ارتبط اسمها باسم "نبع الماء" الذي أعطاها الحياة، وانتشر ذكرها منذ العصر الروماني، وتشتهر اليوم بإنتاج الجوز والتين والعنب.

إنها بلدة "عين منين" التي زارتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 شباط 2014 والتقت السيد "مصطفى الخليل" من أهالي المنطقة؛ الذي قال: «تقع بلدة "منين" في "القلمون"، ويبلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة، تشتهر بزراعة الجوز والتين والعنب، إضافة إلى بعض الأعمال التجارية والصناعية البسيطة، مثل الخياطة والتطريز. وتتبع إدارياً إلى مدينة "التل" التي تبعد عنها نحو 5كم شمالاً، وتبعد عن "دمشق" نحو 18كم باتجاه الشمال وتقع في منطقة منخفضة بالنسبة إلى المناطق المجاورة لها، وترتفع عن سطح البحر 1150م.

قرية خضرة نضرة وفيها ضريحا السيدين الجليلين الشيخ جندل بن محمد الرفاعي الذي توفي عام 675هـ (1277م)، والشيخ أبو الرحال عبد الرحمن بن مرة الذي توفي عام 694هـ (1297م). وذكر الشيخ عبد الغني النابلسي في رحلته الحقيقة والمجاز عندما مر بها عام 1105 هـ (1695م) في طريقه إلى يبرود ومدحها بقوله: "هذه قرية هواها هو الصيف... وماؤها ماء الشتاء وحكت أرضها الربيع اخضراراً... وخريف بيوتها للرائي فلها الأربع الفصول تبدت... جملة فهي نزهة العقلاء"

تحيط بها عدة كتل جبلية مثل "جبل مار تقلا" من الشمال الشرقي (1265م)، و"العين" من الشمال الغربي (1312م)، و"برتا" من الجنوب الشرقي (1397م)، و"حقول العدس" من الجنوب (1285م)، و"مكارة" من الغرب (1350م)».

الدكتور "محمود حمود" مدير آثار ريف دمشق

سكن الإنسان القديم هذه البلدة منذ العصر الحجري، ويعود إلى نبع "منين" الفضل في قيامها، تسميتها سريانية الأصل وتعني "مركز التجمع"، وتتميز "عين منين" بشكل عام بالآثار الموجودة فيها، وهي بلدة مشهورة في العصرين الروماني والبيزنطي، وكان فيها مجمع ديني ضخم.

الباحث الآثاري الدكتور "محمود حمود" مدير آثار ريف دمشق تحدث عن بلدة "منين" بالقول: «يتدفق ماء "عين منين" الذي نسبت إليه البلدة من مغارة في الصخور الكلسية في أسفل جبل العين، كانت تصل غزارته حتى 400ل/ثا، وكان يشكل نهراً تجري مياهه نحو الجنوب ضمن واد عميق، يبدأ بخانق منين الذي حفره النهر ضمن الصخور الكلسية القاسية، ليشكل فيما بعد مصاطب لحقية على الجانبين قامت عليها مراكز مدينة مهمة خلال العصور السابقة، مثل بلدة "منين" ومدينة "التل" وقرى "حرنة ومعربة"، يؤمن النبع مياه الشرب والسقاية لها.

خريطة للمكان

ومن ثم تنضم إليه مياه وادي حلبون ليصل إلى "برزة"، ويستمر إلى الأجزاء الشمالية من الغوطة الشرقية، إلا أنه أصبح الآن ضعيفاً وبالكاد تخرج مياهه من القرية، بعد أن أقيم عليه مشروع لسحب مياهه إلى خزان تجمع لتغذية البلدة عبر شبكة تمديدات حديثة؛ وقد ذكر أن الخليفة العباسي المأمون جر قناة من هذا النهر إلى معسكره في دير مران قرب "الربوة"».

وعن تسمية "منين" يقول "حمود": «تسمية منين سريانية الأصل، وربما أصلها "مينا" وتعني مركز التجمع، لكن "ياقوت الحموي" أورد عدة معان لمنين في معجم البلدان منها المنين من الرجال الضعيف، والمنين القوي، وجبل منين إذا أخلق وتقطع، والمنين الغبار، والمنين الثوب الخلق، ومنين قرية في جبل سنير (القلمون) من أعمال دمشق ويذكر بعضهم أن أصل الاسم سرياني ويعني سوس الحبوب، أو وحدة صغيرة للوزن أو جمع تنكير بمعنى أعداد أو أجزاء.

وعدم ذكر ياقوت لبلدة "التل" أو "تل منين" في القرن السابع الهجري ربما يدل على أنها لم تكن موجودة أو كانت مزرعة صغيرة في ذلك الوقت، علما أنها كانت مسكونة خلال العصرين المملوكي والعثماني».

وذكر "البديري" في كتابه "الأنام في محاسن الشام" "منين" بالقول: «قرية خضرة نضرة وفيها ضريحا السيدين الجليلين الشيخ جندل بن محمد الرفاعي الذي توفي عام 675هـ (1277م)، والشيخ أبو الرحال عبد الرحمن بن مرة الذي توفي عام 694هـ (1297م).

وذكر الشيخ عبد الغني النابلسي في رحلته الحقيقة والمجاز عندما مر بها عام 1105 هـ (1695م) في طريقه إلى يبرود ومدحها بقوله:

"هذه قرية هواها هو الصيف... وماؤها ماء الشتاء

وحكت أرضها الربيع اخضراراً... وخريف بيوتها للرائي

فلها الأربع الفصول تبدت... جملة فهي نزهة العقلاء"».

ويضيف "حمود" بالقول: «سكنت المنطقة منذ العصر الحجري الحديث على الأقل، مروراً بالعصور القديمة وعصر الحديد، إلا أن أكثر فترات ازدهارها كانت في العصرين الروماني والبيزنطي، إذ كان فيها على سفح جبل مار تقلا مجمع ديني ضخم يضم عدة معابد (أهمها معبدان محفوران في الصخر وأمامهما منصة ضخمة أو معبد ثالث)، ومنشآت أخرى على سطح الجبل وسفوحه وإضافة إلى هذا المجمع الديني على سطح الجبل كان في البلدة كينسة بنى مكانها الجامع القديم، وحمام قديم متهدم يحتاج إلى الترميم كما تضم الجبال المحيطة بالبلدة عدداً كبيراً من المدافن المحفورة في الصخر».

ويتابع: «زارها عدد من الرحالة في القرون الأخيرة، ووصفوا معابدها؛ ومنهم السائح الإيطالي lodvico wartime الذي زارها عام 1503 وكان جزء من سكانها مسيحيين وذكر أن فيها كنيستين جميلتين ووصف المعبدين الكبيرين على سطح الجبل، والمنصة الضخمة الواقعة إلى الغرب منهما التي يسميها الناس قصر مارية وترتبط مع هذا التسمية قصة تقول أن مارية الغسانية زوجة الملك الحارث الثاني هي التي بنت ذلك القصر في "منين" في القرن الرابع الميلادي؛ وبقي عامراً حتى القرن السادس الميلادي، وأن زوجها الذي قتل مسموماً دفن في أحد أديرتها. وإذا كان لهذه القصة جذور تاريخية فقد حدثت كلها في القرن السادس الميلادي، وليس من القرن الرابع وحتى السادس. كما تروى عنها قصة مرور القديسة تقلا إلى جبل منين، حيث استراحت هناك لمدة يومين قبل أن تتابع طريقها إلى "معلولا"؛ فسمي الجبل باسمها جبل مارتقلا.

وزار الموقع porter عام 1855 ووصفه بشكل دقيق وذكر أنه كان يوجد رواق بأربعة أعمدة ودرج يتقدم مبنى قائماً على المنصة، كما زارها thoumin عام 1929 وقدم وصفاً له لم يذكر فيه ذلك الرواق، ما يعني أنه كان قد تهدم. ويشار إلى أن الكاتبين لم يذكرا شيئاً عن منشآت واقعة في باحة المعبدين، ونفس الشيء للمنشآت الأخرى الواقعة على سطح الجبل وسفوحه؛ ما يعني أنها كانت مردومة منذ ذلك الحين وتنتظر معاول المنقبين التي جاءت بعد سبعين عاماً».