«تفرض مشكلة هدر المياه علينا مضاعفة الجهود لاحتوائها ومعالجتها فموضوع المياه أصبح حديث الساعة وهاجس الكبير والصغير، ويجب أن يصل الجميع إلى قناعة تامة لوضع خطة لترشيد المياه، وأي جهد يحقق الوعي المائي وثقافة جديدة تحث على الترشيد لحماية هذه الثروة الوطنية وحفظها لنا ولأجيال المستقبل».

هذا ما تحدث به المهندس الزراعي "شوقي السلطي" رئيس قسم التأهيل والتدريب لموقع eSyria بتاريخ 12/3/2009 وأضاف يقول: «تعد مشكلة هدر المياه من أهم المشكلات التي تعيق سلامة استثمار الثروة المائية في "سورية" وهي تنعكس على جوانب الحياة فنياً واجتماعياً واقتصادياً، إذ نعيش أزمة في المياه نتيجة للظروف الجوية والجفاف الذي يجتاح البلاد منذ عدة سنوات إذ تمر البلاد بأزمة مياه بعد أن جفت العديد من الينابيع وتسعى المشاريع التنموية التي تهدف توفير المياه بالوسائل العلمية المتاحة في الموارد الطبيعية في هكذا ظروف تزداد فيها الحاجة إلى كل قطرة من الماء لأنها تنذر بأزمة بيئية حقيقية».

تعد مشكلة هدر المياه من أهم المشكلات التي تعيق سلامة استثمار الثروة المائية في "سورية" وهي تنعكس على جوانب الحياة فنياً واجتماعياً واقتصادياً، إذ نعيش أزمة في المياه نتيجة للظروف الجوية والجفاف الذي يجتاح البلاد منذ عدة سنوات إذ تمر البلاد بأزمة مياه بعد أن جفت العديد من الينابيع وتسعى المشاريع التنموية التي تهدف توفير المياه بالوسائل العلمية المتاحة في الموارد الطبيعية في هكذا ظروف تزداد فيها الحاجة إلى كل قطرة من الماء لأنها تنذر بأزمة بيئية حقيقية

موقع eSyria التقى المهندس "أسامة انديوي" مدير الموارد البشرية والتقارير في مشروع تزويد /14/ قرية ومخيمين في جنوب غرب "دمشق" في "مؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي" بريف "دمشق" وأجرى معه الحوار التالي:

م. شوقي السلطي

  • ما الأسباب التي دعت المشكلة تتفاقم إلى هذا الحد؟
  • ** تعود الأسباب إلى تدني مستوى الوعي المائي لدى أغلب المستهلكين، وصعوبة التطبيق المتكامل والحازم للقوانين والتشريعات المتعلقة بالمياه، وانخفاض الكفاءة الفنية والإدارية لمنظومات المياه، ومحدودية التخطيط الشامل على المستوى الوطني وغياب المخططات التنفيذية، فالهدر هو أهم أسباب ومظهر الإسراف في استخدام المياه دون الاكتفاء بالحاجة الفعلية أو استخدامها لغايات سقاية المزروعات أو في أعمال البناء وذلك لعدم المعرفة والوعي بأبعاد المشكلة فعلياً أو بسبب رخص التعرفة، ووجود تسريبات في شبكات المياه وعدم المسارعة لإصلاحها لأسباب عديدة منها إدارية ومنها فنية أو لسوء في التخطيط أساساً ووجود تعديات على شبكات المياه سرقات.

    منظر هدر المياه

  • ما هي مظاهر الهدر التي تشاهدها؟
  • ** هناك مجموعة مشاكل تسبب الهدر أولها تسربات المياه وهي مشكلة فنية والمسؤول عنها القائمون على العمل، والتعدي على شبكات المياه والمشكلة إدارية لدى المؤسسات المعنية والمواطنين، وكذلك عدم إمكانية الإسراع بتطبيق القوانين الناظمة لهذه المشكلة، وأخطاء وأعطال عدادات المياه نتيجة الضعف الفني، وحلها بيد المؤسسات المعنية، وإساءة استخدام المياه وهي مشكلة الجميع ويجب التعاون لحلها المؤسسة والمواطن ووسائل الإعلام.

    م. أسامة أنديوي

  • ما الآثار السلبية الناجمة عن تسربات المياه بأنواعها المختلفة؟
  • ** إن تسربات المياه عامل هام وصعب لأنه الكمية المفقودة من نظام توزيع المياه "الشبكات وخزانات التزويد وملحقاتها" إلى التربة المحيطة مباشرة نتيجةً لخلل في إحكام ضبط المياه بسبب الكسور وتآكل الأنابيب ووصلاتها وعطب الجوانات المرنة، ويمكن تصنيف التسرب اصطلاحياً إلى نوعين تسرب ظاهر "مرئي" وتظهر آثاره فوق سطح الأرض بإمكان السكان رؤية جريان المياه منه بسهولة، وتسرب جوفي "غير مرئي" كالمياه المتسربة التي لا تجري فوق سطح الأرض إنما تنفذ إلى الطبقات الجوفية تحت سطح الأرض وتشكل بالتالي قنوات تهريب لا يمكن ملاحظتها إلا من قبل المختصين، ويمكن أن يستمر التسرب غير المرئي لسنوات طويلة بغياب عمليات مسح التسرب والكشف الدوري وصيانة الشبكة، وهذا النوع من التسرب يعتبر الأخطر، ويترتب على التسرب آثار سلبية هائلة أولها خسارة اقتصادية حتى تصل المياه إلى المستهلك تحتاج إلى العديد من مشاريع الاستجرار والتصفية والنقل والتخزين والتطهير والتوزيع، وتعد مشاريع المياه من أكثر المشاريع الهندسية تكلفةً وهدر المياه يعني خسارة نسبية من القيمة الاستثمارية لهذه المشاريع، إضافة إلى الخسارة الاقتصادية الناجمة عن تكاليف تشغيل واستثمار الشبكة والمواد الكيميائية والطاقة الكهربائية وغيرها، وثانيها الخطر الكبير على المباني فقد يتسبب تسرب المياه على نطاق واسع في فيضان في المناطق السكنية وبالتالي تأثيرها على أساسات وأقبية المباني، كما يؤدي إلى هبوط في الطرقات والإخلال بحركة المرور، ومن ناحية أخرى فإن تجمد المياه المتسربة شتاءً يؤدي إلى انزلاق وإيذاء المارة، ثالثاً خفض الضغط في الشبكة يسبب تسرب من نقطة ما بالشبكة في خفض الضغط بالمنطقة المحيطة بهذه النقطة فتضعف طاقة دفع المياه عن الوصول إلى القاطنين في تلك المنطقة وخاصةً الطوابق العلوية.

  • هناك مظاهر سلبية في أشكال الهدر وترشيدها؟
  • ** لا شك هدر المياه إساءة إلى منظوماتها وتتمثل بالاستجرار غير النظامي لها، والعبث بأنابيب وتجهيزات نقل وتوزيع وتخزين المياه عن قصد أو غير قصد، إضافةً إلى أعمال التنفيذ التي تقوم بها جهات خدمية أخرى ومن مظاهرها السلبية الاعتداء على أنظمة نقل وتوزيع وتخزين المياه الذي يعتبر هذا المظهر بشكل عام دليلاً على غياب الوعي وضعف تطبيق التشريعات المائية، فإن الاعتداء على شبكات وتجهيزات المياه يتسبب بتشكيل نقاط ضعف في أنابيب المياه ويلحق ضرراً جسيماً بتجهيزات المشاريع المائية، والسحب غير القانوني لمياه الشرب من الشبكة العامة التي يتم الحصول عليها بأساليب غير نظامية، وهذه الظاهرة التي تشاهد في بعض مناطق المخالفات تؤدي إلى استخدام زائد عن الحاجة للمياه ناتج عن عدم الاكتراث بكمية المياه المستهلكة حيث يصل استهلاك الأسرة إلى خمسة أضعاف استهلاكها في حال وجود قيمة للمياه من خلال عداد نظامي، إضافة إلى ما تم من إساءة وإضعاف لخطوط نقل المياه، وكذلك أعمال التنفيذ التي تقوم بها جهات خدمية أخرى مثل "خدمات الكهرباء والهاتف والصرف الصحي وتعبيد وصيانة الطرق" وخاصة عند حفر الطرقات لإصلاح الأعطال الطارئة، والأهم غياب التخطيط والتنسيق الصحيحين بين الجهات المنفذة للتمديدات تحت الطرق، مما يؤدي إلى الفوضى وبالنتيجة كسر أنابيب مياه الشرب ومن ثم حدوث نقاط ضعف أي نقاط تسرب.

  • ما الأمور الناجمة عن أخطاء وأعطال العدادات، وضعف برامج الفحص الدوري، وغياب برامج صيانة واستبدال العدادات، وأين تكمن؟
  • ** إن الأخطاء تكمن في تعطل العداد عن العمل وهناك عدد كبير من العدادات متعطلة عن العمل بسبب طول مدة استخدامها، أو بسبب العبث في العداد، أو لأسباب أخرى، وصعوبة الوصول إلى بعض العدادات من قبل الموظف المسؤول عن قراءة العداد وقد يكون العداد داخل منزل يتغيب أصحابه عنه خلال فترة قراءة العداد، ومن ناحية أخرى قد يكون العداد قائم بوضعية يصعب فيها قراءته بشكل صحيح، والقصور الموجود في مبدأ تصميم العدادات من النماذج القديمة وغير الدقيقة، وهناك هدر مياه الشرب عند المستهلكين "إساءة استخدام المياه" وهي مسألة تتعلق بالسلوك الاجتماعي والثقافي وتتمثل بالإسراف واستخدام المياه لغير الأغراض المخصصة لها، لأن الإسراف سلوك خاطئ يقتضي صرف كمية من المياه تزيد عن الحاجة ضمن المنزل أو المكتب أو المصنع، ويعود سبب هذه الضياعات إما لعادات سيئة مكتسبة أو عدم معرفة أو لا مبالاة، واستخدام المياه لغير الأغراض المخصصة لها كسقاية الأراضي الزراعية بمياه الشرب، وإملاء المسابح من شبكة مياه الشرب، واستخدام مياه الشرب لأغراض البناء في ورشات البناء وغسيل الشوارع، وغيرها، تتعلق بمشكلة هدر المياه وبالسلوك وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوعي والرقابة الذاتية التي هي الأهم والأساس فهي عملية متكاملة لا يمكن تجزئتها وتبدأ بالقاعدة وأساس الوحدة الصغرى في المجتمع وهي المواطن وتنتهي بالمؤسسات فإذا لم يقم كل مواطن بمساءلة نفسه ومراقبة ذاته ومراجعتها بشكل يومي فستبقى قاصرة عن تحقيق مهامها وهنا يأتي دور الضمير وأهمية الوجدان وضرورة تنقيتهما من الشوائب التي تعلق بهما وتعكر صفاءهما بفعل الظروف والعوامل المختلفة التي تحيط بكل فرد.

  • ما دور الرقابة والتشريع المائي بذلك؟
  • ** لقد صدر أول تشريع مائي في "سورية" عام 1925 ثم صدر تشريع آخر عام 1958 وقد نص قانون العقوبات في إحدى مواده على اعتبار مشاريع المياه من الأملاك العامة وأن التعدي عليها هو اعتداء على الأملاك العامة ثم صدر التشريع المائي الجديد بالقانون رقم 31 تاريخ 30/11/2005، وقد صدرت تعليماته التنفيذية في أواخر العام 2006 ويقوم هذا التشريع بشكل أساسي على منع التعدي على مشاريع المياه وكذلك عدم تلويث المياه وبمتابعة المسألة الرقابية المائية لها صفة الضابطة العدلية كما تتم المراقبة الدورية خلال فترات محددة لتقويم أداء عمل المنظومات المائية لكافة الاستخدامات ما يسمى بالكشف الدوري الإلزامي.

  • ما الإجراءات المتخذة والتوجهات؟
  • ** تنبهت الحكومة إلى خطورة مشكلة هدر المياه وآثارها، وصارت تتطلع إلى مشاريع تخفيض فواقد شبكات التوزيع ومكافحة هدر المياه وحملات ترشيد الاستهلاك وتوعية المواطنين بأهمية المحافظة على المياه والاقتصاد في استعمالها، وتم أخذ هذه النواحي بالاعتبار في الخطط المستقبلية التي يجري تنفيذها في الأفق المنظور، حتى غدت الرؤيا المستقبلية لقطاع مياه الشرب هي مياه شرب نظيفة وآمنة لجميع المواطنين بإدارة مؤسسات مياه ذات كفاءة عالية ومن خلال إدارة متكاملة للموارد المائية تعمل بطريقة فعالة ورشيدة ومستدامة، وعلى هذا الأساس تم وضع الأهداف ورسم السياسة العامة التي تتلخص بتنفيذ عدد كبير من مشاريع استبدال الشبكات القديمة، وتجهيز مؤسسات المياه في القطر بآلات وتجهيزات كشف التسرب، كما تم تدريب مجموعة من المهندسين والفنيين على استخدام هذه الأجهزة.

  • تلك كانت الإجراءات ما المقترحات التي يمكن تقديمها للحل؟
  • ** لا يمكن حل مشكلة هدر المياه في قطرنا من خلال الجهود الفردية أو الجزئية إنما تحتاج المسألة إلى عمل مؤسساتي متكامل يجمع وينسق بين جميع الفعاليات المعنية بالحد من هدر المياه، كما يقوم بوضع الاستراتيجيات ورسم الخطط اللازمة، ومتابعة عمل المؤسسات المعنية على المستوى الوطني، وتطلعاً للحد من جميع مظاهر هدر نقترح اعتماد وتنفيذ برنامج وطني متكامل يهدف إلى الحد من هدر مياه الشرب وترشيد استهلاكها، وتنظيم وإطلاق حملة وطنية موجهة ومدروسة ومستمرة لتحقيق الوعي المطلوب.