تمثّل مادة الدراسات الاجتماعية ميداناً مهماً من الميادين الأساسية في منهاج التعليم الأساسي، فهي مادة تهتمّ ببناء الإنسان وقدراته الذاتية، وتطويرها يعدّ ضرورة ملحة لمواكبة المتغيرات العالمية المتسارعة في قطاع التعليم والارتقاء بالمستوى التعليمي، إلا أن التطوير والتغيير الحالي هو تطوير مثير للجدل؛ لأنه تغيير جذري في بنية المنهاج، ويشمل الكتاب المدرسي من الصف الأول حتى الصف السادس.

للحديث عن تغيير وتطوير مادة الدراسات الاجتماعية، التقت مدونة وطن "eSyria" الدكتور "دارم الطباع" مدير "المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية" بتاريخ 7 آب 2017، الذي قال: «إن التغيير في ماد الدراسات الاجتماعية ضرورة تربوية تهدف إلى بناء جيل متجانس اجتماعياً وثقافياً وفكرياً، ويحقق أسس المواطنة وفق قيم تربوية تعزز لدى المتعلم ثقافة اتباع النهج العلمي في تحليل المشكلات ووضع الاستنتاجات التي تقود إلى بناء القيم الصحيحة للمجتمع».

في الوقت الحالي يتم الإعداد لأسلوب جديد في القياس والتقويم من خلال بناء اختبارات تقيس المهارات المكتسبة، حيث إننا سنعمل على سبيل المثال على تقويم الأداء من خلال مشاريع ينفذها المتعلم خلال العام

أما عن أهمية هذا التغيير، فأوضح "الطباع": «لقد قمنا بإعادة النظر في بنية المنهاج بوجه عام ليكون عنصره الأساسي هو التنشئة الاجتماعية ضمن ظروف زمانية ومكانية متغيرة تمكّن المواطن من معايشة واقعه واستشراف مستقبله عبر الاستفادة من تجارب مجتمعه التاريخية وعلاقات هذا المجتمع مع العالم قديماً وحديثاً.

الدكتور دارم الطباع

يجب أن يساهم هذا التغيير في تكوين شخصية المتعلم المتكاملة، وبناء قدراته الاجتماعية وفق علاقات إنسانية سليمة تحقق له الانسجام والتفاعل الإيجابي مع زملائه في الصف، وأسرته وأفراد مجتمعه، إضافة إلى تعريف المتعلم بهويته الوطنية التي تعزّز انتماءه الوطني، وتكوين قيمه الأخلاقية المبنية على أسس مجتمعية واضحة من جهة، وبناء مهارات المتعلم التي تجسد فهمه لمبادئ التنمية المستدامة للحفاظ على حياته وحياة الناس من حوله، وضمان استمرارية الحياة من بعده من جهة أخرى».

بدورها "راغدة محمد محلا" منسقة الدراسات الاجتماعية في "المركز الوطني لتطوير المناهج"، قالت: «من خلال تدريس مادة الدراسات الاجتماعية نعمل على أن يتمكن المتعلم من التعرف إلى الذات والسمات والصفات الشخصية وتقدير الاختلاف والتنوع وتعزيز الثقة بالنفس، إضافة إلى إكساب المتعلم القيم الوطنية والقومية والإنسانية والبيئية والاقتصادية والجمالية والأخلاقية والعلمية والحقوقية التي تؤهله لتفهم التنوع الثقافي واحترام الآخر والتعامل الحضاري مع تحديات عصر العولمة، ثم ننتقل بالتلميذ ليتعرّف إلى البيئات المحلية، وعلاقة الإنسان بوطنه والعالم من حوله، وأخيراً تعزيز واكتساب مهارات التواصل التي تعزّز القيم الاجتماعية في المجتمع».

مخطط

وتابعت "محلا": «في الوقت الحالي يتم الإعداد لأسلوب جديد في القياس والتقويم من خلال بناء اختبارات تقيس المهارات المكتسبة، حيث إننا سنعمل على سبيل المثال على تقويم الأداء من خلال مشاريع ينفذها المتعلم خلال العام».

"وسيم خليل" مدرّس في إحدى مدارس "دمشق"، الذي اطلع على منهاج الدراسات الاجتماعية، قال: «إن هذا التغيير في منهاج الدراسات الاجتماعية يشجع على البحث والتعلم الذاتي، حيث يعمل على تطوير مهارات المتعلم فيستطيع أن يقرأ ويحلل ويستنتج ليتوصل إلى الحقائق، والمثير للاهتمام في هذا المنهاج أنه يبتعد عن الحشو والتكرار بنسبة تصل إلى 100% تقريباً، كما أنه يقدم المعارف عن طريق نشاطات تقييمية متنوعة تساهم في تطوير نمط حياة المتعلم، مراعياً التحولات التي شهدتها "سورية" خلال سنوات الحرب، حيث كان من الضروري مواجهة هذه التحديات من خلال التنمية المستمرة للفرد».