تقع قرية "عين الشعرة" على سفح جبل الشيخ؛ على بعد أربعين كيلو متراً غرب مدينة "دمشق"، متوسطة قرى وبلدات الجبل، ومتميزة بكثرة ينابيعها.

مدونة وطن "eSyria" زارت القرية، بتاريخ 25 تشرين الأول 2014، والتقت الأستاذ "نواف راضي"، فقال: «"عين الشعرة" بلد الشعراء قديماً؛ تقع في بطن جبل الشيخ من الجهة الشرقية، ولها موقع متميز كاشف على العاصمة "دمشق" وغوطتها، وعلى محافظة "ريف دمشق" الغربي حتى التقائها مع حدود محافظة "القنيطرة"، وعلى سهول "حوران" و"جبل العرب"، وهاتان المحافظتان لا يمكن رؤيتهما بالعين المجردة، ترتفع عن سطح البحر نحو 1375 متراً، أرضها صخرية وصخورها كلسية بيضاء تتخللها بعض الكتل الصخرية السوداء الصماء في بعض مناطقها».

"عين الشعرة" بلد الشعراء قديماً؛ تقع في بطن جبل الشيخ من الجهة الشرقية، ولها موقع متميز كاشف على العاصمة "دمشق" وغوطتها، وعلى محافظة "ريف دمشق" الغربي حتى التقائها مع حدود محافظة "القنيطرة"، وعلى سهول "حوران" و"جبل العرب"، وهاتان المحافظتان لا يمكن رؤيتهما بالعين المجردة، ترتفع عن سطح البحر نحو 1375 متراً، أرضها صخرية وصخورها كلسية بيضاء تتخللها بعض الكتل الصخرية السوداء الصماء في بعض مناطقها

ويضيف: «استوطنها أهلها منذ أكثر من مئتي عام، قسم منهم ذهب من "حلب" إلى "لبنان"، ومن لبنان قدموا إلى هذه البقعة واستقروا فيها، وقسم آخر من "فلسطين" مروراً بلبنان أيضاً؛ وصولاً إلى "عين الشعرة"، وهؤلاء هم سكان الحارة "الفوقة"، أما الحارة "التحتة" كما يلفظها الأهالي؛ فقد قدموا إليها من مناطق متفرقة أثناء البعثات التبشيرية، منهم من لبنان ومن "دمشق" وغيرهما، يحدها من الجنوب قرية "حينة" التي تبعد عنها نحو خمسة كيلو مترات، ومن الشمال قرية "خربة السودا" التي تقع على جانب "وادي بحيران"، وهي في مكان منخفض عن "عين الشعرة" التي ترتفع عنها نحو ثلاثمئة متر، وعن "حينة" نحو مئتين وخمسين متراً، كما يحدها من الجنوب الغربي قرية "دربل"، ومن الغرب قرية "عرنة"، حيث يرتفع موقع "عين الشعرة" عنها بنحو ثلاثمئة متر، ويحدها من الجنوب الشرقي قريتا "كفر حور" و"بيتيما"، ومن الشمال الشرقي قريتا "بقعسم" و"قلعة جندل"؛ وهما على نفس المستوى من "عين الشعرة" من حيث الارتفاع عن سطح البحر، وتتبع القرية لناحية "الحرمون" التابعة لمنطقة "قطنا" في ريف دمشق».

ينابيع المياه الغزيرة

وعن العائلات التي تتكون منها القرية؛ يتابع "راضي": «أسست هذه القرية من عائلات توزعت على الحارتين، فحارة "الفوقة" تتألف من عائلات: "شعفورة، حميد، زرقطة"، وقد هاجرت معظم هذه العائلات إلى خارج القرية؛ ومنهم إلى خارج البلد، أما العائلات التي تقيم فيها حالياً فهي: "الخمري، أبو حامد، راضي، جبر، مزهر، حمدان، أنديوي، شروف، الجارية، مسعود، سلامة".

أما العائلات التي رحلت عنها وأصلها منها أيضاً فهي عائلات: "عز الدين، يعسوف، قرقماز، رشيد، فخر الدين، أبو محمود، عبود، حاتم، ضيا"؛ وهم من أصل سكان "عين الشعرة" القدماء.

حين ترتدي ثوبها الأبيض

أما الحارة "التحتة" فعائلاتها: "الخوري، عبود، السيقلي، أبو النصر، نصر، عون، مارينا، القسيس، الطويل، شحادة، حنا، السمر، بشارة، غنطوس، عطاالله، المعلولي، الياس، المعلوف، أبو عيسى".

وكل حارة من هاتين الحارتين سكنت حول نبع ماء سمي باسم الحارة نفسها؛ وفي أغلب الأحيان تذهب الحارتان إلى نبع الحارة "التحتة"، خاصة أثناء صنع البرغل؛ لأن هذا النبع أشد غزارة من نبع الحارة "الفوقة".

صورة جوية

أما سبب تسمية القرية فيعود إلى نبع كانت مياهه أكثر ثخانة من الشعرة من حيث قوتها، كانوا قد أحدثوا لها حوضاً لجمع هذه المياه للاستفادة منها، وهناك مقولة أخرى تقول إن قسماً من أهلها القدماء كانوا ينظمون الشعر فسميت "عين الشعراء"».

يعيش أهل القرية حياة هانئة وراضية؛ لا تشوبها شائبة، ضمن نسيج واحد، فهما حارتان متميزتان بالألفة والمحبة والتعاضد والتفاهم والمشاركة في الأفراح والأتراح، ويعجز الغريب عن التفريق بين أصحاب الأفراح وروادهم، وكذلك الأتراح، فحالة التشاركية هي المسيطرة فعلاً على تفاصيل الحياة هناك، فقد شكل الأهالي قديماً جمعيةً لنقل الركاب؛ تبرع لها جميع أهل القرية واشتروا حافلة صغيرة باتت تقلهم إلى المدينة، والحالة التشاركية والتفاهم ما بين أبناء القرية ساهم ببناء أول مدرسة ابتدائية أثناء الانتداب الفرنسي لـ"سورية" من أم لأحد الضباط الفرنسيين الذي وقع أسيراً بيد أبناء القرية، وخُلّي سبيله لأنه وحيد ولأنه تعهد بالخروج مع أمه من وطننا بعد ذلك، وعليه كان لها الدور الأكبر ببناء الابتدائية من حيث التمويل».

وحول عمل أهل القرية التقينا السيد "حسين نصر الدين" أحد سكان القرية، فقال: «يعمل السكان بالزراعة، ومعظم أراضي "عين الشعرة" بعلية؛ تزرع بأشجار التين والعنب واللوز والزيتون، ويوجد فيها الينابيع التالية: "قبو أبو سلطان، قبو نجم راضي، عين الخشف، عين الباردة، عين القرنة"، وكلها متواجدة في وادي "عين الشعرة" الشرقي، والمنخفض بشكل واضح، كما يوجد العديد من الينابيع التي تنحدر من قمة الجبل، وهي: نبعا "عين العريش" الأول والثاني، "عين أبو طريف"، "عين الجوزة" الذي تم سحب مياهه للشرب إلى قرية "خربة السودا".

ونظراً لوعورة أراضيها وانحدارها الطبيعي؛ قام المواطنون باستصلاح هذه الأراضي وتحويلها إلى مصاطب زراعية لتشجيرها حيث تسهل حراثتها».

كما التقينا مختار القرية العم "هيكل أبو النصر"، وحدثنا عن الخدمات المتواجدة في القرية، فقال: «يربط القرية بالقرى المجاورة طريق معبد يصلها أيضاً بالعاصمة "دمشق"، كما يربطها بطرق متفرعة بالقرى الأبعد، وفيها بئر ارتوازية رديفة لنبعي القرية؛ تعمل على مضخة كهربائية توصل المياه إلى خزان في نقطة مرتفعة في الحارة "الفوقة"، مما يسمح بتوزيع المياه لكل بيت من بيوت القرية، وفيها شبكة للصرف الصحي، وساحة وسط القرية تقام فيها الاحتفالات والأعراس، وقديماً كانت تستقبل المعزيين لكلا الحارتين بشكل مشترك؛ قبل أن يشاد موقف للتعازي في الحارة "الفوقة"، كما يوجد فيها أيضاً جمعية فلاحية ترعى شؤون المزارعين».

أما من حيث الثقافة؛ فإن "عين الشعرة" تعد من القرى المتميزة علمياً وثقافياً، فعدد سكانها الرسمي نحو 4000 نسمة، ممن يقطنون فيها حالياً إضافة إلى قاطني "دمشق" وضواحيها، هذا العدد القليل نسبياً يضم قرابة 13 شهادة دكتوراه متعددة الاختصاصات، وفيها الكثير من الأطباء البشريين؛ والصيادلة والأطباء البيطريين والمهندسين والمحامين والمدرسين، لكن قلة موارد العيش ومحدوديتها دعت الكثيرين للهجرة خارج القرية، فتوجه بعضهم إلى الداخل السوري وسافر آخرون إلى أوروبا، وتحديداً إلى الدول التالية: البرازيل، فنزويلا، الولايات المتحدة الأميركية، الأرجنتين، أستراليا، تايلاند، ألمانيا، النمسا، السويد، سويسرا، ودول الخليج، ونظراً لدور هذه الهجرة في تقليص عدد سكان القرية شتاءً بشكل واضح، انحصر عدد تلاميذ المدرسة الابتدائية بـ35 تلميذاً، والبقية يتلقون تعليمهم في المرحلة الثانية من التعليم الأساسي، وفي المرحلة الثانوية في قرية "حينة"».

وأضاف: «إن القرية متأصلة في القدم، إذ فيها ثلاث كنائس وجامع واحد، وقد بنيت فيها أول مدرسة ابتدائية في زمن الاحتلال الفرنسي، ويوجد فيها عدد من المغارات بين صخورها مثل مغارة "الرهبان" التي حفرت بواسطة الأيدي والآليات البدائية، وتتسع لأكثر من عشرين شخصاً، وفيها أيضاً مغارات: "الحمام، جب الحجار"، "مزار الدكن، والخندق الصيفي"، كما يوجد فيها معصرة للدبس حفرت أحواضها في الصخر بالآلات البدائية، وكانت تستخدم في عصر العنب وتحويله إلى دبس».

يذكر أن بيوت "عين الشعرة" حفِرت في قلب الصخور، يلفحها الهواء العليل الذي يستمد برودته من برودة ثلج "جبل الشيخ" المرتفع الشاهق، ويظهر منظرها ليلاً للقرى المجاورة كأنها نجوم متلألئة.