها تحت سطح الأرض في صخور كلسية بيضاء».

وادي قرينا من الاودية الموجودة في يبرود

حول أهمية الاكتشافات في هذه المنطقة قال: «ساد الاعتقاد لفترة طويلة أن أقدم بقايا للإنسان الحجري تلك التي اكتشفت في فلسطين، لدى اكتشاف البعثات الأثرية لبقايا الإنسان الحجري في "وادي اسكفتا" اعتقدت تلك البعثات في بادئ الأمر أن هذه البقايا تعود للإنسان الذي سكن تلك المنطقة، وأنه استقر في الوادي بعدما وجد مقومات الحياة الأساسية من ماء وتربة خصبة وجبال يستطيع من خلالها تأمين معيشته والاحتماء من الحيوانات المفترسة، بعد إجراء البحوث والدراسات على البقايا المكتشفة في "وادي اسكفتا" تبين للباحثين وجود اختلاف واضح في الشكل الخارجي للإنسان الذي سكن في منطقة فلسطين والإنسان الذي سكن الوادي في مدينة "يبرود"، ما زال الوادي إلى الآن موضع دراسة وبحث مستمرين، كما أنه بقي محافظاً على رونقه وجمال محيطه على الرغم من كونه أقدم واد في التاريخ، حيث لا تزال العائلات من مختلف المناطق ترتاد هذا الوادي للتمتع بعبق التاريخ وروعة الطبيعة».

تجدر الإشارة إلى أن مدينة "يبرود" تقع شمال العاصمة "دمشق" بـ80 كم، بين أحضان "جبال القلمون" المتاخمة لجبال لبنان الشرقية، والمحاطة من أغلب جهاتها بجبال شاهقة تعلو رؤوسها تيجان صخرية تكاد تنفرد بها المدينة وضواحيها، "يبرود" كلمة آرامية ورد ذكرها في كتابات الرقم الفخارية في بلاد مابين النهرين، وذكر اسم "يبرود" في كتاب البلدان الذي وضعه الجغرافي اليوناني "بطليموس القلوذي" الذي عاش في القرن الثاني للميلاد، على ضوء تلك الاكتشافات التي قام بها الباحث الألماني "ألفرد روست"، قدمت بعثة أمريكية إلى المنطقة في العام /1965/ تضم باحثين من جامعة "كولومبيا في نيويورك" برئاسة البروفسور "رالف سوليكي"، الذي عاد مجددا في عام /1978/ ليكتشف بقايا الإنسان اليبرودي والذي اعتبر من أقدم من سكن الأرض وأقام الحضارة فيها، في مطلع التسعينيات زارت بعثة علمية يابانية مدينة "يبرود" لمتابعة عمليات التنقيب والدراسة.

من المغاور الصخرية المكتشفة