إحدى أشهر كنائس سورية وواحدة من أولى المحطات التي يقصدها السواح في جزء من سياحتهم الدينية في سورية، كنيسة الزيتون التي تتوسط أحد تفرعات حي باب شرقي بدمشق ويعود تاريخ تشيدها لأكثر من /150/ عام.

موقع "eDamascus" التقى راعي "كنيسة الزيتون" الأب "جورج جبيل" لإلقاء الضوء على تاريخ الكنيسة قائلاً: «بعد أن حصلت طائفة الروم الكاثوليك على حريتهم وعدم التعرض لهم في شؤون عبادتهم أو انتخاب بطريركهم أو أساقفتهم في سنة/1830/ من السلطان العثماني "محمود الثاني"، قام أبناء الطائفة بشراء أرض وكنيس متداع لليهود طائفة القرائين (في حارة الزيتون حالياً)، وبدأت عملية بناء الكنيسة في/20أيلول/ عام /1833/ بناء على القرار الصادر عن "محمد باشا" والي مصر، وبعد إنهاء الإجراءات القانونية باشر أبناء طائفة الروم الملكيين الكاثوليك بعملية البناء بهمة ونشاط فرحين متهللين يحملون الحجارة على أكتافهم وانتهى العمل عام /1834/ حيث تم التدشين في الرابع من شهر نيسان عام /1834/ يوم أحد الشعانين على يد البطريرك "مكسيموس الثالث مظلوم"».

أعتبر أن عملي في الكنيسة هو خدمة اجتماعية وواجب ديني وأخلاقي، فهي مرجع الكنائس في مدينة "دمشق" حيث يقصدها زوار وسياح من مختلف المناطق، وتنبع قوتها من ذلك الجو المشبع بالإيمان والمحبة والرجاء

ويتابع الأب "جبيل": «وفي عهد ولاية البطريرك "اكليمنضوس بحوث" تعرضت مدينة "دمشق" كغيرها من المدن في "سورية" للأحداث الطائفية البغيضة سنة /1860/ وهو ما يعرف عند الدمشقيين بسنة "الطوشة" فقد تعرض أثناءها المسيحيون لمذبحة كبرى استشهد منهم الآلاف، وخسروا عدداً كبيراً من كنائسهم ومدارسهم ومنازلهم حرقاً وتدميراً ونهباً وفي أثناء هذه الأحداث التهمت النيران كنيسة "سيدة النياح الدمشقية" و "الدار البطريركية" فلم يبقَ فيها حجر على حجر وبعد هذه الأحداث أعاد الدمشقيون بناء "الكاتدرائية" على مساحة أوسع ودام العمل فيها نحو سنتين حتى اكتمل البناء عام /1864/».

الكنيسة من الداخل

أما عن أقسام الكنيسة يضيف الأب "جبيل" قائلاً: «تضم رعية "سيدة النياح" عدة مبانٍ مهمة منها الأثري ومنها الحديث وأهمها؛ (كنيسة سيدة النياح الأثرية، الدار البطريركية، دار القديس نقولاوس، مركز التنشئة اللاهوتية، الإكليريكية الصغرى، المحكمة الروحية لأبناء الطائفة، الجمعية الخيرية لفقراء الطائفة، نادي القديس جاورجيوس لرعايا الأطفال، مجموعة من القاعات والغرف للنشاطات، قاعة القديس يوسينوس، بيت الطالبات "الفويية" وهو المخصص لاستقبال الطالبات الجامعيات) وتنفرد رعية "سيدة النياح" بميزات عدة عن باقي الرعايا الدمشقية وذلك لعدة أسباب؛ ففيها تم بناء الكنيسة الأولى للروم الكاثوليك بعد عام /1724/ وثانياً هي المركز الكرسي البطريركي في "دمشق" والمقر الرئيسي للبطريرك ونائبه منذ ما ينيف عن قرنين من الزمن».

و يتابع الأب "جبيل" قائلاً: «حيث تبوئ السدة البطريركية منذ تأسيس الكاتدرائية عشرة بطاركة، وهم على الترتيب؛ (البطريرك مكسيموس الثالث مظلوم وهو أول بطريرك للطائفة، اكليمنضوس بحوث، غريغوريوس الأول سيور، بطرس الرابع جريجيري، كيرلس الثامن جحا، ديمتريوس الأول قاضي، كيرلس التاسع مغبغب، مكسيموس الرابع صايغ، مكسيموس الخامس حكيم، البطريرك غريغوريوس الثالث لحام) فقد استلم منذ عام /2000/ وهو مايزال بطريرك الكنيسة حتى الآن؛ أما الدار البطريركية يضم عدة أقسام: "مقر إقامة غبطة السيد اليطريرك الرسمي- مقر إقامة النائب البطريركي العام بدمشق - مكتب القيم العام للأبرشية يتضمن مكاتب متعددة منها (القيمية العامة و دائرة البطريرك و سكرتارية) - الصالون البطريركي المخصص للزوار الرسمين - غرف المنامة "».

الأرشمندريت جورج جبيل

وينهي الأب "جبيل" حديثه قائلاً: «كاتدرائية "سيدة النياح" صرح من الصروح الدينية التي تجسد الشهادة والصمود، شهادة المسيحي التي توارثها مع الأجيال وهي تمثل عمق سر الفداء، وصمود المؤمن أمام التحديات وهو يمثل عمق الإيمان برسالة الخلاص؛ إنها تشكل صفحة مجيدة من تاريخ الكنيسة المشرقية الموسومة بالمعاناة».

الشاب "جوزيف شلش" الذي يعمل في خدمة الكنيسة تحدث قائلاً: «أعتبر أن عملي في الكنيسة هو خدمة اجتماعية وواجب ديني وأخلاقي، فهي مرجع الكنائس في مدينة "دمشق" حيث يقصدها زوار وسياح من مختلف المناطق، وتنبع قوتها من ذلك الجو المشبع بالإيمان والمحبة والرجاء» .

العرش البطريركي

تجري في رعية "سيدة النياح" مجموعة من الأنشطة يشارك فيها أشخاص من مختلف الأعمارو الشاب "ريمون تركماني " واحد من أعضاء "كشاف الزيتون" وقد تحدث قائلاً: «منذ أن كان عمري /10/ سنوات التحقت في "كشاف الكنيسة" أنا ومجموعة من أصدقائي فكنا نجتمع تقريباً مرتين في الأسبوع حيث نقوم بالتدريب على العزف للظهور في الأعياد الرسمية، وهناك أيضاً عدة نشاطات متنوعة ومتخصصة تعج بها الكاتدرائية من أهمها :"الجوقة البطريركية، أخوية أم العطايا للسيدات، أخوية رفاق الكرمة شباب، مركز التعليم المسيحي، الفرقة العامة للموسيقا "الكشاف"، أخوية أم المخلص "ليجيون"، أخوية مار يوسف للمعاقين جسدياً، فرقة سواعد المحبة، أخوية إيمان و نور، أخوية نجمة الصبح، أخوية سلطانة الملائكة، أخوية البشارة للعائلات، أخوية رسالة الأولاد، أخوية مار ميخائيل، المجلس الرعوي، مجلس الوكلاء».

ومن الجدير بالذكر أن كاتدرائية "سيدة النياح" في "دمشق" من أكبر الكنائس الملكية الكاثوليكية في العالم وهي من أجمل الكنائس وأكثرها إتقاناً وأقربها إلى الفن الكنسي البيزنطي .