اشتهرت قرية "الناصريّة" بالزّراعة والصيد، فالزراعة هي مهنة الأجداد والآباء والأبناء وأساسيّة لاستمرار الحياة في القريّة، وتتميّز بسكّانها البسيطين، حيث يعتمدون على منتجاتهم الغذائيّة للحفاظ على حياة كريمة تليق بظروفهم.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت عضو مجلس إدارة قائد الطوارئ الدكتور "محمود الكفري" من "الجمعيّة السوريّة للاستكشاف والتوثيق" بتاريخ 24 أيار 2020، ليحدّثنا عن قرية "الناصريّة" وتموضعها الجغرافي، فقال: «تعدُّ قرية "الناصريّة" واحدة من قرى "القلمون" الشرقي، ومنها قرية "المنصورة"، "العطنة" ومدينة "جيرود"، مدينة "الرّحيبة"، بلدة "المعضّميّة"، مدينة "القطيفة"، وبالنّسبة لحدود القرية فيحدّها من الشمال سلسلة جبال "القلمون"، ومن الجنوب سلسلة "الجبال التدمريّة"، ومن الغرب قرية "العطنة"، و"بادية الشام" تحدّها شرقاً، أمّا مناخها فهو جيّد معظم فصول السنة باستثناء فترات الرياح الموسميّة، والتي عادة ما تضرب القرية وهي محمّلة بالغبار والأتربة القادمة من منطقة "التّعوس"، كونها منطقة كثبان رمليّة، وتبيّن لي ذلك من خلال نشاطات استكشافيّة للجمعيّة "السوريّة للاستكشاف والتوثيق" في القرية».

الزراعة تهمّ سكّان "الناصريّة" بشكل كبير، إذ يبلغ عدد أعضاء الجمعيّة من أهالي "الناصريّة" ما يقارب ثلاثمئة فلّاح، بالإضافة إلى العديد من الفلّاحين الّذين يعملون في مزارعهم الخاصّة وليسوا أعضاء في الجمعيّة، ولعلّ الأمطار الوفيرة خلال العامين السابقين ولغاية شتاء 2020 قد ساهمت بشكل كبير في تخفيف الجهد على الفلّاحين لاستجرار مياه الري، وساهمت الأمطار بمواسم زراعيّة غنيّة بالمنتجات ومنها البندورة والبطاطا والقمح والشعير والبقوليّات عموماً

وأضاف في المنحى التاريخي، قائلاً: «يذكر في كتب التّاريخ بأنّ "النّاصريّة" كانت طريق الخانات المشهورة بين مدينتيّ "تدمر" و"حمص" من جهة، و"دمشق" من جهة أخرى، ومنها خان "الناصريّة" وخان "الجلاجل" وخان "الأبيض"، وهناك عدّة روايات لسبب تسميتها بـ"النّاصرية"، ويرجّح السبب إلى كثرة المناصر (وتعني جداول وقنوات الماء)، والرواية الأخرى لسبب تسميتها، بأنّه نسبةً لقصر كان موجود بها ومالكه يدعى "ناصر الدين الأيوبي"، حيث يذكر شيوخ القرية بعض الذكريات عن قصر قديم كان موجود في منطقة مزارع "المجنونة" التي امتدّ عليها التصحّر من "بادية الشام"».

د. "محمود الكفري" من الجمعيّة "السوريّة للاستكشاف والتوثيق"

وأضاف "غياث حواري" أحد سكّان مزارع القرية، قائلاً: «هناك عدّة أعمال يقوم بها السكّان هنا، وتأتي الزراعة في مقدمتها، بالإضافة لتربية الحيوانات كالماعز والأبقار والأغنام، والتدجين أيضاً يقوم به بعض سكّانها، وذلك في مزارعهم التي يقومون بها بأنشطة الزراعة وتربية الحيوان معاً، ثمّ يذهبون للقرى والمدن المجاورة ليبيعوا منتجاتهم الطبيعيّة من ثمار وخضار ولحوم وبيض وألبان وأجبان وغيره، واشتهرت أيضاً بالصيد وخاصّة الطيور النادرة، حيث يقوم الصيّاد بتجهيز كمين للإيقاع بالطائر، مستعيناً بغراب مدرّب وبطائر حمام مربوط بخيط، فيقوم الغراب بالطيران للفت نظر الطائر والذي يرى هذا الغراب من مسافة بعيدة بسبب قوّة نظره، وعندما يأتي هذا الطائر، يهرب الغراب ويسحب الصيّاد طائر الحمام، فتتشتّت الفريسة وتنسى الغراب وتبدأ بالتهام طائر الحمام، فيسحب الصائد طائر الحمام ببطء ولا ينتبه الطير لذلك، إذ يعتقد أنّ فريسته ما زالت حيّة وتتحرّك، وعندما يصبح قريباً من الصياد فيلتقطه ليبيعه حيّاً، وغالباً يتم تصديره كونه غالي الثمن ومطلوب للزينة في بلاد الخليج، كما أنّ نسبة كبيرة من أبناء القرية يسافرون للعمل في دول الخليج منذ سنوات طويلة ولغاية الآن».

وعن وضع التّربة والزراعة في القرية التقينا رئيس الجمعيّة الفلاحيّة للقرية "ماجد غزال"، فقال: «الزراعة تهمّ سكّان "الناصريّة" بشكل كبير، إذ يبلغ عدد أعضاء الجمعيّة من أهالي "الناصريّة" ما يقارب ثلاثمئة فلّاح، بالإضافة إلى العديد من الفلّاحين الّذين يعملون في مزارعهم الخاصّة وليسوا أعضاء في الجمعيّة، ولعلّ الأمطار الوفيرة خلال العامين السابقين ولغاية شتاء 2020 قد ساهمت بشكل كبير في تخفيف الجهد على الفلّاحين لاستجرار مياه الري، وساهمت الأمطار بمواسم زراعيّة غنيّة بالمنتجات ومنها البندورة والبطاطا والقمح والشعير والبقوليّات عموماً».

أثناء نشاط استكشافي في القرية
"غياث حواري" أحد سكّان مزارع القرية