عقدت في مقر الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية ورشة عمل بعنوان: "الصحافة التدوينية في مدونة وطن"، نموذج الإعلام الشبكي؛ وذلك بتاريخ 30 كانون الثاني 2016.

مدونة وطن "eSyria" نقلت أجواء الورشة التي تضّمنت عروضاً تقديمية لضيوفها ومراسليها.

ظروف الحرب التي فرضت على "سورية" لم تستطع الحدّ من نشاط المدونة؛ حيث استمرت كوادرها في العمل لإنجاز مهام يومية على الرغم من قسوة العمل وخطورته في كثير من الأحيان

قدموا من خلالها شروحاً توضيحياً عن آليات العمل في المدونة ومفهوم الاستكشاف وصناعة الحدث، إضافة إلى التعريف بالمشاريع الجديدة التي أطلقتها المدونة بداية عام 2015؛ معتمدة بالدرجة الأولى على الإنسان السوري المتميز وبنك المعلومات الذي يملكه، وسلطت الضوء على العديد من الخدمات التي تقدمها "eSyria".

د.راكان رزوق أ.حسين الإبراهيم في الجلسة الافتتاحية

افتتح الدكتور "راكان رزوق" رئيس مجلس إدارة "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" ورشة العمل بمداخلة أوضح فيها المهام التي تؤديها الجمعية في مجال صناعة المحتوى الرقمي المحلي؛ موضحاً أن مدونة وطن تشغل الموقع الرئيس في هذ المجال من خلال تبنيها لأسلوب الإعلام التدويني واستكشاف مقومات المجتمع المحلي بكل عناصره البشرية والطبيعية والتاريخية والجغرافية، ونشر ثقافة المعرفة الإيجابية وتشجيع حالات الإبداع والتميز. وأضاف قائلاً: «أعتقد أن لهذه الورشة وقعها الخاص في تحسين أداء المدونة لعامها الجديد في مجالات تدريب وتأهيل الكادر الإعلامي، وتطوير المواقع الإلكترونية، وتعزيز مستويات النماذج الإعلامية التي حدثتها المدونة، وتكريس تجربة الفريق الاستكشافي بمختلف المحافظات بفعالية أكثر وضمن نموذج إعلامي يحتذى به».

ثم قدم الإعلامي "حسين الإبراهيم" رئيس تحرير المدونة مداخلة عرض فيها محاور النشاط الإعلامي والاجتماعي للمدونة في إطار شعار "الإنسان كنز الحياة... كنز مدونة وطن"؛ حيث قال: «إن عدد المواد الإعلامية التي تمثّل ذخيرة المعرفة في بنك المعلومات وصل إلى 92000 مادة بمختلف التصنيفات الإعلامية التي تنقل كل جوانب الحياة في المحافظات السورية. وتقدم مثالاً ناجحاً لنموذج الإعلام التدويني الذي يؤسس لصناعة محتوى رقمي معرفي يهدف بوجه أساسي إلى إبراز التجارب الإنسانية، وتحقيق المنفعة العامة لمختلف شرائح المجتمع السوري».

د.محمود السيد وأ.علي الأحمد في الجلسة الأولى

وأضاف: «ظروف الحرب التي فرضت على "سورية" لم تستطع الحدّ من نشاط المدونة؛ حيث استمرت كوادرها في العمل لإنجاز مهام يومية على الرغم من قسوة العمل وخطورته في كثير من الأحيان».

قسمت الورشة إلى أربع جلسات، حملت كل منها طابعها الخاص، فحملت الجلسة الأولى عنوان: "صناعة المحتوى الرقمي في مدونة وطن" برئاسة الدكتور "محمود السيد" رئيس هيئة الموسوعة العربية؛ الذي تحدث مشيداً بمبدأ "الإنسان كنز الحياة"، الذي اعتمدته المدونة، وعلى اهتمامها بالمحتوى الرقمي العربي وموقعنا منه.

مداخلة د.عماد الصابوني

وأشار إلى وجود هوة بين واقع اللغة العربية الذي نعيشه؛ وهي المصنفة الرابعة عالمياً من حيث عدد المتحدثين، والانتشار الجغرافي، ومع ذلك فإن المحتوى الرقمي على الشابكة متدني، وأثنى على جهود الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية ومدونة وطن في الاهتمام بتقديم محتوى رقمي عربي على شبكة الانترنت، مبيناً أهمية التغذية الراجعة لتقييم عمل المدونة ومدى تأثيرها بالمتلقى.

وختم قائلاً: «أحيّي الجهود التي أوصلتنا إلى إقامة مثل هذه الورشات التي تحتاج إلى جهد كبير لإتمامها بمستوى عالٍ؛ خاصة أنها وضعت الاهتمام بالمحتوى الرقمي العربي وموقعنا منه عنواناً لعملها، وعملت على وضع خطة مستقبلية لتطويرها».

تخلل الجلسة عروض تقديمية بدأتها الإعلامية "أروى الشمالي" مدير التحرير في المدونة حول موضوع الخدمات الجديدة والمقترح تنفيذها اعتماداً على مواد المدونة، كما قدم المهندس "علي الأحمد" المستشار السياسي لوزير الإعلام، والكاتب "حسن م. يوسف" مداخلات تحدثوا فيها عن أهمية المحتوى الذي تمتلكه المدونة وطرائق الاستفادة منه، وقدم كل من "بلال سليطين" مراسل مدونة وطن في "اللاذقية"، و"نورس علي" مراسل مدونة وطن في "طرطوس"، مشاركات عن نماذج المحتوى المدون اعتماداً على الجولات الاستكشافية التي اعتمدتها المدونة.

أما الجلسة الثانية فحملت عنوان: "نماذج من صناعة المحتوى" ترأسها الدكتور "عماد الصابوني" وزير الاتصالات السابق، الذي قدم مداخلة تحدث فيها عن بعض النقاط التي استوقفته في طبيعة عمل المدونة وهي:

1- غياب الآليات المتبعة في المدونة للتحقق من دقة المعلومة ومصدرها، وخاصة أن مواد المدونة وصلت إلى 90 الف مادة تتمتع بصفة الديمومة وستصبح قاعدة يبنى عليها.

واقترح بعض آليات التحقق ومنها: احتذاء نموذج ويكيبيديا، والذي يسمح للآخر برؤية المعلومة والمشاركة بالإضافة إليها أو تصحيحها إن كانت خاطئة.

2- موضوع البحث: إيجاد آلية خاصة للبحث في موقع eSyria بالتعاون مع الجمعية، ولا يقتضي ذلك بالضرورة انشاء محرك بحث خاص، ولكن محاولة لإيجاد طريقة بحث جديدة لا تعتمد فقط على الكلمات المفتاحية، وطريقة تمكننا من سهولة الوصول إلى المعلومة المطلوبة، واستخلاص الزبدة من عدة مواد متناثرة تتناول ذات الموضوع.

3- عندما انطلقت eSyria كانت الفكرة أن تنفق الجمعية على المشروع، وما صرف على هذا المشروع يعد كبيراً جدا، ولكن على المدونة في النهاية أن تكتفي ذاتيا، هناك عدة طرق لذلك منها إيجاد شكل من أشكال الدعاية الذكية، ربما تكون عن طريق ربطها بمحرك البحث، وعندما يبحث المستخدم عن معلومة معينة يمكن أن يُظهر محرك البحث له دعاية معينة تصب باهتمام الباحث عن المعلومة.

4- تتخذ المعلومات عادة صفة الديمومة، وتتراكم معرفياً لإعطاء تقرير عن موضوع معين. وهناك ما يسمى ثقافة شعبية، وهي أمر مهم، ولكن من يطلب معرفتها هو شخص مختلف عن شخص يطلب معلومة دائمة وتوثيقية، ومن الملاحظ أن الثقافة الشعبية هي الطاغية في المدونة على حساب المعلومة.

وتخلل الجلسة عروض تقديمية لمراسل "مدونة وطن" في "اللاذقية" "كمال شاهين"؛ الذي قدم نموذجاً عن تواصل المدونة مع المغتربين والأعمال التطوعية، و"معين العماطوري" و"ضياء الصحناوي" مراسلا المدونة في "السويداء" اللذان تحدثا عن العلاقات الاجتماعية التي أسستها المدونة، وكان أحد أهم مصادر المعلومات فيها وخاصة في مشروع "اللجاة" الاستكشافي، و"عبد العظيم عبدالله" الذي تحدث عن تفرد المدونة بنقل ونشر عدد من النشاطات والجوانب التي تمثل فسيفساء الحالة الاجتماعية والثقافية في محافظة "الحسكة"، وجاء ختامها من محافظة "طرطوس" من خلال مراسلها "حسن محمد" الذي تحدث عن طرح المدونة لمشاريع استثمارية وأخرى معرفية كانت المدونة السباقة بها في المحافظة.

أوضحت الجلسة الثالثة التي حملت عنوان: "الإعلام الشبكي" دور المدونة في تكوين شبكة معرفة لرسم صورة "سورية" الجميلة انطلاقاً من تميز الإنسان، وترأس الجلسة الأستاذ "طالب قاضي أمين" رئيس مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني، الذي أثنى على مشروع مدونة وطن eSyria وعلى دوره في تدوين الحياة البشرية المحلية بعيداً عن السياسة، مشيراً إلى قاعدة ذهبية في الإعلام تقول أنه لا وسيلة إعلامية تلغي سابقاتها، ولكن على ما يبدو أن الانترنت سيلغي بقية الوسائل، لكونه وسيلة إعلامية استخدمت ودمجت كل ما سبقها.

وأكد "أمين" على أهمية المدونة لجهة تكوين الوعي الاجتماعي لدى المتلقي وحفظ الموروث الاجتماعي السوري ونقله إلى الأجيال القادمة.

وشارك في مداخلات الجلسة الأستاذ "أحمد الإبراهيم" المتخصص في علم النفس التربوي؛ الذي أكد ضرورة استخدام نقل هذا المحتوى الغني للمدونة إلى لغات أخرى ليصل إلى كل القراء على اختلاف مشاربهم، والأستاذ "أسامة أحمد" مدير تمكين القدرات في وزارة الاتصالات والتقانة؛ الذي طرح في العرض التقديمي آليات لتطوير نظام إدارة المحتوى وتطوير خدمات الموقع بما ينسجم مع متطلبات قراء عصر المعلومات والتقانة، أما المهندس "أسعد بركة" منسق فريق الاستكشاف بـ"النبك"، فقد تحدث عن أهمية ما قامت به المدونة عبر فريقها الذي زار المنطقة وسلط الضوء على تفاصيل في حياة النبكيين، ونقلها إلى المغتربين في الخارج، والأستاذ "محمد العصيري" رئيس الجمعية الفلكية في "سورية"؛ الذي أثنى على جهود المدونة في اعتمادها المعايير والمرجعيات العلمية في موضوع النشر لهذا النوع من المواضيع بوجه خاص.

أما الجلسة الرابعة التي ترأسها الأستاذ "طلال معلا" مدير مشروع وحدة تطوير التراث اللا مادي؛ فقد تناولت "المشاريع المستقبلية لمدونة وطن" فقد بدأت بتأكيده أكد على أهمية الاستفادة من خبرة المدونة، وعلى أهمية عملها في حفظ التراث المادي واللامادي، عن طريق تدوينه وليس توثيقه ليبقى حياً في هذه الظروف الصعبة.

كما تحدث عن المساعي السابقة لحفظ التراث ومنها توقيع سورية على معاهدة اليونسكو لحفظ التراث اللامادي ولكن لم ينفذ منها شيء حتى اليوم.

وشارك في تقديم المداخلات الكاتب "فرحان الخطيب" عضو اتحاد الكتّاب العرب، الذي أكد مساهمة مدونة وطن بطرح آراء فكرية وأدبية وتقديم إبداعات شبابية في محافظة "السويداء"، والدكتور "منذر علي أحمد" وهو باحث ومتخصص في الإعلام الجديد؛ الذي قدم رؤية لإنشاء مركز تدريب إعلامي بالاعتماد على خبرات مدونة وطن من جهة، والموثوقية التي بنتها المدونة عبر سنوات عملها من جهة ثانية، والأستاذ "محمود موالدي" عضو مؤسس في فريق ركائز التنموية الذي طرح فكرة إقامة معارض بالاعتماد على مخزون المدونة المعرفي، كما تحدث الباحث الزراعي منسق فريق الاستكشاف في "اللجاة" "عادل جرماني" عما قدمته المدونة من فعاليات للوصول إلى منطقة "اللجاة" إعلامياً، وتسليط الضوء على كنوزها، كما كان للأستاذ "عدنان فتح الله" قائد الفرقة الوطنية للموسيقا العربية، ورئيس قسم الموسيقا الشرقية في المعهد العالي للموسيقا مشاركة أثنى فيها على جهود المدونة في توثيق وتدوين الحركة الموسيقية في "سورية".

أما عن مشاركات المراسلين فقد التقت مدونة وطن "eSyria" مراسلها في "الحسكة" "عبد العظيم عبدالله"، فتحدث قائلاً: «أتاحت لي الورشة فرصة لنقل الصورة الجميلة "للحسكة"؛ وتحديداً التنوع الغني الموجود في "القامشلي" الذي تحتويه، حيث إنها صبغت هذا التميز بأسلوبها الخاص وهو ما زاده جمالاً وتألقاً، وأظهرت الكثير منه».

يتابع قائلاً: «جاءت مداخلتي في الورشة لبيان دور "eSyria" الرئيس في تغطيتها الشاملة للكثير من المناطق حتى تلك التي يصعب الوصول إليها لأسباب أمنية، والتأكيد على الجذور المشتركة، لذلك كنا السباقين في إظهار هذه الجذور وإيصال تاريخها الصحيح وجماليتها رغماً عن أنوف الكارهين».

واختتمت الورشة أعمالها بجلسة ختامية برئاسة "د. راكان رزوق" رئيس الجمعية، قدمت خلالها مقترحات لتطوير آليات العمل وفق حاجات مدونة وطن من جهة، ووفق رؤية الخبراء والمتخصصين الذين قدموا مداخلاتهم وعروضاً توضيحية وأرقاماً إحصائية من العالم.