ارتباط وثيق وقديم جمع القطاع الصحي بآخر ما قدمه ويقدمه عالم التقانة، ولا أدل على ذلك من الأجهزة الطبية المستخدمة لكافة مناحي العمل الطبي ولمختلف درجاته واختصاصاته، والتي تشهد تطوراً مطرداً يوماً بعد يوم، ولعل أهم الخدمات الصحية التي باتت تشكل مطلباً ملحاً هو أتمتة القطاع الصحي أو ما بات يعرف بـ "الصحة الالكترونية"، ويذهب اختصاصيو هذا المجال إلى تطويع المعلوماتية في خدمة الطب، بحيث يتم ثوثيق الحالات المرضية التي يتعرض لها المريض ويصبح بإمكان الطبيب الاطلاع عليها بغية تشخيص أفضل وعلاج أكمل.

ولهذا الغرض افتتحت يوم الأربعاء 26 أيار 2010 الساعة 9 صباحاً ورشة العمل التخصصية حول الصحة الإلكترونية في سورية "eHealth"، في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، والتي تنظمها كل من وزراة الصحة في سورية – مركز الدراسات الاستراتيجية الصحية "CSHS" بالتعاون مع "نوستيا" شبكة العلماء والتقانيين والمبدعين خارج سورية.

سيكون لنا لقاء آخر في شهر أيلول القادم بورشة أخرى بالتعاون مع "نوستيا" كمتابعة لما نصل إليه في هذه الورشة، نعول على هذه الورشة بالكثير من خلال طرح مختلف جوانب الصحة الالكترونية، وأن تتوضح بعض معالم هذا العلم لدينا، لنضع اللبنة الأولى من أجل أتمتة تصب في مصلحة المواطن أولاً وأخيراً

الدكتور "رضا سعيد" وزير الصحة كان حديثه متطرقاً إلى الواقع الحالي للصحة الالكترونية في سورية، فقال: «طرح موضوع الصحة الالكترونية مراراً وتكراراً في السنوات الأخيرة، وما زلنا نتخبط بين آراء مختلفة، وبصراحة مازلنا بعيدين عن أتمتة المشافي والمستودعات الطبية، وأهم من ذلك أتمتة الأرشيف الطبي للمواطن. وزارة الصحة مصممة على تحديث النظام الصحي وتطويره، ونهدف من خلال هذه الورشة بشكل رئيسي إلى الاطلاع على أهم النظم التي وصل إليها العالم من أجل اختيار نظام أو أنظمة لتطبيقها واعتمادها في قطاعنا الصحي، ونحن جادون في تطبيقه بغض النظر عن المعوقات والهفوات التي من الممكن أن تعترض طريق هذا المشروع، وأنا أفضل أن نبدأ به اليوم ونحل مشكلاته تباعاً، لا أن نتحدث عن المعوقات ونقف مكتوفي الأيدي دون أن أن نخطو أي خطوة للأمام».

الدكتور رضا سعيد وزير الصحة

وحول الخطوات القادمة المرتبطة بهذه الورشة قال "سعيد": «سيكون لنا لقاء آخر في شهر أيلول القادم بورشة أخرى بالتعاون مع "نوستيا" كمتابعة لما نصل إليه في هذه الورشة، نعول على هذه الورشة بالكثير من خلال طرح مختلف جوانب الصحة الالكترونية، وأن تتوضح بعض معالم هذا العلم لدينا، لنضع اللبنة الأولى من أجل أتمتة تصب في مصلحة المواطن أولاً وأخيراً».

وتحدث الدكتور "سعيد" عن أهمية تطبيق نظام "الاضبارة الالكترونية" أو السجل الالكتروني للمريض، وضرورة تكامل التنسيق بين المشافي والمستوصفات لتكون حالة المريض وتاريخه الصحي متاحاً للأطباء والمختصين بشكل سهل وواضح حتى في حال تغير الطبيب أو المشفى أو المستوصف.

الدكتورة أيسر الميداني

وأوضح وزير الصحة ضرورة تحديد لمن تعود ملكية هذه الإضبارة الالكترونية، للمريض أم للدولة، ومن يحق له استخدامها والاستفادة منها، إضافة لكيفية إدارة وتنظيم هذه السجلات والإضبارات.

الدكتورة "أيسر الميداني" رئيسة مجلس أمناء "نوستيا" تحدثت عن البناء الفني وبناء القدرات البشرية واعتبر أن "نوستيا" بإمكانها المساعدة بشكل فعال جداً في بناء القدرات البشرية في التعليم العالي، وفي التعليم المهني... وفي تطوير العلم للمهنيين وقالت: «هذه المؤتمرات وورشات العمل عبارة عن مساعدة ومساهمة في بناء القدرات البشرية، وأيضاً في تحديث التعليم الجامعي والمراحل الاختصاصية بعد الجامعية، والعمل على إنجاز شهادات مشتركة بين الجامعات الأوروبية والجامعات السورية، عن طريق ربط مشاريع مشتركة بين سورية والمشاريع الأوروبية المماثلة، والاستفادة من الدعم الأوروبي، خاصة أن "نوستيا" موجودة في أوروبا وهناك مساعدات أوروبية لكل مشروع، بالإضافة إلى معرفة أعضائها بإدارة المشاريع والمساعدة في إدارة كل ما يتجه باتجاه التحديث وإعادة البناء».

الحضور

ورداً على سؤال حول بدء مشروع الصحة الالكترونية في أوروبا قالت "الميداني": «في فرنسا بدئ بتطبيق الصحة الالكترونية عام 2000، وهي ليست علماً جديداً وإنما هي تطبيق لتقدم المعلوماتية التي تضع نفسها في خدمة الطب كأدوات يمكن أن تساعد الطبيب على زيادة معرفته وإغناء تجربته وأن يكون مجدياً أكثر في اللحظة التي يعاين بها المريض لأنه يستطيع أن يرى كل تاريخ المريض المرضي والعلاجي، ويكون لديه مرجع كبير بشكل مباشر يستطيع من خلاله استشارة أطباء مختصين يفيدونه في ما لا يعرفه، فالأمراض تتطور بشكل دائم والأدوية تتطور كذلك ومعلومات الطبيب تتطور أيضاً، فالتطبيق الالكتروني عبارة عن أدوات بمتناول يد الطبيب، تزيد من معرفته ومن جدوى عمله».

الأستاذ "رامي سري الدين" قدم عرضاً لنظام تنتجه شركة "health invest" اللبنانية تحدث لموقع eSyria في ضوء خبرته بعد تطبيق نظام أتمتة القطاع الصحي في سلسلة مستشفيات لبنانية.. قائلاً: «نحن هنا لتقديم عرض من شركتنا على المعنيين في وزارة الصحة السورية عسى أن يتم اتفاق لاعتماد نظامنا الذي بدأنا بتطبيقه في لبنان، إلى الآن أستطيع القول أن حوالي عشرة مستشفيات عملت معنا في أدخال هذا النظام في صلب عملها، حيث يتم تخصيص بطاقة لكل مريض ندخلها على السجل الالكتروني الموجود على "السيرفر" بحيث يستطيع العودة إليه عند أي فحص طبي بهدف استيفاء جميع المعلومات اللازمة للتشخيص والمعالجة، ونحن نرى أن الملف الصحي للمريض هو من حق المريض نفسه، لذلك نصدر بطاقة ذكية تخول المريض بالدخول إلى سجله الطبي، كما يحق للطبيب إضافة معلومات على ذلك السجل ولكن لا يحق له تعديلها، هي معلومات غير قابلة للتعديل، فيمكنك إلغاء معلومة ولا يمكنك تعديلها مع ذكر سبب إلغائها، ويجب إدخال الرقم الوطني وتاريخ الميلاد ورقم البطاقة التي نصدرها حتى يتسنى للمريض أو الطبيب الدخول إلى سجل المريض».

ومن المشاركين أيضاً التقينا الدكتور "ماهر سلام" أحد أعضاء "نوستيا" والذي تحدث حول فكرة إنشاء نظام لامركزي لتبادل المعلومات، فقال: «المعلومات المتعلقة بالأدوية، بشركات التأمين، بالمرضى.. كل منها له معلوماته المستقلة التي أنشأها لنفسه ويقدمها لمن يطلبها منه، والأمر الثاني هو ترميز الحالات المرضية والمعاينات حيث يسهل ذلك عملية البحث من منطلق سهولة البحث عن الأرقام مقارنة بأسماء الأشخاص أو أسماء الأمراض. وثالثاً وجود جهة رابطة تصل بين البيانات والمعلومات وبين كافة الأطراف وهي لا علاقة لها بالمضمون ومهمتها الربط فقط، وهذا يفتح الباب للتواصل أكثر مع الشركات الداخلية و الخارجية، ومع المستشفيات وجميع العاملين في القطاع الصحي. ورابعاً بناء محتوى معلوماتي يساهم فيه الجميع من القطاع الصحي ومن المواطنين يضع فيه كل شخص حالة مرضية أو دوائية استفاد منها أو لم يستفد، تشكل في مجموعها معلومات عامة واستبيانات حول مختلف الأمراض والأدوية».

الجدير بالذكر أن ورشة الصحة الالكترونية أقيمت برعاية الدكتور "رضا سعيد" وزير الصحة وبحضور الدكتور "عماد الصابوني" وزير الاتصالات والتقانة، وبمشاركة واسعة من الجهات المعنية بالقطاع الصحي السوري ممثلة بوزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، ومجموعة من المختصين في هذا القطاع من رواد المؤسسات والمنظمات العاملة في القطاع الصحي السوري كنقابة الأطباء ومديري المشافي، بالإضافة إلى نخبة من المهتمين والفعاليات الداعمة للقطاع الصحي كخبراء معلوماتيين وقانونيين.