وسط سلسلة جبال القلمون تتربع بلدة "حلبون" ذات الطبيعة الساحرة، واليناييع الكثيرة، التي يعود تاريخها إلى أيام النبي "إبراهيم" -عليه السلام- أثناء حربه مع الملوك الخمسة، تشتهر بزراعتها لأشجار التين والجوز البلدي، ويقال إن اسمها جاء من طائر "البوم".

مدونة وطن "eSyria" أجرت بتاريخ 18 شباط 2014 اتصالاً هاتفياً مع السيد "إبراهيم دياب" رئيس بلدة "حلبون"؛ الذي قال: «تبعد البلدة عن "دمشق" نحو 27كم، ويبلغ عدد سكانها 13 ألف نسمة وفق إحصائية العام الفائت، تشتهر بزراعتها لأشجار التفاح والتين والكرز والجوز والمشمش، وتعدّ من أقدم المناطق في ريف دمشق؛ التي تعود إلى أيام سيدنا إبراهيم أثناء حربه مع الملوك الخمسة الذين سبوا أهل لوط، واتبعهم حتى حوبة شمال "دمشق" والمقصود بـ"حوبة" هنا حلبون».

يذكر كبار السن أن "حلبون" كانت اسمها "حنة البوم" ومع مرور الزمن تحول اسمها إلى "حلبون" تحوي البلدة خمس مدارس؛ منها ابتدائيتان، وثلاث مدارس إعدادية وثانوية

وأضاف "دياب": «تتميز القرية بكثرة ينابيع المياه فيها؛ التي تغذي 4 قرى مجاورة لها: (منين، وصيدنايا، ودريج، وتلفيتا)، ولعل أشهرها نبع "عين الصاحب"؛ الذي يغذي "حلبون"، ونبع الفاخوخ، ونبع عين الحمة، ونبع عين البير، ونبع الشجرات، نبع عين الحجل، نبع عين بلارة، نبع العين، ونبع بيسان؛ الذي يغذي "صيدنايا"، تحدها من الغرب بلدة "سرغايا"، ومن الجنوب "عين الصاحب"، ومن الشرق "تلفيتا ومنين"، ومن الشمال "رنكوس" الجرد، يعمل أهلها في الزراعة، والنسبة الأخرى مغتربين خارج البلد، والباقي موظفين».

أحد ينابيع المياه في البلدة

وبين "دياب" أن: «القرية تمتاز بأشجارها المثمرة؛ التي تصل إلى أكثر من مليون شجرة خاصة أشجار المشمش والتفاح والكرز والجوز والتين، وهي تحتل المرتبة الأولى في مساحة الأراضي المزروعة بين البلدات المجاورة لها، تبلغ مساحة القرية 150كم مربع، تعتمد البلدة في ميزانيتها على تراخيص البناء وتراخيص المحال وعلى الإعانات السنوية التي تمنحها وزارة الإدارة المحلية للبلدة».

أما سبب التسمية "حلبون"، فيقول "دياب": «يذكر كبار السن أن "حلبون" كانت اسمها "حنة البوم" ومع مرور الزمن تحول اسمها إلى "حلبون" تحوي البلدة خمس مدارس؛ منها ابتدائيتان، وثلاث مدارس إعدادية وثانوية».

حلبون في الدائرة المحددة من غوغل إيرث

ويبين الدكتور "محمود حمود" -مدير آثار ريف دمشق- أن المراجع التاريخية تذكر "حلبون" بالقول: «تشير الحوليات الآشورية وبعض المراجع الأثرية إلى أن "حلبون" هي نفسها "شاليبون" التي ذكرها كتاب العهد القديم في "سفر حزقيال"، وبطليموس في تاريخه والتي اشتهرت ببندها المميز الذي كان يصدر إلى أنحاء في الإمبراطورية الرومانية.

خضعت "حلبون" في نهاية العصر الهلنستي وبداية العصر الروماني لحكم فرع من الأسرة الآيتورية كانت تتخذ آبل السوق عاصمة لها في عهد ملكها ليزانياس، ومن ثم خضعت مع بقية منطقة القلمون إلى حكم القائد اغريبا وابنه اغريبا الثاني الذي توفي عام 100م، وخلال هذه الفترة شهدت "حلبون" أوج ازدهارها، وتعود معظم النصوص الكتابية التي اكتشفت فيها في القرن التاسع عشر إلى هذه الفترة وأهمها النصوص التي تتحدث عن قيام الملك (ماركوس يوليوس اغريبا الثاني) ببناء معبد البلدة، والتي نستفتح منها وجود معبد ضخم مزود برواق بني في القرن الأول في عهد القائد اغريبا إلا أن هذا المعبد غير موجود حالياً في البلدة».

بقايا المعبد المكتشف في القرية

وأضاف "حمود": «يذكر أهالي البلدة عدة أعمدة وتيجان استخدمت في بناء جامع البلدة القديم في الساحة قرب النبع. هدم الجامع القديم منذ نحو 30 عاماً وبني مكانه الجامع الحديث، كما اكتشفت مجموعة من اللقى الأثرية فيها في ثلاثينيات القرن العشرين حفظت في المتحف الوطني وصنفت على أنها تعود إلى العصر الروماني، مثل عدة مرايا وجرس صغير وبعض الحلي والنقود».

وتابع: «ضمن أعمال المسح الأثري التي قامت بها البعثة الوطنية في المناطق المحيطة تم اكتشاف مبنيين من العصر الروماني شمال غربي البلدة، الأول هو المبنى الجنوبي؛ وهو بقايا معبد من العصر الروماني بقيت منه المنصة التي بني عليها وبعض بقايا المدخل والدرج، ينفتح المدخل إلى الشمال بني من حجارة كلسية ضخمة يصل طولها إلى أكثر من مترين.

كما اكتشفت في الموقع ذاته حجارة عدة عليها زخارف بسيطة متنوعة ومذبح صغير عليه صورة نصفية لرجل، وتمثال نصفي لشخص يرتدي الزي الروماني؛ كتب اسمه بجانب رأسه.

أما المبنى الثاني الشمالي فيقع شمال المبنى الأول على بعد 12م بقي منه جداران متعامدان طول كل منهما نحو 18 متراً، وعرض كل جدار نحو 3 أمتار».

وختم بالقول "حمود": «ضمن أعمال البعثة تم مسح بلدة "حلبون"، واكتشفت فيها عشرات القطع الحجرية المعمارية المتناثرة في شوارع البلدة، وهي عبارة عن حجارة بناء، وأجزاء من أعمدة، وكورنيشات وقواعد وتيجان وأعمدة ومذابح، ما يدل على الازدهار الكبير الذي عاشته البلدة في العصر الروماني».