عادة محببة نراها كل ليلة حين نشاهد زوارا مألوفين يترددون إلى مكان يحبه الجميع ويقصدونه من مختلف المناطق.

حين دخلنا إلى ذلك المكان التقينا أشخاصاً من شرائح مختلفة، وكان لكل منهم حكايته الشيقة التي قالها عن أسباب زيارته لهذا المكان الذي هو "حدائق التجارة".

أنا آتي إلى هذا المكان بين فترة وأخرى هرباً من غابات الاسمنت، وكثيراً ماأصطحب ابني كي يلعب في مساحات ليست متوفرة في أماكن سكننا، ومع الوقت أصبحت "حديقة التجارة" بشكلها الحالي المتطور ملاذاً آمناً للعين والروح، إضافة إلى أن الحديقة هي مكان آمن جداً لطفلي ولكل الأطفال الذين يأتون مع أسرهم

هي ليست حديقة، ومن يزورها يتخيل إليه أنها مجموعة حدائق استطاعت من خلال مساحاتها الخضراء والنوافير الكثيرة المتواجدة فيها، وبركة الماء ذات الشكل المميز التي تحيط بها ضمن مساحة كبيرة، وسيعرف الزائر حال التجول في أرجائها أهمية الجمال الذي يراه على كل المساحة التي تشكلها من كل جانب.

جانب من الزائرين

موقع "eDamascus" تجول في الحديقة بتاريخ 18/10/2011 التقى الشاب "الياس سابا" الذي تحدث عن جولته فقال: «أنا من سكان حي "برج الروس" وأتردد إلى حديقة التجارة للقيام بالسير الرياضي في أنحاء المنطقة وأحب أن أقوم بذلك بالدخول أيضاً إلى الحديقة لمتابعة التمرين وللترفيه بعد الاستراحة، ويرجع اختياري إلى هذه المنطقة نظراً لتمتعها بجو لطيف وهادىء، فالتنزه في الحدائق له فوائد صحية كثيرة تتراوح مابين خفض الضغط النفسي وتحسين الأداء العقلي وزيادة الحيوية والنشاط عند الإنسان»

أصبحت أعداد الناس تتزايد للقدوم إلى هذه الحديقة يوماً بعد يوم وصار أمراً مألوفاً لكل من يزورها أن يرى فئات عمرية مختلفة بدءاً من الصغار وأمهاتهم وانتهاء بكبار السن الذين يجلسون ويتمتعون بمشاهدة الحركة ولعب الصغار.

الأولاد يلعبون

لاحظنا أن الكثير من الشابات والشبان يقومون بجولاتهم في في المساء ، وتوقفنا مع الآنسة "ريما معلولي" وهي من سكان الحي فقالت: «منذ أن كان عمري عشر سنوات أقوم بالتجوال حول الحديقة مع صديقاتي مرة على الأقل في الأسبوع الواحد ومن أكثر الأشياء التي كانت دائماً تدفعني للقيام بهذه الجولة أن الحديقة أصبحت مفتوحة لساعات أطول، وكل طرقات حي التجارة الموجودة حول الحديقة باتت مضاءة مما يبعث روح المتعة والأطمئنان في نفوس الشابات».

وتعتبرالحدائق الرئات التي تتنفس من خلالها المدن ومكان يتمتع به الناس ويرفهون فيه عن أنفسهم، ففي حديث مع السيد "محمد خلف" الذي كان يقوم من حين إلى آخر بنزهة مع عائلته في حديقة التجارة تحدث بالقول: «أزور الحديقة مع عائلتي كل أسبوع تقريباً للتخفيف من متاعب العمل ومشاق الحياة ، حيث نضع بساطا ونجلس تحت شجرة ما أو على المرج الأخضر، ونترك العنان للأولاد للتحرك بحرية أمامنا للّعب مع أقرانهم في هذه الطبيعة المنظمة والهادئة، وكثيراً مايحثنا الصغار كل أسبوع على العودة لملاقاة أصدقائهم الذين تعرفوا بهم في الحديقة، والغريب أننا أصبحنا نحن أيضاً نلتقي أصدقاء يأتون كل أسبوع إلى المكان، فصار ذلك حافزاً إضافياً للقدوم. أنا أتمنى أن يزور هذه الحديقة كل من لم يسمع بها لأنها تمنح الراحة والاسترخاء بعد تعب طويل على مدى الأسبوع».

زاوية ثانية من الحديقة

السيدة "أروى غندور" كانت بصحبة ابنها "راي" الذي كان يلعب بكرته الصغيرة مع طفل آخر قالت: «أنا آتي إلى هذا المكان بين فترة وأخرى هرباً من غابات الاسمنت، وكثيراً ماأصطحب ابني كي يلعب في مساحات ليست متوفرة في أماكن سكننا، ومع الوقت أصبحت "حديقة التجارة" بشكلها الحالي المتطور ملاذاً آمناً للعين والروح، إضافة إلى أن الحديقة هي مكان آمن جداً لطفلي ولكل الأطفال الذين يأتون مع أسرهم».

قامت بلديات مديرية "دمشق" في السنوات الأخيرة بتنظم إنارة جميع الحدائق إلى جانب قص الأشجار بطريقة متناسبة نظراً لأهمية الحدائق في تلطيف وتنقية الجو، و ترشح الهواء من الأتربة العالقة والغازات الضارة، وحديقة التجارة واحدة من أهم هذه الحدائق التي باتت تستقطب الكثير من المواطنين .

السيدة "هدى المغربي" كانت من بين المتواجدين في الحديقة وحين سألناها عن سبب قدومها قالت: «أنا من محبي هذه الحديقة، وآتي إلى هنا كلما سنحت لي الفرصة للسير لتنشيط عضلة القلب والدورة الدموية لأن التقدم بالعمر يجعلك تحتاج لهذا، وعندما أرى الشبان والشابات يقومون بالتجوال حول الحديقة أستعيد ذكرياتي التي ترجعني إلى أيام شبابي عندما كنا نقوم بالتنزه في أحياء دمشق القديمة ونذهب إلى "حديقة السبكي" التي مازالت معروفة حتى الآن بجمالها أيضاً رغم مساحتها الصغيرة مقارنة مع "حديقة التجارة"، وأنا أرى أن الحدائق تساهم بقدر كبير في توطيد الروابط الاجتماعية بين الناس حيث يلتقون ويتعرفون من خلالها على بعضهم البعض».

من الجدير بالذكر أن حي التجارة يقع شرقي دمشق وشمال المدينة القديمة ويعتبر من الأحياء والمعالم المعروفة ، وأما الحديقة فهي تقع بالقرب من كورنيش التجارة ، على مساحة قدرها 26 ألف متر مربع.