منطقة تحوّلت من بساتين متنوعة إلى مبانٍ تراثية وعصرية بآن واحد، تم بناؤها بعدما عجّت مدينة "دمشق" القديمة بالسكان، ومع مرور الوقت تحوّلت إلى جزء من المدينة، ويقطنها خليط سوري متنوع.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 8 أيلول 2017، "مأمون ياسين أمون" مختار المنطقة، ليحدثنا عن حي "الجبة" بالقول: «كانت المنطقة في القديم عبارة عن بساتين تزود أهل مدينة "دمشق" بالخضراوات والفواكه، وبسبب التوسع العمراني الذي طرأ على المنطقة؛ تمت إشادة أبنية طابقية حديثة مع المحافظة على بعض الأبنية القديمة كالجوامع والمدارس، كمدرسة "الصاحبة" التي عمرها نحو 750 سنة، ومدرسة "العفاف" التي اندثرت وبنيت مكانها مدرسة "الرشيد"، ومدرسة الشهيد "عمر الأبرش"، وغيرها من الأوابد والأبنية القديمة، إضافة إلى أنه تم الحفاظ على قسم كبير من المساحات الخضراء التي كوّنت حديقة "أبو النور" التي توسطت المنطقة، وتعدّ مكاناً لتنزه سكان المنطقة والمناطق المحيطة. وتمتد "الجبة" من ساحة وزارة التربية بمسافة 200 متر طولاً، ونحو 300 متر عرضاً، ويحدها من الشمال حي الشيخ "محي الدين بن عربي" وصولاً إلى مدرسة بور سعيد، وجنوباً نهر "تورا" وساحة وزارة التربية إلى مستشفى "أمية"، بينما من ناحية الشمال الشرقي، يتصل الحي بمنطقة الجسر الأبيض، وتضم المنطقة مركزاً للإطفاء ومركزين صحيين "أبو جرش" و"الجبة"، وعدداً من المدارس لكافة المراحل، وعدداً من الأفران، وسوق الشيخ "محي الدين" الأقرب إلى المنطقة الذي يلبي حاجات سكانها، ومؤسسة اجتماعية. سابقاً، كان عدد سكان المنطقة محدوداً بسبب قلة المساكن وكثرة البساتين، بينما الآن بلغوا نحو 50 ألف نسمة، سكنتها العديد من الأسر الدمشقية؛ بعضها كانت ولا تزال في المنطقة حتى الآن، كآل "سبيني"، وآل "النابلسي"، وآل "الناعورة"، وآل "الشرف"، وآل "السلامة"، وبعضهم هاجروا من تلك المنطقة، وأتت عائلات جديدة من أرجاء مدينة "دمشق" والمحافظات السورية ليكوّنوا خليطاً متجانساً من المجتمع السوري».

أنا لست من سكانه الأصليين؛ ولكنني أقطن بالحي منذ حوالي أربعين عاماً، ولا يختلف نمط العيش فيه عن المجتمع الدمشقي الذي كان ولازال محافظاً على عاداته الدمشقية القديمة، وخصوصاً في المناسبات المختلفة "كالمولد" والأعياد والأعراس والمآتم، فمثلاً يعتبر المولد من المناسبات التي تحتفي بها الأسرة في إطار من التقاليد والأعراف، كما تعتبر العراضات الشامية من الفلكلور الذي لابد من وجوده في أعراس الحي

ويضيف "مأمون" عن عادات وتقاليد أهل الحي: «منذ القدم وحتى يومنا هذا تمتع أهل "دمشق" بخصائص عرفوا بها ومازالوا يحافظون عليها، وحي "الجبة" لا يزال محافظاً على عاداته وتقاليده وخاصة الجانب الديني منها، فنجد استقبالات النساء ضمن الأسبوع الذي يخلو من الرجال، كما أنه خلال شهر رمضان يتبادلون أطباق الطعام التي تسمى "سكبة" بين بعضهم من أجل الحصول على الطعام المنوع وقت الإفطار، كما يضع الأهالي أمام بيوتهم ما يتوفر لديهم من مأكولات ليمرّ العابر ويقتات منها، وفي الأيام العادية كانوا يضعون الطعام في منطقة تدعى "جرن الشاويش" بهدف تقديم الطعام للمحتاجين والفقراء والمارين بالمنطقة، وهناك مسألة تحمل هوية المنطقة منذ مئات السنين؛ وهي "تكية الشيخ محي الدين"، التي تقدم منذ القديم وحتى الآن لمعظم سكان المنطقة وقاصديها "الهريسة بالفروج" التي تطبخ يوم الأربعاء من كل أسبوع وتقدم في صباح اليوم التالي، ولا تزال "التكية" محافظة على هذا الطقس حتى يومنا هذا؛ وتعدّ وقفاً للفقراء منذ الأزل، أضف إلى أن المنطقة كانت ولا تزال مثالاً للمحبة والوفاء والإيثار والتعاون والتعاضد في الأفراح والأتراح، فقد عرف عنهم رقة الحاشية ولطف المعشر ورحابة الصدر، فجعلوا من مدينتهم طابعاً تمثل في علاقاتهم وطباعهم وتطلعهم للحياة».

الدكتور محمد خير الكيلاني الحسني

ولمعرفة سبب تسمية المنطقة بهذا الاسم وتاريخها، كان لنا لقاء مع "محمد خير الكيلاني الحسني" دكتور في التاريخ، اختصاص (أنساب وتوثيق تاريخي)، حيث قال: «منذ أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس كانت المنطقة غير آهلة بالسكان، ففي الماضي كانت عبارة عن بساتين ومزارع قسم منها تابع لمنطقة الشيخ "محي الدين"، والقسم الآخر لمنطقة "الشركسية"، ويوجد فيها دير "الراهب"، ومنذ القدم هاجرت إليها العديد من الأسر الدمشقية وسكنت فيها، ثم نتيجة التوسع العمراني أصبحت حياً آهلاً بالسكان. ويعود أصل تسميتها نسبة لأسرة صالحة من آل "الجبة"؛ فسميت بذلك منذ 250 عاماً، وقبل ذلك كانت تدعى بساتين "أبو جرش"».

وفي لقاء مع "دانيا دبيس" من أهالي المنطقة، حدثتنا عن الحي بالقول: «أنا لست من سكانه الأصليين؛ ولكنني أقطن بالحي منذ حوالي أربعين عاماً، ولا يختلف نمط العيش فيه عن المجتمع الدمشقي الذي كان ولازال محافظاً على عاداته الدمشقية القديمة، وخصوصاً في المناسبات المختلفة "كالمولد" والأعياد والأعراس والمآتم، فمثلاً يعتبر المولد من المناسبات التي تحتفي بها الأسرة في إطار من التقاليد والأعراف، كما تعتبر العراضات الشامية من الفلكلور الذي لابد من وجوده في أعراس الحي».

مختار "الجبة" مأمون ياسين أمون
المنطقة عبر غوغل إيرث