قدّم الباحثون المشاركون في المؤتمر الدولي حول الحمّامات التقليديّة في حوض البحر الأبيض المتوسط، والذي انعقد في "دمشق" على مدى أربعة أيام بين 13 و16/7/2008، قدّموا رؤية شاملة لحمّامات "دمشق" التاريخية عبر تسعة أبحاث من أصل أربعين مشاركة لباحثين من دولٍ أروبية ومتوسطية.

العناوين الرئيسية للأبحاث: "نقاط أساسية حول التغيرات الأساسية في حمام "أمّونة" بين /2005-2008/ د. "رلى أبو خاطر" و"عائشة درويش"- جامعة دمشق"، "الحمامات الدمشقية: عوالم من الترفيه والتسلية/ "مهند مبيضين"- جامعة "فيلاديلفيا"- الأردن"، "الحمام في بلاد الشام ومنطقة البحر الأبيض المتوسط مقاربة تاريخية/ د. "سراب أتاسي"- المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأدنى"، "المؤثرات المحليّة على عمارة الحمّامات في "دمشق وصنعاء"/ د. "موفق دغمان"- جامعة دمشق"، "دارسة مقارنة عن حمّامات سورية في الفترة العثمانيّة بالاعتماد على وثائق المحاكم الشرعيّة "بدمشق وحلب وحماه" (القرن الثامن عشر)/ "بريجيت مارينو"- المركز الوطني للبحث العلمي-إكس أون بروفنس- فرنسا"، "حمامات "دمشق"- دراسات تحليلة/ "وائل الحسينط"- مدير المباني التاريخية في المديرية العامة للآثار والمتاحف، و"ندى قصيباتي" – جامعة دمشق"، "حمام القرماني: التحدي من أجل البقاء/ "لؤي مملوك"- جامعة دمشق"، "التعاون من أجل برنامج تطوير دمشق القديمة / "ريجينا كولماير" مديرة مشروع إحياء مدينة "دمشق" القديمةGTZ "، "سيلان المياه في مدينة دمشق/ "عبد الرحمن النعسان"- المركز الاستشاري للعمارة والإنشاء- دمشق".

يعود هذا الحمام إلى الفترة العثمانية– القرن السابع عشر، بناه الأمير "محمد القرماني" ودفن في ضريحٍ ملاصقٍ له، بعض الوثائق تشير إلى أن هذا الحمام يعود إلى الفترة المملوكية خاصة أن آثاراً تعود إلى نفس الفترة تم اكتشافها في المنطقة الجنوبية له، إلا أّن شكله العمراني عثماني. حمام "القرماني" هو أكبر حمّامات "دمشق" مساحة حيث تصل مساحته على (500) متر مربع، ويعتبر من أول الحمّامات التي اعتمدت على مادة المازوت كوقود في سبعينيات القرن الماضي، ويتميز بوجود بئر مياه خاص ملحق به، تضرر القسم الخدمي الملحق به بفعل عمليات هدم منطقة السوق المحيطة به، إلا أن محافظة "دمشق" أنهت ترميم هذا القسم، والحمّام صالح بشكلٍ تام للاستخدام إلا أنه عانى من هدم سوقي "القرماني والعتيق" وما يعرف تاريخياً بسوق "التبن" لأن نشاطه الاقتصادي يعتمد بشكلٍ أساسي على زبائن هذه الأسواق، إلا أنه يمكن الاستفادة من موقعه الهام على تقاطع شارعين من أهم شوارع "دمشق": شارع "الثورة" على المحور الشمالي الجنوبي، وشارع "القوتلي" على محور شرق غرب، مما أثار شهية الباحثين لتقديم العديد من الدراسات حول الشكل العمراني والوظيفي للمنطقة المحيطة به، وقد قدّمت في معظمها من كلية الهندسة المعمارية بجامعة "دمشق".. ينظر إلى هذا الحمّام اليوم من زوايا مختلفة لأهمية موقعه الجغرافي وقيمته التاريخية، وأعتقد أنه سيتم الاستفادة من هذه القيمة بشكلٍ جيد في الأيام القادمة..

eSyria واكبت جلسات المؤتمر، وتحدثت مع عددٍ من الباحثين السوريين المشاركين فيه حول مجمل مشاركاتهم: د. "رلى أبو خاطر" من كلية الهندسة المعمارية بجامعة "دمشق"، والمعهد الفرنسي للشرق الأدنى (IFPO) تحدثت لنا عن محاضرتها الثانية "التحليل المكاني لنماذج من الحمامات في منطقة البحر المتوسط" قائلة: «تناولت في المحاضرة النسيج العمراني والفراغ الداخلي للحمّام، وكيفية توزع هذا الفراغ بشكل يتلاءم مع احتياجات المجتمع الذي يخدّمه، الحمّامات موجودة بشكلٍ عام على مقربةٍ من المساجد والأحياء السكنية، أو بجانب الخانات أو الأسواق الرئيسية، أو على طريق قوافل الحجاج وأبواب المدن بحيث تخدم القادمين من السفر، وفي تركيا تأخذ شكل المجمعات كنموذج "التكايا"، وهناك علاقة بين موقع الحمّام والفراغ الخارجي المحيط به، وهو غالباً ما يكون متواضعاً ومختفياً ضمن النسيج العمراني للحي أو السوق، وعلى هذا الأساس تأخذ واجهته شكلها وفقاً للوظائف التي تؤديها المباني المحيطة به، ويدخل إليه بشكلٍ عام من باب متواضع بدون نوافذ خارجية باعتباره يعتمد في الإضَاءة من الأعلى بواسطة القباب ذات الفتحات الزجاجية، أما بالنسبة لداخل الحمام فهناك منطق يحكم فراغه الداخلي المؤلف بشكلٍ أساسي من "الجواني والوسطاني والبراني"، بالإضافة إلى قسم الخدمة، وقد أخذ بعين الاعتبار الوظائف التي يؤديها كل قسم فمقصورات "الجواني" المعد للاستحمام غالباً ما يكون الدخول إليها من زوايا أو انحناءات لا تكشف الشخص المستحم بداخل المقصورة مما يؤمن له الخصوصية، في حين أن "الوسطاني والبراني" تم تصميمهما في كل الحمّامات، بحيث تكون معدّة للتواصل بين المستحمين مما يحقق وظيفة اجتماعية أساسية هي من أهم وظائف الحمام، ووصلت في هذه الدارسة إلى نتيجةٍ مفادها أن التصميم العمراني للحمّامات التقليدية يعبر عن فكرٍ مبدع لكونه يتأقلم مع المحيط العمراني الخارجي، والفراغات الداخلية التي تؤمن الاحتياجات لاجتماعية للمستخدم..».

د. رلى أبو خاطر

د. "موفق دغمان"- كلية الهندسة المعمارية– جامعة "دمشق" لخص لنا ما يتعلق بحمّامات "دمشق" من مجمل البحث الذي قدّمه عن التأثيرات المحلية على عمارة الحمّامات بقوله: «يعود تاريخ حمامات "دمشق" إلى فترات قديمةٍ جداً من عمر هذه المدينة العريقة، وهي مرتبطة بصورةٍ رئيسية بموضوع ثقافة المياه "بدمشق"، والشيء اللافت للانتباه عدد الحمامات الموجودة في هذه المدينة في بداية العصور الإسلامية والتي وصلت إلى (150) حماماً داخل الأسوار وخارجها، وما يميز حمامات "دمشق" أنها أخذت بعين الاعتبار مجموعة من المقومات الثقافية والبيئية والمعمارية التي جعلت منها أقرب إلى التحف خاصة في الفترة العثمانية التي شهدت فيها الحمامات عملياتٍ تزينية في غاية الإبداع، ومن الناحية العمرانية ارتبط وجود الحمّامات الدمشقية بمناطق تواجد المياه الجارية، فمخطط تموضع الحمامات مطابق تماماً لمخطط توزع أقنية المياه في مدينة "دمشق".. أهم ما في هذا المؤتمر والأبحاث المقدّمة فيه تسليط الضوء على هذه الحمّامات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها، وهذا يتطلب دراسة لملكيتها بالدرجة الأولى، وتحسين القوانين التي تساعد على تحفيز عمليات الترميم، وإعادة الحمّامات إلى نشاطها التقليدي، مع ضرورة معالجة مشكلة نقص المياه التي تعاني منها مدينة "دمشق"، وتقديم اقتراحات تقنية بخصوص تخفيف هدر المياه في الحمامات، وتأمين تكنولوجيا نظيفة للتشغيل تضمن عدم إلحاق الضرر بالبيئة المحيطة.. الأمر يتطلب المزيد من الوعي وتضافر الجهات الرسمية وهيئات المجتمع المحلي والتي تعتبر المستفيد الأكبر من إعادة النشاط لهذه الحمّامات بما لها من وظائف اجتماعية، بالإضافة إلى قيمتها التاريخية والثقافية، فضلاً عن كونها نشاطاً اقتصادياً تستفيد منه العديد من العائلات الدمشقية..»

"لؤي مملوك"- طالب ماجستير في كلية الهندسة المعمارية بجامعة "دمشق" تحدّث لنا عن أهمية "حمام القرماني" وواقعة الحالي، باعتباره قدّم للمؤتمر بحثاً بعنوان"حمّام القرماني: التحدي من أجل البقاء"، يمثل دراسة شاملة لواقع هذا الحمّام بعد هدم المنطقة المحيطة به حيث قال لنا: «يعود هذا الحمام إلى الفترة العثمانية– القرن السابع عشر، بناه الأمير "محمد القرماني" ودفن في ضريحٍ ملاصقٍ له، بعض الوثائق تشير إلى أن هذا الحمام يعود إلى الفترة المملوكية خاصة أن آثاراً تعود إلى نفس الفترة تم اكتشافها في المنطقة الجنوبية له، إلا أّن شكله العمراني عثماني. حمام "القرماني" هو أكبر حمّامات "دمشق" مساحة حيث تصل مساحته على (500) متر مربع، ويعتبر من أول الحمّامات التي اعتمدت على مادة المازوت كوقود في سبعينيات القرن الماضي، ويتميز بوجود بئر مياه خاص ملحق به، تضرر القسم الخدمي الملحق به بفعل عمليات هدم منطقة السوق المحيطة به، إلا أن محافظة "دمشق" أنهت ترميم هذا القسم، والحمّام صالح بشكلٍ تام للاستخدام إلا أنه عانى من هدم سوقي "القرماني والعتيق" وما يعرف تاريخياً بسوق "التبن" لأن نشاطه الاقتصادي يعتمد بشكلٍ أساسي على زبائن هذه الأسواق، إلا أنه يمكن الاستفادة من موقعه الهام على تقاطع شارعين من أهم شوارع "دمشق": شارع "الثورة" على المحور الشمالي الجنوبي، وشارع "القوتلي" على محور شرق غرب، مما أثار شهية الباحثين لتقديم العديد من الدراسات حول الشكل العمراني والوظيفي للمنطقة المحيطة به، وقد قدّمت في معظمها من كلية الهندسة المعمارية بجامعة "دمشق".. ينظر إلى هذا الحمّام اليوم من زوايا مختلفة لأهمية موقعه الجغرافي وقيمته التاريخية، وأعتقد أنه سيتم الاستفادة من هذه القيمة بشكلٍ جيد في الأيام القادمة..».

د. موفق دغمان

أربعة أيام.. تسع جلسات للمؤتمر الدولي حول الحمامات التقليدية في البحر الأبيض المتوسط، حللت الحمّام كظاهرة اجتماعية وعمرانية وإرثٍ ثقافي ونشاط اقتصادي، تمت مواكبتها بشكلٍ كامل لتكون الأبحاث المقدمة في المؤتمر منطلقاً لمواد قادمة ستتناول هذه الظاهرة، ولجولاتٍ ستنفذ في حمامات "دمشق" التاريخية بوصفها جزءاً من التراث الثقافي والمجتمعي لهذه المدينة العريقة.

لؤي مملوك