خمسة عشر مليون كيس يوميا هو معدل استهلاك مدينة "دمشق" وريفها لأكياس النايلون البلاستيكية، وذلك بحسب إحصائيات نشرتها وزارة الدولة لشؤون البيئة، هذا الرقم مرشح للازدياد نظرا لدخول هذه الأكياس والعبوات البلاستيكية في أدق تفاصيل حياتنا اليومية، لذا كان الوعي البيئي لدى الأفراد هو العامل الرئيسي للتقليل من استخدامها، تدعمه الحملات الوطنية والأهلية.

أضرارا هائلة تلك التي تسببها المواد المصنوعة من مادة "البولي إتيلين" المشتقة من النفط، يزيدها ضررا ما يضاف إليها من ملونات أيضا هي في الأصل نفطية، فتتفاعل مع المواد الغذائية، وقد تسبب سرطانات خطيرة، فهي لا تصلح لحفظ المواد الغذائية كما يقول الاستاذ "أديب عشي"- اختصاصي في الكيمياء- ويضيف:

ضمن نشاطاتنا كجمعيات بيئية، سنقوم بجولة على بعض مدارس ريف دمشق، لتوزيع عدد من الأكياس القماشية التي يمكن استخدامها لأكثر من مرة، لنزرع الوعي في أبناء المدارس

«تعبئة الفول الساخن والمخللات وغيرها في أكياس نايلون، هي من أكثر الممارسات خطأ، لأنه يؤدي لتفاعل هذه الاطعمة مع مادة "البولي اتيلين" المسرطنة، ولا ينتشر المرض فورا، بل مع الممارسة، وهذا ما ندعوه بـ"التسمم البطيئ"».

السيد "سامح كاتبة"

موقع "eSyria" التقى السيد "ميار بيطار" صاحب أحد محلات السوبر ماركت في منطقة "باب توما"، وذلك لمعرفة معدل الاستهلاك اليومي للمواد البلاستيكية، فيقول "بيطار": «في محلي متوسط الحجم هذا، أستهلك يوميا ما يزيد على /1/كغ من أكياس النايلون بأنواعها، وذلك بشكل وسطي، عدا العبوات البلاستيكية، ولا استخدم الاكياس الورقية سوى لتعبئة "الموالح والمكسرات"، ذلك لأن سعر 1كغ من الأكياس الورقية قد يبلغ ضعف سعر كيلو الأكياس البلاستيكية».

يشار إلى أن وزارة الدولة لشؤون البيئة قد أطلقت في بداية عام /2010/ حملة "لا لأكياس النايلون" التي تهدف لاستبدال أكياس النايلون بأكياس قماشية وورقية، وإحلال البدائل الصديقة للبيئة محل المواد البلاستيكية في المحلات على اختلاف أنواعها وخاصة منها التي تبيع المواد الغذائية، وفي محلات الألبسة والمجمعات الاستهلاكية.

الكيس البديل

عضو "جمعية رواد البيئة"- التي طبقت الحملة في بلدة جرمانا- السيد "سامح كاتبة" تحدث عن الإجراءات المتخذة لنشر الوعي البيئي في هذا الموضوع، فقال: «كجمعية أهلية، قمنا بالجولة على العديد من المحلات ووزعنا عددا من الأكياس القماشية على المحلات، وعرضنا عليهم التعاون لنشر هذه الحملة، وتبرع للعمل معنا العديد من المحلات».

محل "الحمزة" للألبسة، لصاحبته "ملك كاتبة"، تبيع إلى اليوم بضائعها بأكياس قماشية، عليها شعار المحل من جهة، وشعار حملة "لا أكياس النايلون" من الجهة الأخرى، عن ذلك تقول "ملك": «أشعر بأن ما أفعله هو واجب بيئي، يدفعني لهذا إيماني بأنه علينا أن نبدأ بأنفسنا أولا، كما أنني أمتلك معلومات جيدة عن أضرار أكياس البلاستيك، وأرى أن معرفة الخطر الحقيقي الذي تسببه هذه المواد هي السبيل الأول للحيلولة دون استخدامها».

أكياس نايلون

عند الحديث عن أضرار المواد البلاستيكية على الإنسان، فلا بد من الإشارة إلى الأضرار الجسيمة التي تسببها للبيئة، فهي صعبة التحلل في العوامل الجوية، ويستغرق تحللها حوالي /500/ عام، كما ينجم عند حرقها غازات خطيرة ومميتة من فئة "الديوكسين" وهي مسبب مباشر لأمراض السرطان.

عضو جمعية رواد البيئة السيدة "دعد فلوح" تؤكد أن زيادة الوعي الفردي للأضرار الناجمة عن انتشار هذه الأكياس وزيادة استخدامها هو الخطوة الأهم في إطار ترشيد استخدامها وتضيف: «ضمن نشاطاتنا كجمعيات بيئية، سنقوم بجولة على بعض مدارس ريف دمشق، لتوزيع عدد من الأكياس القماشية التي يمكن استخدامها لأكثر من مرة، لنزرع الوعي في أبناء المدارس».

محاربة المواد البلاستيكية تستلزم ايجاد بدائل ضرورية، يمكن تلخيصها فيما أوردته بروشورات الحملة الوطنية لمحاربة أكياس البلاستيك: «يجب أن يتركز اهتمام المصانع اليوم على تصنيع أنواع جديدة من أكياس البلاستيك، تعتمد على "النايلون العضوي"، تكون أكثر أمانا وسلامة للبيئة، كما هو الحال في الأكياس المصنعة من نشاء الأشجار والأكياس العضوية التي تتحلل بسرعة أكبر بتأثير العضويات المجهرية الموجودة في التربة».

أما على المستوى الفردي فينصح البيئيون أن يتخذ الأفراد إجراءات للاقلال من الاعتماد على هذه الاكياس، يذكر منها "كاتبة": «يجب استخدام العبوات الزجاجية أو الفخارية أو الخزفية ما أمكن ذلك، كما يجب علينا حمل الأغراض باليد (دون كيس) في حال كان المنزل او السيارة قريبة، وعند الضرورة يجب حمل أغراض التسوق بكيس كبير واحد، ذلك لأن الأكياس بكثرتها تسبب تلوثا بصريا، وتشوه المعالم البيئية الجميلة، كالحدائق والبحيرات والأنهار، وقد تتناولها حيوانات عاشبة فيؤدي ذلك لسد مجراها الهضمي ونفوقها، كما يجب استخدام الكيس لأكثر من مرة مادام ذلك ممكنا».

الجدير بالذكر أن عددا كبيرا من دول العالم حظرت أو وضعت قيودا صارمة على استخدام اكياس النايلون منها (استراليا، الصين، ايرلندا، تنزانيا، بنغلاديش، وغيرها..)، كما تعمل وزارة الدولة لشؤون البيئة في سورية بالتعاون مع وزارة المالية لفرض رسوم مالية على الأكياس البلاستيكية من أجل رفع أسعارها لتقليل استهلاكها، والحد من الاستسهال في استخدامها.