الصناعات والمهن اليدوية في سورية ترتبط بصورة رئيسية بالعادات والتقاليد التي تتنوع وتختلف عبر المحافظات، ورغم التقدم الصناعي وتوافر البدائل الحديثة إلا أن هذه الصناعات حافظت على وجودها لسبب بسيط هو أن زبائنها لا يزالون يرغبون باقتنائها.

ومن هذه المهن المعروفة في "دمشق" صناعة قوالب المعمول والحلويات الدمشقية المشهورة في بيوت العاصمة، فهذه المهنة التي تنتشر في عدد من أسواق "دمشق"، ولا سيما في "مدحت باشا" لا تزال إلى اليوم الخيار الأول لربة المنزل لمتانتها وحرفية اليد العاملة القائمة على تصنيعها.

معظم رواد وزبائن السوق من العائلات الدمشقية التي تقتني قوالب المعمول الخشبية رغم توافر البدائل من الستانلس أو البلاستيك، وأعتقد أن ارتباط العائلات بماضيها وتراثها يدفعها لشراء ما يذكرها بهذا الماضي ويعيده إلى الأذهان

ولمزيد من الإيضاحات قال "مأمون لبوس" أحد صناع قوالب المعمول في "دمشق" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 2/8/2013: «تعتبر صناعة قوالب المعمول من الصناعات الموغلة في القدم بمدينة "دمشق"، وهي لا تزال في معظمها تحافظ على الأساليب البسيطة في الصناعة والتي تعتمد على مهارة العاملين وحرفيتهم بالدرجة الأولى، مع الاستعانة مؤخراً ببعض الآلات ولا سيما المخرطة لإضافة أشكال جديدة، واختصار الجهد والوقت».

صناعة دمشقية عريقة.jpg

ويلاحظ الزائر إلى سوق "مدحت باشا" تنوع أشكال قوالب المعمول المعروضة في المحلات المرصوفة على جانبي الطريق، حيث يضم السوق مجموعة كبيرة من المحلات والورش في الوقت ذاته، وحيث يعرض ما تنتجه الورش على واجهة المحلات لجذب الزبائن.

ويتحدث "لبوس" عن أساليب صناعة قوالب المعمول بقوله: «تعتمد صناعة قوالب المعمول على ناحيتين الأولى في تأمين المادة الأولية وهي الخشب الملائم لهذه الصناعة الذي يجب أن يكون قوياً ومتيناً وغالباً ما يكون من الزان أو المشمش أو الجوز، والناحية الثانية في مهارة العاملين لاخراج الشكل المطلوب بطريقة مميزة».

انتاج الورش في مدحت باشا.jpg

ويضيف: «يتم العمل بداية على تحويل الخشب للشكل المطلوب، ومن ثم معالجته حتى لا يتشقق، وبعد ذلك يتم الحفر عليه بواسطة الماكينة الخاصة "المخرطة"، أو يدوياً لتحديد الشكل النهائي للقالب، ويراعى أن يكون متيناً وصلباً حتى يتحمل الضربات والصدمات ولا يتعرض للكسر».

ويبين "لبوس" أنه "يقوم بتصنيع كافة أنواع وأشكال القوالب المستخدمة في صناعة المعمول والحلويات الدمشقية بصفة عامة مثل "الشوبك"، وحمالات الورق الخشبية، إضافة إلى بعض لوازم المطبخ كجرن الثوم، وجرن الكبة".

اشكال متعددة .jpg

ويؤكد أن «معظم رواد وزبائن السوق من العائلات الدمشقية التي تقتني قوالب المعمول الخشبية رغم توافر البدائل من الستانلس أو البلاستيك، وأعتقد أن ارتباط العائلات بماضيها وتراثها يدفعها لشراء ما يذكرها بهذا الماضي ويعيده إلى الأذهان».

السيدة "سكينة عثمان" من سكان "حي القنوات" تقول في حديثها معنا: «اعداد المعمول والحلويات من الطقوس الرئيسية في منزلنا ولا سيما في فترة الأعياد والمناسبات، ولهذه الغاية أقوم بصورة دائمة بزيارة سوق "مدحت باشا" للاطلاع على الأشكال الجديدة من القوالب وشراء بعض منها، ولدي حالياً مجموعة متميزة من هذه القوالب عمر بعضها أكثر من خمسين عاماً، وهي لا تزال تحافظ على متانتها وقوتها، لأن صناعها عملوا بحرفية واتقان».