هناك في ذاكرة دمشق القديمة المفعمة برائحة زمن بلا حدود، وفي بيوتها الدمشقية المعتقة التي تحمل داخل جدرانها آلاف القصص والحكايا يسحبك الشوق وأنت تسير في تلك الأزقة الضيقة.

حتى تصل أمام باب صغير لن تستطيع دخوله إلا بحركة تحني بها رأسك لتدخل دهليزاً معتماً قليلاً، وما إن ينتهي الدهليز المعتم حتى تجد نفسك واقفاً في باحة مضيئة تتوسطها نافورة ماء وتحيطها أشجار الليمون والنارنج والفل الدمشقي والورد الجوري والياسمين، ليأخذك ذلك السحر الدمشقي لحظات تقف فيها منبهراً من جمال المكان، فأنت لست في أي مكان، أنت في واحد من أقدم البيوت الدمشقية.

عاشت عائلتي بهذا البيت منذ عام 1905م وحتى عام 1977م، بعد أن اضطروا إلى هجر البيت لعدم تمكنهم من خدمته وتنظيفه، وذلك لتقدمهم في السن، فطوت السنين عليه، واستسلم البيت لسني الهجر، وأخذ يتصدع وتنهار أجزاؤه، وبات وكأنه حزين ووحيد. لم يتفق ورثته الكثيرون على ترميمه وتوظيفه وأنا بتلك الفترة كنت شاباً صغيراً، لا تسمح الإمكانيات أن أفعل شيئاً. فكان الحزن والألم لا يفارقاني على هذا البيت الذي أحببته لدرجة العشق، لأن طفولتي ظلت معلقة على أغصان أشجاره وعلى نوافذه وعلى الياسمين. وبدأ الحلم يرافقني، بين يدي ثروة أثرية فنية لا أدري ما أفعل بها. أردت أن أفتح أبوابه للعامة ليتمتعوا به. فاجأتني فكرة تحويله إلى مطعم للحصول على المورد، لأتمكن من ترميمه. وما أطول الحلم إلى الواقع، كثرة الورثة الذين تفرقوا في القارات اضطرني إلى السعي بينهم لإقناعهم بهذا المشروع، وعلى ترميم البيت الذي صار ذكرى وكم هذه الذكرى مكلفة. بدأت الترميم ببطء، نفضت عن البيت غبار الهجر، فاستقبلت أصدقائي لأمول الترميم، فأخذت الطريق الطويل، لذلك تناقل الأصدقاء العنوان ليستمتعوا بنافورة الماء وهمس المساء، فقدمت لهم حواضر البيت لأن الأطعمة أيضاً جزء من الحضارة. أهل الحي والجوار استغربوا الحركة الغريبة بالمكان، فأخذ عقلهم يفكر بأشياء غريبة عجيبة، أشخاص غرباء عن الحي يقرعون الباب المغبر، يفتح لهم فيدخلون. وظن الجوار أن ما بداخل البيت شيء ما يحصل مخل بالآداب الشرقية، فاشتكوا للمحافظة، فتم إغلاقه لعدة مرات بالشمع الأحمر حتى اشتهر المكان فوضحت الرؤية لهم. أردت أن أوظف المكان لشيء من الثقافة أيضاً، فهناك قاعة مخصصة للمعارض الفنية، وهناك ندوات ثقافية وأمسيات شعرية وموسيقية ومستقبلاً سنوجد مكتبة نبيع ونشتري فيها الكتب الأدبية المستعملة

إنه بيت يعود بناؤه إلى عام 1737 ويدعى "بيت جبري"، ولهذا البيت تاريخ شيق للغاية، وقصة بدأت مع بداية حلم صاحبها "رائد جبري" صاحب المشروع والمشوار الطويل الذي سعى من خلاله إلى إعادة الحياة لهذا البيت الدمشقي العريق ويقول: «عاشت عائلتي بهذا البيت منذ عام 1905م وحتى عام 1977م، بعد أن اضطروا إلى هجر البيت لعدم تمكنهم من خدمته وتنظيفه، وذلك لتقدمهم في السن، فطوت السنين عليه، واستسلم البيت لسني الهجر، وأخذ يتصدع وتنهار أجزاؤه، وبات وكأنه حزين ووحيد.

لم يتفق ورثته الكثيرون على ترميمه وتوظيفه وأنا بتلك الفترة كنت شاباً صغيراً، لا تسمح الإمكانيات أن أفعل شيئاً. فكان الحزن والألم لا يفارقاني على هذا البيت الذي أحببته لدرجة العشق، لأن طفولتي ظلت معلقة على أغصان أشجاره وعلى نوافذه وعلى الياسمين. وبدأ الحلم يرافقني، بين يدي ثروة أثرية فنية لا أدري ما أفعل بها. أردت أن أفتح أبوابه للعامة ليتمتعوا به. فاجأتني فكرة تحويله إلى مطعم للحصول على المورد، لأتمكن من ترميمه.

وما أطول الحلم إلى الواقع، كثرة الورثة الذين تفرقوا في القارات اضطرني إلى السعي بينهم لإقناعهم بهذا المشروع، وعلى ترميم البيت الذي صار ذكرى وكم هذه الذكرى مكلفة.

بدأت الترميم ببطء، نفضت عن البيت غبار الهجر، فاستقبلت أصدقائي لأمول الترميم، فأخذت الطريق الطويل، لذلك تناقل الأصدقاء العنوان ليستمتعوا بنافورة الماء وهمس المساء، فقدمت لهم حواضر البيت لأن الأطعمة أيضاً جزء من الحضارة.

أهل الحي والجوار استغربوا الحركة الغريبة بالمكان، فأخذ عقلهم يفكر بأشياء غريبة عجيبة، أشخاص غرباء عن الحي يقرعون الباب المغبر، يفتح لهم فيدخلون. وظن الجوار أن ما بداخل البيت شيء ما يحصل مخل بالآداب الشرقية، فاشتكوا للمحافظة، فتم إغلاقه لعدة مرات بالشمع الأحمر حتى اشتهر المكان فوضحت الرؤية لهم.

أردت أن أوظف المكان لشيء من الثقافة أيضاً، فهناك قاعة مخصصة للمعارض الفنية، وهناك ندوات ثقافية وأمسيات شعرية وموسيقية ومستقبلاً سنوجد مكتبة نبيع ونشتري فيها الكتب الأدبية المستعملة».

السحر الدمشقي يضفي على هذا المكان جواً خاصاً، فعلى الرغم من اتساع المكان، سيكون من الصعب أن تحظى بطاولة شاغرة لكثرة زبائنه من "دمشق"، بالإضافة للإقبال المتزايد للسياح الأجانب عليه. كما أنه مقصد لصناع الدراما السورية، حيث تم تصوير العديد من مشاهد المسلسلات السورية، كما أن مسلسل "بقعة ضوء" رأى الضوء بين جدران هذا المكان الدمشقي العريق.

(20/7/2008).