ساعده قربه من "جامعة دمشق" على أن يكون مكاناً تتجمع فيه المكتبات والمعاهد التدريسية والمهنية، ورغم وجوده في مركز المدينة إلا أن قصوره الفسيحة وأزقته الملأى بشجيرات الياسمين تنسي المارين أنهم وسط مدينة مزدحمة بالمارة والسيارات.

مدونة وطن "eSyria" جالت في حي الحلبوني في 1/6/2013 وزارت أشهر مكتبات الحلبوني وهي مكتبة "أبو عبادة" والتقت صاحبها "محمد زكي رمضان يوسف" فقال: «الحلبوني مكان متميز وهام، أهميته تكمن في موقعه المتميز بين أحياء دمشق القديمة والحديثة، وأهميته الثقافية من حيث طباعة الكتب المختلفة المناهج وتوريدها إلى داخل سورية والعالم.

افتقدت بيوت حي الحلبوني المساحات الخلفية والجانبية، وهذا ما يعني افتقادها للحدائق والفسحات السماوية، قطنتها الأسر الدمشقية العريقة، لموقعها وطيب هوائها، وما زال بيت الشيخ تاج الدين الحسني قائماً ليذكر بسكن رئيس الجمهورية السورية، كذلك سعيد الغزي، وموفق النحلاوي، وغيرهم كثر

يرتاد مكتبتي كثيرون من جنسيات مختلفة للسؤال عن نفائس الكتب، منهم أمريكيون ويابانيون جمعتني معهم صداقة، ومنهم فرنسيون وألمان من المستشرقين الذين يبحثون عن المعرفة المكتوبة».

قصر الحلبوني

يقع حي الحلبوني في منطقة البرامكة، إلى الغرب المجاور لمحطة الحجاز، ويمتد إلى مشفى دار التوليد في البرامكة، وقد عرف في العهد المملوكي باسم "وادي الأعجام"، وفيه وجدت محلة الخلخال التي تعد من أجمل بقاع دمشق، وفيها قبور البرامكة، وقسم من محلة المنيبع، أو عين المنيبع التي تعني بالسريانية "العين المتفجرة"، ويعزى ذلك لمرور نهر القنوات فيها، أو وجود عين ماء متدفقة هناك.

يقع "وادي الأعجام" حيث توجد زاوية تحمل نفس الاسم في موقع جنينة النعنع اليوم التي زالت آثارها، وتحول الاسم إلى بستان الأعجام ليحمل في أواخر القرن الماضي اسم "زقاق المنلا"، وظل كذلك إلى أن اشتراه "حسن أفندي الحلبوني" وعمر فيه قصره، وعمر إلى جانبه الجامع الذي عرف به ليمتد العمران إلى البستان، وشيدت أبنية كثيرة، وأطلق على الحي بكامله حي الحلبوني، ونسبة الحلبوني، تعود إلى قرية حلبون من قرى التل شمالي دمشق والتي تشتهر بطيب هوائها وجبالها ومتنزهاتها.

محمد زكي رمضان

الأستاذ "نشوان الأتاسي" أحد سكان حي "الحلبوني" تحدث عن ذكرياته في الحي بالقول: «لطالما أحببت أحياء الشام فكنت أتردد عليها بشغف ولقد قضيت فترة دراستي الجامعية مقيماً في حي الحلبوني الذي ضم بين جنباته مزيجاً اجتماعياً فريداً، كان المالكون دمشقيين، والمستأجرون من الطلاب من حمص وحماة، فعلى ما أذكر سكن في الجوار آل السيد والقضماني، والمقداد من حوران، وعائلة جركسية، وأخرى فلسطينية، بالقرب منها فرع لمنظمة تحرير فلسطين (القيادة العامة) كانت شوارعه نظيفة، ذات أشجار وارفة ظليلة، وللحي خصوصيته، وفيما بعد تحولت المنطقة تدريجياً من حي سكني هادئ إلى حي تجاري، فحل الحي محل سوق الوراقين الكائن في المسكية الواقعة داخل السور».

يعود بناء الأبنية في هذا الحي إلى الفترة العثمانية وفيما بعد الفرنسية، وذلك لتطابق فن المعمار الهندسي فيها مع مناطق سكنية حديثة خارج السور، مع وجود مزيج معماري بين بيوت عربية قديمة مازالت قائمة بالتجاور مع أبنية ذات طابع معماري كلاسيكي، وبلقاء مع شيخ مهندسي الشام "خليل الفرا" قال: «افتقدت بيوت حي الحلبوني المساحات الخلفية والجانبية، وهذا ما يعني افتقادها للحدائق والفسحات السماوية، قطنتها الأسر الدمشقية العريقة، لموقعها وطيب هوائها، وما زال بيت الشيخ تاج الدين الحسني قائماً ليذكر بسكن رئيس الجمهورية السورية، كذلك سعيد الغزي، وموفق النحلاوي، وغيرهم كثر».

الحي في المربع الأصفر

من طريف ما روي حول حي الحلبوني أن منشئ الحي كان قد ظفر بإحدى طمائر الجيش العثماني عقب انسحابه من بلاد الشام عام 1918م، وهي عبارة عن صناديق عدة مملوءة بالذهب العصملي الوهاج، فصار من كبار الأغنياء وأثراهم ومن هذا المال عمر القصر والجامع، وربما تكون الرواية لا تعدو مبلغ الأقاويل.

من أهم المباني القائمة إلى اليوم، جامع الحلبوني، شيده الحلبوني عام 1933م، وهو من أهم العمائر في المنطقة، لكونه الأقدم ومن تسميته استمد اسم المكان، وهو من المساجد التي بنيت في العهد الفرنسي، في موقع بستان الأعجام، نسب إلى اسم بانيه، وكانت تحيط به من جهة الغرب حديقة غناء، أضيفت إلى الجامع عام 1402 هـ، فازدادت محاسنه، وتضاعفت مساحته، وصارت تقام فيه الجمع، فيه نقوش رائعة قديمة، وربما أقيم الجامع على أنقاض مدرسة أو جامع كما يلاحظ من قبته وذلك لوجود عدد من المدارس والمساجد والزوايا في المنطقة.