من أعرق الأسواق التجارية، ولاتزال تحافظ على طابعها التراثي، وفي جولة بين أروقتها تجعلك تشعر بأنك تدخل إلى حكاية سورية في كتاب تاريخي.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 23 آب 2014، عدداً من أسواق المدينة القديمة التي تمتاز بسقوفها المعدنية المقنطرة والمحدبة والهرمية، وتنتشر فيها الصناعات اليدوية المتوارثة، والحرف الشعبية القديمة، والتقت الحاج "فريد شعبان" في سوق "الصوف"، ويقول: «أخذت بعض هذه الأسواق اسمها من المهنة التي يشتغل بها، مثل: سوق "الحدادين"، وسوق "الخياطين"، أو المنتج الذي يباع فيه كسوق "الحرير"، أو على اسم أحد ولاة "دمشق" كسوق "مدحت باشا"، وسوق "مردم بك"، ولفتت هذه الأسواق أنظار السائح العربي والأجنبي على حد سواء».

أخذت بعض هذه الأسواق اسمها من المهنة التي يشتغل بها، مثل: سوق "الحدادين"، وسوق "الخياطين"، أو المنتج الذي يباع فيه كسوق "الحرير"، أو على اسم أحد ولاة "دمشق" كسوق "مدحت باشا"، وسوق "مردم بك"، ولفتت هذه الأسواق أنظار السائح العربي والأجنبي على حد سواء

ويضيف: «يتفرع عن سوق "الحميدية" أسواق كثيرة تزيد على العشرين سوقاً، وتاريخياً عرف كل منها باسم يعود إلى تخصص السوق، مثل: سوق "السروجية" وفيه يصنع السروج، وسوق "الصاغة" الذي كان يطلق عليه اسم سوق "القوافين"، وكانت تباع فيه الأحذية قبل أن يختص ببيع الذهب فيما بعد، وسوق "المناخلية" المتخصص ببيع المناخل ويعود إلى العهد المملوكي، وسوق "العصرونية" المتخصص ببيع مستلزمات البيوت والمطابخ ولذلك تكثر فيه النساء، وسوق "الجزماتية" حيث تباع الجزمات، سوق "العرائس" حيث يباع كل ما تحتاجه العروس قبل زفافها، وسوق "القباقبية" وفيه تصنع القباقيب، إضافة إلى سوق "الحرير"، سوق "الصوف"، سوق "القطن"، وسوق "الخياطين" وغيرها».

أحد الأسواق المتفرعة من أسواق دمشق القديمة

أما الباحث التاريخي "محمد الفياض" فيقول عن تلك الأسواق: «يعد سوق "الحميدية" من أشهر أسواق "دمشق القديمة"، ويعود بناؤه إلى العهد الآرامي، ولقبه القديس بولس بـ"الشارع الطويل"، وكان اسمه في السابق سوق "الأروام" أو "اليونان"، ثم أطلق عليه اسم سوق "الحميدية" نسبة إلى السلطان "عبد الحميد الأول"، وقد بني السوق على مرحلتين، وأخذ شكله الحالي عام 1780، وتباع فيه منذ القدم كل أصناف البضائع، وأهمها: الصناعات التراثية؛ كالنحاسيات والموزاييك والمصدفات، والتحف والتراثيات، والذهب، والأقمشة الحريرية والقطنية، والمطرزات، والمفروشات، والسجاد، والألبسة».

ويضيف: «ومن الأسواق المشهورة أيضاً في دمشق: "سوق مدحت باشا"، وسمي بـ"السوق الطويل"، وأخذ هذا السوق اسمه نسبة إلى والي "دمشق" "مدحت باشا" الذي بني في عهده في عام 1878، واشتهر السوق عبر التاريخ ببيعه للصناعات النسيجية والأقمشة الحريرية، وكذلك محلات صنع وبيع النحاسيات والموزاييك والمصدفات، ومحلات بيع القهوة والبن والمكسرات، ومحلات العطارة والأعشاب والسيوف».

الباحث محمد الفياض

ويتابع: «يحاذي سوق "مدحت باشا" شمالاً سوق "الحريقة" الذي عرف سابقاً بسوق "سيدي عامود" نسبة إلى الوالي "سيدي أحمد عامود" الذي كان مدفوناً فيه، وهناك سوق "نصري" ويعرف أيضاً بسوق "الطرابيش"، ويتميز هذا السوق بتنوع اختصاصات متاجره، إذ تباع عند بدايته من جهة سوق "الحميدية" الملبوسات النسائية الداخلية العرائسية، تليها في العمق متاجر الخياطين والأجواخ، ثم حوانيت لوازم الحلاقين ثم ألعاب الأطفال، وعند نهايته نرى محلات مواقد الطبخ المعروفة بـ"بوابير الكاز"، أما سوق "العصرونية" فتسميته جاءت نسبة إلى المدرسة "العصرونية" القريبة منه، ومن الطريف أن البضائع التي تباع فيه من أدوات منزلية ومطبخية أصبحت معروفة في زمننا هذا باسم أدوات العصرونية، وهناك سوق "المسكية"، وهو سوق صغير مكشوف يحتل حالياً منطقة معبد "جوبيتر الدمشقي"، وتباع فيه الكتب بأنواعها الجديدة والقديمة التي يغلب عليها الطابع الديني».

ومن الناحية الآثارية أوضح الآثاري "عقبة معن" أن الأسواق القديمة في "دمشق" تتميز بوجود العديد من الأماكن والمواقع والبيوت القديمة التي يمكن زيارتها مع التسوق فيها، ويقول: «من هذه الأماكن "مكتب عنبر" وبيوت "نظام" و"السباعي"، وغيرها من البيوت الدمشقية العريقة، والجامع "الأموي"، و"قصر العظم"، و"قلعة دمشق" ومتحف "الخط العربي"، ومعبد "جوبيتر الدمشقي"، وحمام "نور الدين الشهيد"، والمكتبة "الظاهرية"، و"مقهى النوفرة"، ومتحف "التقاليد الشعبية"، ولا ننسى الكنائس الأثرية مثل كنيسة "حناينا" التي تعود إلى العهد البيزنطي، والكنيسة "المريمية"».

سوق الذراع