أجرى فريق طبّي سوري بقيادة الدكتور "أنور الحسنيه" أول عملية مجهرية لنقل الإصبع الثانية من القدم مكان إبهام اليد المبتورة في مستشفى المواساة الجامعي؛ وهذا سيمكّن المريضة من تأدية حاجياتها الأساسية، ويوفّر عليها تركيب طرف اصطناعي مكلف جداً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 27 تشرين الأول 2016، الدكتور "الحسنيه" اختصاصي الجراحة التجميلية والترميمية وجراحة اليد في "جامعة دمشق"، وعن العملية النوعية حدّثنا قائلاً: «تعرّضت المريضة بعمر 16 عاماً لحادثة انفجار، أدت إلى بتر جميع أصابع اليد اليمنى على مستوى منتصف "المشط"، فكنا أمام خيارين أولهما تركيب يد صناعية وظيفية متحركة، وهذه التقنية مكلفة جداً وغير متوفرة في بلادنا، والثاني أخذ الإصبع الثاني من كل قدم لزرع أحدهما مكان الإبهام، والآخر مكان الإصبع الثالث أو الرابع؛ لتأمين إصبعين يستعملان كقبضة؛ لتتمكّن المريضة من تأدية معظم احتياجاتها الأساسية. صحيح أن الفتاة ستخسر إصبعاً من كل قدم، إلا أن ذلك لن يؤثر على وظائف القدم الحركية».

تم تخدير المريضة تخديراً عاماً مع مراقبة العلامات الحيوية وغازات الدم الشريانية؛ فالمطلوب الحفاظ على ضغط معين وتميّع الدم خلال الجراحة، وكانت فرحتنا كبيرة بمرور التروية بالإصبع المنقول، وحالياً وبعد الجراحة بأسبوع المريضة متفائلة وسعيدة

وعن مجريات العملية، تابع حديثه: «منذ عدة سنوات، وبالتعاون مع بقية الزملاء في القسم نجري عمليات مجهرية لترميم الضياعات المادية المختلفة من جلد وعضلات وعظام، لنقل الأجزاء مع أوعيتها المختلفة وإعادة وصلها مع أوعية المنطقة المراد ترميمها، ونقوم بترميم الفك والأطراف والثدي وباقي الضياعات المادية، وتعدّ العملية فرعاً من جراحة التجميل، وتقوم على نقل جزء أو عضو كامل إلى المكان المستقبل، حيث نأخذ العضو مع الأوعية والشريان أو الوريد المغذي له، ونقوم بوصل الأوعية بالمكان المستقبل، وبما أن الإصبع يتروى بشريان ووريد قطر كل واحد منهما 1ملم أو أكثر بقليل، ويتعصب بعصبين لهما قطر مشابه، كان لا بدّ من استخدام مجهر يصل تكبيره إلى 40 مرة، لوصل الوتر القابض والباسط للإصبع وتثبيت العظم أولاً».

أثناء عملية نقل إصبع القدم لمكان اليد المبتورة

تابعت الدكتورة "رونق الميداني" اختصاصية جراحة يد وجراحة ترميمية، قائلة: «الهدف أن تؤدي اليد وظيفة الإمساك، والإبهام يعادل نصف الأصابع ويملك حركة المقابلة؛ لذا يمكن الاستغناء عن الإصبع الرابع والخامس. استغرقت العملية 8 ساعات من دون توقف، حيث تم تسليخ أوعية وأعصاب وأوتار الإصبع الثانية للقدم اليسرى وقصّ العظم بمنتصف المشط، وتم تهيئة المكان المستقبل ووصل العناصر بعضها مع بعض. والصعوبة تكمن في توصيل الشرايين التي تروي الدماغ تحت المجهر، بعد التأكد من حيوية الإصبع المنقول لخياطة الجلد، والعمل مجاني بالكامل، وعمل كهذا لا يمكن أن يتمّ إلا في مستشفيات متخصصة كالمستشفيات الجامعية».

بدورها دكتورة التخدير "زوفيك الشيخ"، قالت: «تم تخدير المريضة تخديراً عاماً مع مراقبة العلامات الحيوية وغازات الدم الشريانية؛ فالمطلوب الحفاظ على ضغط معين وتميّع الدم خلال الجراحة، وكانت فرحتنا كبيرة بمرور التروية بالإصبع المنقول، وحالياً وبعد الجراحة بأسبوع المريضة متفائلة وسعيدة».

أثناء إجراء العملية من قبل الدكتور الحسنيه والدكتورة رونق المساعد الأول له

مدير مستشفى "المواساة الجامعي" الأستاذ الدكتور "عصام الأمين"، قال: «تكمن أهمية هذا العمل الجراحي بضرورته في هذه الفترة الصعبة التي يمرّ بها البلد، وتعدّ من العمليات النوعية على مستوى المنطقة؛ إذ تخللتها جراحة مجهرية لشعيرات دموية دقيقة، ويمكن القول إن العمل الجراحي ناجح من الناحية التقنية، لكن في هذا النوع من العمليات لا بد من مرور عدد من الأشهر لينسجم الطرف مع الأنسجة المحيطة، وحينئذ نحصد النتيجة النهائية».

يذكر أنه ستتم عملية نقل إصبع القدم الثانية بعد عدة أشهر، وهذا العمل الجراحي قام به فريق طبي يتألف من 10 أشخاص.

الشكل النهائي للإصبع المنقول