باتت قضية التنمية العمرانية من الأمور الهامة التي تشغل الحكومات العربية والأجنبية، وذلك لتزايد عدد السكان والتزاحم السكاني في العالم، حيث إن استراتيجية تنمية المدن هي من العمليات التي تركز على الأفعال التي تهدف إلى تنمية مدينة ما، يتم وضعها وضمان استمرارها من خلال المشاركة، بهدف تشجيع النمو المتكافئ في المدن والمناطق المحيطة بها بغية تحسين جودة حياة جميع المواطنين.

موقع "eSyria" وللوقوف على مسألة السكن العشوائي في سورية، والخطة التي أطلقتها وزارة الإدارة المحلية بالتعاون مع المركز الإقليمي للتنمية المحلية المستدامة "مام" لوضع الاستراتيجيات اللازمة للحد من انتشار مناطق السكن العشوائي التقى بعدد من المعنيين بالموضوع والمطلعين عليه، وهنا يحدثنا الدكتور "زياد مهنا" من جامعة "دمشق" كلية الهندسة المعمارية عن رأيه: «هناك دراسات عديدة من أجل تنظيم مناطق المخالفات الجماعية، وهنا أقصد أن أسميها مناطق المخالفات الجماعية، ذلك لأنه نظام يتبعه المجتمع لتلبية حاجاته، وهذه الطريقة من الآداء هي تلبية حاجة الناس، فهم يلبون حاجتهم بطريقة السكن العشوائي لأن المعروض من المساكن والتي قد تكون خالية، تعتبر أغلى بكثير من قدرة المواطن على شرائها، وهو سبب رئيسي وأساسي للجوء المواطنين إلى مناطق السكن العشوائي.

إن ازدياد حجم مشكلة السكن العشوائي دفع مجلس المدينة لإنشاء دائرة خاصة سميت "دائرة السكن غير المنظم" والهدف منها تنفيذ مشاريع على أرض الواقع تشمل الجوانب الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية، ففي "حلب" 22 منطقة سكن عشوائي يقطنها أكثر من مليون نسمة يشكلون 40% من سكان المدينة، وبدورنا نسعى إلى تحسين مناطق المخالفات في المدينة والحد من نموها في المستقبل، فأغلب مناطق السكن العشوائي في "حلب" أصبحت لها مخططات تنظيمية تفصيلية

هناك ثلاث نقاط رئيسية يجب طرحها لحل مشكلة مناطق المخالفات الجماعية، وهي المستوى الاستراتيجي والتنموي أي بعملية التنمية واللامركزية التي تقوم بسياسات الدولة الأساسية، المستوى التخطيطي بإعادة المخططات التنظيمية ولحظ مناطق مناسبة لمناطق السكن الشعبي، والمستوى الثالث الإجرائي وهو كما في بعض المناطق التي تمت فيها حل هذه المشكلة».

الدكتور تامر الحجة

عن آخر الخطوات التي تمت لحل مشكلة السكن العشوائي أو الحد منها في سفح "قاسيون" تحدثنا الدكتورة "منى سراج الدين" الخبيرة الدولية في التخطيط والتنمية العمرانية، رئيسة مشروع تطوير سفح "قاسيون"، أستاذة في جامعة "هامبورغ" ونائب رئيس المعهد الدولي للتنمية العمرانية في الولايات المتحدة الأمريكية: «إننا بدأنا بمساعدة خبراء من سورية والدول الأخرى بدراسة مناطق السكن العشوائي في سورية، حيث إن هذه الظاهرة موجودة في جميع الدول النامية، وتمكن البعض من معالجتها مثل "تونس" و"المغرب" الذين لهم خبرة في تنظيم ظاهرة السكن العشوائي، إن آخر الخطوات التي تمت في سفح "قاسيون" هي دراسة المنطقة التي تتواجد فيها أصناف من العشوائيات التي يجب التخلص منها، أي إن الأنواع العشوائية المتواجدة في "قاسيون" مختلفة وذلك لوجود فالق نشط يمر فيها أفقياً، وأثناء الدراسة طلبنا من القسم الجيولوجي والاستشعار عن بُعد، إضافة إلى قسم الزلازل أن يدرسوا الفالق ويحددوا مساره العلوي، حيث استغرق ذلك ثمانية أشهر، أما الآن فيجب توفير سكن بديل لأصحاب المنازل في تلك الأماكن الخطرة، فهناك احتمال أن يبتلع الفالق في أي وقت هذه العائلات المتواجدة فوقه».

خبير تخطيط المدن بريف دمشق الأستاذ "حسام الصفدي" يقول: «تقوم محافظة "دمشق" بالتعاون مع وزارة الإدرة المحلية ومشروع "مام" بالعمل على مسألة السكن العشوائي في سورية، والهدف هو الحد من هذه المناطق، وذلك بتحديث الإدارة المحلية والبنك الدولي والجهات الاستشارية الدولية التي بدأت بدراسة أسباب هذه المخالفات وبناء إستراتيجية مستقبلية للمخالفات القائمة في ريف "دمشق" من خلال الحصول على معلومات إحصائية دقيقة وتفهم أعمق لأشكال التطور، إضافة إلى دعم هيكلية الإدارات المحلية والبلديات وتفهم الاحتياجات والتطور الديناميكي الحاصل في مدينة "دمشق" وما حولها، كما ندعو إلى إعادة تأطير الوضع الحالي المقلوب من الناحية التنظيمية، وهو تنظيم منطقة المخالفات بعد إنجاز الأبنية عليها وإدخال نشاط المجتمع المحلي في المناطق وإشراكه في جميع العمليات والنشاطات التي تقوم بها الإدارات الحكومية بمختلف أنواعها وأشكالها، نقوم بدراسة إجراء تحليل لواقع الأبنية المخالفة والمساحات الطابقية ومساحات أرض المقاسم المفترضة التي تم البناء عليها وعدد طوابق الأبنية المخالفة الحالية وتحليل واقع خدمات المياه، الصرف الصحي، الكهرباء، حال الطرق والهاتف، إن عدد المناطق العشوائية في "دمشق" هي 20 منطقة منها كبيرة وصغيرة، وقد بدأنا بوضع الدراسات اللازمة في منطقتي "الدحاديل" و"المزة"، وفي الأيام المقبلة سنقوم بوضع الاستراتيجيات اللازمة للحد من السكن العشوائي في هذه المناطق».

الدكتورة منى سراج الدين

محافظة "حلب" لها تجربة في مسألة تنظيم السكن العشوائي، عن ذلك يحدثنا رئيس مجلس المدينة السيد "معن شبلي": «إن ازدياد حجم مشكلة السكن العشوائي دفع مجلس المدينة لإنشاء دائرة خاصة سميت "دائرة السكن غير المنظم" والهدف منها تنفيذ مشاريع على أرض الواقع تشمل الجوانب الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية، ففي "حلب" 22 منطقة سكن عشوائي يقطنها أكثر من مليون نسمة يشكلون 40% من سكان المدينة، وبدورنا نسعى إلى تحسين مناطق المخالفات في المدينة والحد من نموها في المستقبل، فأغلب مناطق السكن العشوائي في "حلب" أصبحت لها مخططات تنظيمية تفصيلية».

أحدثت وزارة الإدارة المحلية هيئة خاصة بالسكن العشوائي لتحديد كيفية التعامل مع المناطق العشوائية وإنشاء صندوق خاص لتنظيم التعامل مع المناطق العشوائية وإعطاء الأولوية لإزالتها، بالإضافة لإنشاء نظام لإدارة المعلومات بشكل دقيق وتقديم برامج ومشروعات تطويرية كما حدثنا الدكتور "تامر الحجة" وزير الإدارة المحلية، عن أهمية الورشة التي تقيمها الوزارة بالتعاون مع مشروع "مام" للتطرق إلى مسألة السكن العشوائي بدمشق يقول: «الهدف من الورشة المقامة الإطلاع على تجارب الدول العربية المماثلة وبعض الدول المجاورة أيضاً كتركيا، فلدى وزارة الإدارة المحلية برنامج طموح لوضع استراتيجية لبرنامج وطني لتأهيل وتطوير مناطق السكن العشوائي، أي أن البرنامج الوطني الذي ننظر إلى إحداث صندوق له أيضاً لا بد أن يطلع على تجارب الدول الأخرى، حيث هناك دراسة تمت في الوزارة واليوم جزء منها هو الاطلاع مع جملة من الباحثين ورؤساء المدن على تجارب الدول العربية والمجاورة في مجال القضاء على مناطق السكن العشوائي. إن نسبة السكن العشوائي في سورية كبيرة جداً والأرقام تشير إلى أن أكثر من 35% من سكان المدن الكبيرة يسكنون في المناطق العشوائية، وهذا الرقم أصبح مشكلة لكيفية إدارة وتخديم المناطق المذكورة بعدما أصبحت أمراً واقعاً وأن 80% إلى 90% من سكان تلك المناطق هم من أصحاب الدخل المحدود».

من ورشة العمل

يتابع "الحجة": «إننا ندعو إلى إيقاف هذا "النزيف"، والذي يبدأ بإسهام المؤسسة العامة للإسكان بإيجاد السكن الأكثر شعبية بما يتناسب مع دخل المواطنين وفي قطاع جغرافي يتناسب مع الدخول المذكورة وبنظام التقسيط وتكاليف معقولة جداً مع خدمات ومرافق مناسبة، كما أن قانون الاستثمار والتطوير العقاري رقم 15 سيصدر خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الأسبوعين، وسيشكل ثورة عقارية حقيقية في سورية، إننا في الوزارة ندعو لضرورة الانتقال إلى الواقع العملي، ولاسيما أن الوزارة اطلعت على أكثر من تجربة لتطوير مناطق السكن العشوائي بينها التجربة "التركية، أمريكا اللاتينية، تونس، المغرب ومصر"، كما أن الوزارة تسعى لتخصيص التمويل المناسب للتدخل بتنفيذ استراتيجيات التطوير لعدد معين من المناطق التي سيشملها البرنامج الوطني».‏

الجدير ذكره أنه أقيم بهذا الخصوص بتاريخ 12/5/2010 ورشة عمل تحت عنوان "السكن العشوائي في بلدان البحر الأبيض المتوسط" وذلك في المركز الإقليمي للتنمية المحلية المستدامة "قصر الأمير عبد القادر الجزائري" بمنطقة "دمر"، استعرضت فيها تجارب معالجة التجمعات العشوائية في بعض الدول مثل "مصر، تونس والمغرب" وهيكلية أوضاع السكن العشوائي في محافظتي "ريف دمشق" و"حلب".

مع العلم أنه يقوم المركز الإقليمي للتنمية المحلية المستدامة والمشكل ضمن إطار برنامج تحديث الإدارة البلدية MAM الممول من قبل الاتحاد الأوروبي بدعم وزارة الإدارة المحلية والإدارات المحلية السورية في تحديث الإدارة المحلية.

يهدف المركز إلى معالجة قضايا التنمية العمرانية الراهنة وتلبية الحاجة لقاعدة بيانات كما يتيح الفرصة لتبادل فعال للأفكار الإبداعية والخبرة بين الإدارات المحلية والمركزية، كما يسهل تدريب الإدارات المحلية من أجل دعم تحقيق رؤية مترابطة حول التنمية المستدامة.