رغم تنوع سلة المحاصيل الزراعيةالسورية، والوفرة في الإنتاج إلاأن معظم محاصيلناتواجه تحديات جمّة في الأسواق الخارجية، أهمهاأن معظم المستهلكين في أوروباتوجهوامؤخراًنحو منتجات زراعيةعضوية، والتي تحظى بأسعارمرتفعة قياساًًبالمنتجات الزراعية التقليدية التي غالباً ما تستخدم فيها المبيدات والأسمدةالكيماويةمايؤدي إلى إلحاق الضرر بالإنسان والبيئة معاً.

وعلى الرغم من أن سورية بدأت خطوات ناجحة في الزراعة العضوية، ولاسيما في محاصيل الحمضيات والزيتون والقطن، فإن الحاجة باتت ملحة نحو التوسع بالزراعة العضوية لتكون حاضرة على الأقل فيما يتعلق بالزراعات ذات الطابع التصديري، موقعكم eSyria يحاول من خلال هذا الموضوع إلقاء الضوء على الزراعة العضوية ومبررات اعتمادها ولو على نطاق ضيق.

تحافظ الزراعةالعضويةعلى البيئة، فهي تقلل من تلوث المياه بالمواد الكيماوية والمبيدات، وتقلل من ظاهرةالاحتباس الحراري، وتجعل من التربةوسطاًحياًتنمو فيه الحيوانات والكائنات المفيدة، كما تعمل على تقليل المخاطرالتي يتعرض لها المزارعون والناجمةعن استخدام المواد السامة

ماهية الزراعة العضوية:

الدكتور المهندس "سهيل مخول" معاون مدير الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية يعرف الزراعة العضوية بأنها: «نظام الإنتاج الذي يتجنب أو يستثني إلى حد كبيراستخدام الأسمدة والمبيدات ومنظمات النمو، وإضافات العلف الصناعية المركبة، وتعتمدأنظمة الزراعةالعضويةبشكل كبيرعلى الدورات الزراعية، بقاياالمحصول، المخلفات الحيوانية، البقوليات، السمادالأخضر، المخلفات العضوية من خارج المزرعة، ومظاهرالمكافحةالحيوية للآفات، وكذلك على إنتاجيةالتربةوقابليتهاللاستحراث، وتزويدالنباتات بالعناصرالمغذية، ومكافحةالحشرات والأعشاب، وأيةآفات أخرى».

المهندس موفق الشعار

فوائد:

ويلخص لنا المهندس الزراعي "جمال فروخ" فوائد الزراعة العضوية بالقول:«تحافظ الزراعةالعضويةعلى البيئة، فهي تقلل من تلوث المياه بالمواد الكيماوية والمبيدات، وتقلل من ظاهرةالاحتباس الحراري، وتجعل من التربةوسطاًحياًتنمو فيه الحيوانات والكائنات المفيدة، كما تعمل على تقليل المخاطرالتي يتعرض لها المزارعون والناجمةعن استخدام المواد السامة».

صراع :

لايمكن أن ننكر الصراع القائم مابين أصحاب نزعةالتوجه نحو الزراعة الكيماوية، ونزعة التوجه نحو الزراعة العضوية، فمن الملاحظ التوجه الكبير للمستهلك الأوروبي والأمريكي نحو شراء الموادالغذائية العضويةباعتبارها خاليةمن الأثرالمتبقي للموادالكيماوية المسببةللأمراض، وهذاماجعل الأوساط العلميةوالزراعيةوالقانونية تهتم بالزراعةالعضويةمن خلال عدةأمور منها النموالمضطرد لإنتاج وتوزيع واستهلاك المنتجات الغذائيةالعضوية، ونقص عرض هذه المنتجات في السوق،إعلان شركة(وول مارت)إحدى كبريات الشركات الأمريكية اعتزامهامضاعفة حجم مبيعاتها من المنتجات العضوية.

الرأي الآخر:

مقابل هذاالحماس الكبير للزراعة العضوية، هناك العديدون ممن يعتبرون الزراعةالعضويةمجردموضة جديدة، وأنها لعبةجديدة لبعض الشركات من أجل زيادة أرباحهاويوردأصحاب هذاالرأي حججاً لايمكن تجاهلهاوفي مقدمةذلك إن استخدام التكنولوجياالحيويةمن أسمدة ومبيدات بمافي ذلك الهرمونات أدى إلى زيادة الإنتاج بصورة كبيرة، وبالتالي تأمين الغذاء للناس ممن يهددهم الجوع بالموت، وثانياإن سوء استخدام البعض من الفلاحين لمعطيات التكنولوجيا لا تعني خطأالأمر برمته، بل تعني خطأ الاستعمال والممارسة، وأخيراًلاتوجدحتى الآن دراسات طبية متخصصة وكافية تؤكد الارتباط بين الإنتاج الغذائي الكيماوي وبين الأمراض التي تهتم بها هذه الزراعة.

ماذا عن سورية:

المهندس "موفق الشعار" مدير مكتب الشؤون الزراعية بالاتحادالعام للفلاحين قال:«سواء كنامع هذاالرأي أو ذلك، فإن ثمة حاجة موضوعية للاستفادة من الظروف المتاحةعالمياً، بحيث نتوجه نحو الزراعةالعضوية ولكن مع الانتباه إلى أنه ولتاريخه لايوجد قانون (تشريع) للزراعةالعضوية في سورية وهناك لجنة مركزيةبصدد إعداد مسودة لهذا القانون، ولكن يخشى من تدخل الشركات الأجنبية في ذلك حيث أن الفلاح الذي يرغب بالتحول إلى الزراعةالعضوية يجب أن يكون خاضعاً لعمليات التفتيش الحقلي من الخبراء، ومن قبل شركات خاصة معتمدة ولا يقبلون أن تكون هذه الشركات محلية».

ويضيف المهندس"الشعار"«كما يجب الانتباه إلى أن الزراعةالعضوية لايمكن أن تكون على جميع الأراضي، فهي تحتاج إلى أراضي مناسبة جيدة وخصبة، وإلا فإن المردود ضعيف، وإذاحسبناالتكاليف فإنهاستكون مرتفعة، وفي حال رفضت الشركات اعتبارالمنتج عضوياً فإن الفلاح سيخسر وسيعودإلى الزراعة التقليدية، ولذلك يجب أن تكون الزراعة العضوية مدعومة من جهة ما، وفي كل الأحوال فإن الزراعةالعضوية ضرورية حتى ولو استفاد منهانسبة قليلة من الفلاحين القادرين على ذلك، لكنهاليست بديلاً».

كيف يمكن النهوض بهذاالقطاع محلياً:

المهندس الزراعي "عصام الصباغ" مدير التسويق بالاتحادالعام للفلاحين لخص لنا متطلبات النهوض بهذاالقطاع على الصعيد المحلي بالآتي: «تطويرواعتماد قانون ومقاييس وطنية للإنتاج العضوي مكافئة لنظيراتهافي الدول الأخرى، وتأسيس نظم للمراقبةوالمصادقة والاعتماد تتمتع بالاستقلال، ومن ثم المعرفة والخبرة بالزراعةالعضوية ومدخلاتها، والتصدير الناجح للمنتجات العضوية، وأخيراًوبما أن تكاليف الزراعة كبيرة، وخاصة في البداية، فإن الدعم الذي يمكن أن تقدمه الجهات المهتمة- الحكومية وغير الحكومية- لهذا القطاع في المرحلة المقبلة سيلعب دوراً بارزاً».

أخيراً:

الزراعةالسورية تواجه تحديات كبيرة، أبرزهاالجفاف والتبدلات المناخية وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، الأمر الذي سيزيدمن عجزها وقدرتها على المنافسة مع الزراعةالأوروبية وغيرها، ولذلك يجب عليناالبحث عن مزايا أخرى تبيح لزراعتناعدم الخروج من الحلبة، فهل نشهد في خططناالزراعية مساحات للإنتاج العضوي وفقاً للمقاييس والشروط العالمية، وأسواق للمنتجات الزراعية العضوية؟.