لا يجد كثيرون من الناس الوقت للجلوس في المقهى وتناول فنجان القهوة أو كأس الشاي، فيجدون غايتهم أثناء تنقلهم من مكان إلى آخر من خلال "بسطات الشاي" المنتشرة في أنحاء المدينة.

مدونة وطن "eSyria" وأثناء جولتها في سوق "الحميدية" التقت بتاريخ 31 تشرين الأول 2014، الشاب "أحمد السعدي" صاحب بسطة متنقلة لبيع المشروبات، ويقول: «أصبحت بسطاتنا معروفة خاصة لدى سائقي "السرافيس" وأصحاب المحال، وأنا أبيع في هذه "البسطة" العديد من المشروبات الساخنة، وأهمها: "القهوة"، و"الشاي"، و"النسكافيه"، أو "الكابتشينو"، وهذا المشروب أغلى سعراً من غيره فسعره 50 ليرة سورية، أما "الشاي" أو "القهوة" فأبيعها بسعر 25 ليرة سورية، ولكل نوع من هذه المشروبات علبته المخصصة».

أخرج إلى العمل منذ الصباح الباكر، وخلال الأعوام الأخيرة تعودت أن أبدأ يومي بكأس من القهوة الخالية من السكر، أقوم بشرائه من بسطة تنوجد دائماً في "البرامكة"، وأحياناً أقف عنده ونتبادل أطراف الحديث قبل أن يأتي أحد الزبائن

ويضيف: «أقوم بتسخين الماء في المنزل ووضعه في براد حافظ للماء الساخن، وأحمل العلب التي تحتوي على الأنواع المختلفة من المشروبات، وأثناء سيري في الشارع أطلق صيحات معلناً عن وصولي، وأتفنن في حمل تلك الأكواب بطريقة ماهرة اكتسبتها من خلال سنوات عملي في هذه المهنة، واستطعت من خلال هذه "البسطة" تكوين مصدر رزق لي طوال السنة، فمن خلالها أقوم بتأمين معظم ما يحتاجه منزلي، ويعد الدخل المادي الناتج من الزبائن الدائمين هو المربح، أما ما يأتي من زبائن المصادفة هو رأس المال، وهذا يخالف جميع المهن، فأغلب المهن تعتمد على الزبائن الدائمين لتأمين رأس المال، وما دون ذلك فهو مربح، في حين البسطات تعمل عكس هذه القاعدة».

أحد الباعة المتجولين

ويشير السيد "وائل العبيد" صاحب بسطة على أوتستراد "المزة" بالقول: «تحولت العديد من أرصفة المدينة إلى بسطات متواضعة في تركيبتها ومحتوياتها، حيث قمت باختيار مكان وقوف استراتيجي من حيث عدد السيارات والمارة، وتواجد عدد من الدوائر الرسمية التي تتطلب انتظار بعض المواطنين لانتهاء معاملاتهم، وهو ما يدفعهم لشرب كأس من "الشاي"، حيث بات عدد كبير من الباعة يحتلون شوارع المدينة ويتمركزون في أماكن الحركة والضجيج لتصريف ما بجعبتهم من المشروبات».

ويتابع: «تعد هذه المهنة من أقل المهن التي تتطلب رأس مال، فهي لا تحتاج سوى لمبلغ مادي صغير لدخول هذا السوق، لكن في الجانب الآخر تتطلب المزيد من التعب والمشقة، فهناك الباعة المتجولون يطوفون في قلب المدينة بحثاً عن الزبائن لقاء مبلغ مادي يتكفل بتأمين الأمور الحياتية، كما أن وجودي في هذا المكان الثابت منذ سنين كوّن لديّ العديد من العلاقات الاجتماعية الإيجابية مع أصحاب محال السوق، ومع أغلب سائقي خط "السرفيس" ومع بعض سائقي "التكسي" الذين إذا أتوا بطلب إلى السوق لا بد أن يأتوا إليّ لشرب "الشاي"».

البرادات المتنوعة للمشروب

"مجدي العلي" سائق تكسي في "دمشق" يقول: «أخرج إلى العمل منذ الصباح الباكر، وخلال الأعوام الأخيرة تعودت أن أبدأ يومي بكأس من القهوة الخالية من السكر، أقوم بشرائه من بسطة تنوجد دائماً في "البرامكة"، وأحياناً أقف عنده ونتبادل أطراف الحديث قبل أن يأتي أحد الزبائن».

"طارق البدري" طالب جامعي يقول: «أعتبر أن "البسطة" الموجودة أمام كلية الاقتصاد تحقق غايتي خاصة عندما أكون متأخراً عن الدوام، فهي تجعلني أشرب "القهوة" وأنا أنتظر "الباص"، وبهذا أكون قد اختصرت الوقت، فمنظر البسطات المتواضعة وأكواب شاي وقهوة فارغة وماء يغلي وبخار يتصاعد، وأوراق النعناع والمريمية تفوح عطرها في المكان، وأصوات الباعة تتعالى للبحث عن زبون يرتشف كوباً من الشاي أو فنجاناً من القهوة، استطاعت أن تساعد أصحابها في توفير مستلزمات الحياة الصعبة».

الباحثة الاجتماعية "علا عثمان" عن هذه المهنة تقول: «لا يختلف اثنان على أن "الشاي" و"القهوة" المشروبان المفضلان لدى أصحاب السيارات وأصحاب العربات والمحال في الأسواق الشعبية، ولعل بائعي السوق من "بسطات" وعربات ممن يتواجدون في أسواق الخضرة والأسواق الشعبية ليقتاتوا ليومهم هم أكثر ولعاً لاحتساء "الشاي" و"القهوة"، لذلك فإن بسطات الشاي تنتشر بكثرة لتلبية حاجة أولئك العمال، كما أن تلك المقاهي المتحركة توفر لهم "الشاي" بأسعار مناسبة جداً تتناسب ودخلهم اليومي».