هي نبتة برية تنتشر بكثرة في الترب الطينية والجافة، يتسبب وجودها بمشكلة صحية، ويمكن استثمارها في صناعة المنظفات، لتعطي نتيجة عكسية وتغدو ذات فائدة.

الفريق الاستكشافي لمدونة وطن "eSyria" الذي زار مدينة "النبك" حيث تكثر هذه النبتة؛ وذلك بتاريخ 11 أيلول 2015، التقى المهندس "عبدو باسط" الذي حدثنا عن نبتة "الشنان"، يقول: «ينتشر في أراضي "النبك" نتيجة طبيعة تربتها الجافة والطينية، وهو عبارة عن نبتة برية لا تؤذي المحاصيل الزراعية، لها في ذاكرتنا نصيب عريق، إذ كانت تستخدم قديماً في غسل الثياب عند الآبار والينابيع قبل وصول المياه بطريقة منتظمة إلى البلدة، وقبل رواج المنظفات الكيميائية بكثرة، وحين بدأت هذه المنظفات انتشارها، بقيت النبتة متربعة على عرش المواد الأشد تأثيراً بالبقع المستعصية، وقد ارتبط وجودها مع وجود الأداة المستخدمة في ضرب الثياب، وهي عبارة عن عصا خشبية عريضة، تسمى "المخباط".

كل عام؛ بين شهري أيار وأيلول أفرغ يومياً ساعتين من وقتي لأجمع هذه النبتة من أراضي القرية والأراضي المجاورة، وأقوم ببيعها كما هي لأحد معامل المنظفات في "حمص"، وهم يقومون بتنظيفها واستخلاص المواد الفعالة منها، ويترواح سعر مبيع الكيلو غرام الواحد ما بين 200 و250 ل.س، وخلال ساعتين أجمع ما لا يقل عن 10كغ، وهي فرصة موسمية أجني منها سنوياً مبلغاً جيداً يعينني على الحياة

كما كان أجدادنا يستخدمون "الشنان" في صنع "الزبيب"؛ العنب المجفف، فبعد تجهيز مستخلص منه، يتم نقع العنب به، ليتكوّن فوق الحبة غشاءٌ حافظٌ لها، فتغدو بعد تعريضها لأشعة الشمس جافة من الخارج، وطريةً غضّة من الداخل».

المهندس عبدو باسط

وعمَّا تتسبب به من مشكلات؛ يكمل "باسط": «في ظل هذه النبتة يعيش "الجربوع" البري الذي يؤذي المحاصيل الزراعية، وقد يدخل بيوت الناس ويتسبب بإلحاق الأذى بهم.

وعلى ظهر "الجربوع" تكمن المشكلة الأكبر، حيث تعيش ذبابة "اللاشمانيا" التي غزت "النبك" مرات عديدة، وخلقت جوّاً من الرعب بين الأهالي، وخلَّفت وراءها مئات الإصابات متفاوتة الشدة والخطورة، فعمد بعض أهالي "النبك" وبعض القرى المجاورة إلى جمعها من البراري وبيعها إلى صانعي صابون الزيت، ومعامل مواد التنظيف، فتخلصنا بذلك من آثارها الضارة، وخلقت للمحتاج فرصة عمل موسمية لا بأس بها».

الشنان عن قرب

"جميلة مصطفى" سيدة من جوار "النبك"، تعمل في الزراعة وتستغل الموسم لتجمع "الشنان" وتبيعه، تقول: «كل عام؛ بين شهري أيار وأيلول أفرغ يومياً ساعتين من وقتي لأجمع هذه النبتة من أراضي القرية والأراضي المجاورة، وأقوم ببيعها كما هي لأحد معامل المنظفات في "حمص"، وهم يقومون بتنظيفها واستخلاص المواد الفعالة منها، ويترواح سعر مبيع الكيلو غرام الواحد ما بين 200 و250 ل.س، وخلال ساعتين أجمع ما لا يقل عن 10كغ، وهي فرصة موسمية أجني منها سنوياً مبلغاً جيداً يعينني على الحياة».

وعن التفاصيل العلمية للنبتة، كان لنا لقاء مع الكيميائي "حسين محمود" الذي قال عنها:

جميلة مصطفى

«إن التسمية العلمية للنبتة هي "Anabasis aphylla"، وتسمى في العربية "العجرم"، أو "الترتير"، وتسمى أيضاً صابون العرب، ولها أنواع عديدة أهمها وأكثرها انتشاراً "الشنان السوري"، الذي يحتوي على مجموعة من الأحماض القلوية التي تتركز في ثماره، إذ تبلغ نسبتها نحو 2ـ3%، وله استخدامات مختلفة، فمستخلص "ميتيل الأنابازين" الذي ينتج عنه، يستخدم كمنشط تنفسي، و"كبريتات الأنابازين" تستخدم كمبيد للحشرات، وتستعمل مادة أولية لإنتاج فيتامين PP. لكن استخدام "الشنان" الأكثر شيوعاً كان في غلي الثياب؛ لغناه بكربونات الصوديوم والبوتاسيوم، وهو من النباتات السامة، ويؤدي تناوله إلى تسريع خفقان القلب ودوار واضطراب في الرؤية وزيادة إفراز اللعاب.

قيمته العلفية غير مرتفعة واستساغته ضعيفة، ترعاه الجمال بعد يباسه، وقد ترعاه الحيوانات الأخرى في سنوات الجفاف الشديد؛ وهو ما يؤدي إلى موتها، وتفقد الفروع سميتها بفعل الصقيع الذي يخرب فيه مادة "الأنابازين" السامة، فتستطيع الحيوانات آنذاك أن تأكله.

يعيش "الشنان" في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث تقل معدلات أمطارها عن 200مم سنوياً.

وينتشر في مختلف مناطق بادية الشام، فينمو في "الفرقلس، حوض الدو، وادي السوق، حسياء، وادي حمّار" (شمال غربي البوكمال)، وفي "عدرا، الضمير، النبك" في بادية "ريف دمشق".

جذوره عميقة قد تصل إلى عدة أمتار، وساقه شديدة التفرع، وقد يصل ارتفاعه إلى 90سم».