تعد غوطة دمشق إحدى جنات الدنيا، كما كان القدماء يعدونها من عجائب الدنيا، وقد وصفها كتاب (عجائب البلدان) بأنها "الكورة التي قصبتها دمشق، وهي كثيرة المياه، نضرة الأشجار، متجاوبة الأطيار، مؤنقة الأزهار، ملتفة الأغصان، خضرة الجنان، استدارتها ثمانية عشر ميلا، كلها بساتين وقصور، تحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها، ومياها خارجة من تلك الجبال، وتمتد في الغوطة عدة انهار، وهي أنزه بقاع الأرض وأحسنها".

تحيط الغوطة بالعاصمة من الشرق والغرب والجنوب، وهي تتبع المدينة وريفها على شكل سهل ممتد، يعد من أخصب بقاع العالم، كما أشار الكاتب نصر الدين البحرة خلال محاضرته (غوطات دمشق: ذكريات وشعر)، التي ألقاها في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة، قائلا: "تشتهر غوطة دمشق بخصوبة الأرض وجودة المياه التي تغذي الغوطة من خلال مجموعة من الأنهار الصغيرة وشبكة من قنوات الري وهي عبارة عن بساتين من شتى أنواع أشجار الفاكهة وبساط اخضر ممتد فيه كل أنواع الخضروات ومن أشهر فواكه وثمار الغوطة، المشمش بأنواعه، والتوت، والخوخ، والدراق، والكرز، والجوز، وكذلك تشتهر بزراعة كافة أنواع الزهور".

مركز الغوطة الشرقية وبدايتها، كما بين الأستاذ نصر الدين، هي مدينة دوما، وتمتد نحو الشرق والجنوب محيطة بمدينة دمشق ببساط اخضر وكثافة أشجار الفواكه الشامية الشهيرة، حيث تواصل الغوطة امتدادها إلى مناطق وقرى وبلدات أصبحت مدن الآن، مثل جرمانا والمليحة وعقربا وببيلا وكفر بطنا وعربين، إلى أن تلتقي بالغوطة الغربية لتكمل احتضان دمشق بالبساتين.

فيما بداية الغوطة الغربية من مضيق ربوة دمشق بين الجبال ممتدة غربا وجنوبا إلى مناطق، المزه وكفرسوسه وداريا وصحنايا والاشرفية، ومن بعدها السبينه.

ويتبع الغوطة مواقع وتلال أثرية، هي تل الصالحية وتقع شرق دمشق على بعد 15كيلو متر وفيه آثار من العصر الحجري القديم، وتل أسود ويقع إلى الشرق من المطار وفيه آثار من العصر الحجري القديم والوسيط، وتل أبو سودة على المرج، وتل العظم في حوش الريحانة، وآثار في جسرين وفي عين ترم، بالإضافة إلى عدد من المزارات، مقام السيدة زينب، وقبر دحية في المزة، ومقام إبراهيم الخليل في برزة، وقبر عبد الله بن سلام في سقبا، وقبر سعد بن عبادة الأنصاري في المليحة.

كما تمتد في الغوطة الكثير من الآثار القديمة التي تعود لعصور قديمة متعددة، ويوجد فيها 15 دير اثري ومجموعة من التلال الأثرية، منها تل الصالحية الذي يقع على بعد 14 كيلو متر وفيه أثار من العصر الحجري القديم وتل اسود الذي يقع إلى الشرق ويوجد فيه أثار تعود للعصر الحجري الوسيط والقديم، وكذلك تل المرج ويقع في منطقة حوش الريحانه، وتل أبو سوده بالقرب من المرج، وأثار كثيرة في جسرين وعين ترما.

وتشتهر الغوطات بزراعة الأشجار المثمرة والخضار الصيفية والقمح، وتروى من فروع نهر بردى.

وشق من خلالها طريق عريض باتجاه الغرب حيث مطار دمشق الدولي، مسبقا بقصر المؤتمرات وفندق ايبلا، مع مطاعم مستقلة، وملاه ومناطق ألعاب.

هذا ولجنة الشام تاريخ طويلة من التألق الذي انتهى مؤخرا بنزع ثوبها الأخضر وتجريدها من لقب رئة دمشق، فهي لم تعد كما كانت متألقة، فقد نزعوا عنها صفاتها الجميلة، ومزقوا الأخضر فيها، كما دحضوا ذكريات يعود عمرها لا آلاف السنين.