الإصرار والاجتهاد كانا الدافع لحصول "ناديا الرجولة" على الشهادة الثانوية مع ابنها، حلماً لطالما طمحت إليه؛ وهذا ما عزز ثقتها وأعطاها دفعاً للعمل، وحبها للأشغال اليدوية جعلها تختار العمل على "النول" فأبدعت تصاميم مبتكرة وعصرية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الحرفية "ناديا الرجولة" في مقر عملها الكائن في سوق المهن اليدوية في "التكية السليمانية"، بتاريخ 25 تشرين الأول 2015، فحدثتنا قائلة: «أرغمت على ترك المدرسة لأنني تزوجت وأنا صغيرة، لكن الرغبة بمتابعة تحصيلي العلمي لم تفارقني، وما أن وجدت فرصة سانحة بعد أن كبر أبنائي؛ قررت أن أتقدم معهم لنيل الشهادة الإعدادية، ثم حصلت معهم على الشهادة الثانوية عام 2005، وهذا ما شجعني للتسجيل بدورات تعليمية لمادة اللغة الإنكليزية والكمبيوتر في إحدى الجمعيات الخيرية، وهناك لفتت انتباهي آلة النول الموجودة في الجمعية، ولأنني أحب الأعمال اليدوية والمهن القديمة والتراثية؛ قررت التسجيل بدورة تدريبية، وبعد شهرين من التدريب بدأت العمل في نفس الجمعية وإنتاج تصاميم مبتكرة وجديدة، كما أنني كنت أستفيد من الأقمشة التالفة الموجودة في البيت لصنع "مفارش أرضية أو بسط"، وساعدتني خبرتي في مجال التطريز والخياطة؛ حيث كنت أحيك لأفراد أسرتي ولا أشتري الألبسة الجاهزة إلا نادراً».

بما أنني سيدة فإنني أهتم بالتفاصيل الصغيرة التي تعطي قيمة جمالية للقطعة، ولدي القدرة على تطبيق أي رسمة بالنظر بمنتهى الدقة، فالحاشية مستقيمة وغير متعرجة، والقطب دقيقة وفي مكانها المناسب ولا تظهر أي نتوءات بارزة، وهذا كله نتيجة الاجتهاد الشخصي. عملنا يحتاج إلى صبر وبال طويل، ولا بد أن يمتلك العامل في هذا المجال الحس بالخيطان وتكون علاقته جيدة مع الألوان ويعمل على تطوير نفسه دائماً، فالمستهلك يحب القطع القديمة التي تحمل الطابع العصري

وتتابع: «بسبب الظروف التي يمر بها البلد اضطررت لترك منزلي وعملي، فتعرفت إلى "الشركة السورية للحرف" التابعة لـ"لأمانة السورية للتنمية"، التي تعنى بأحوال المهجرين والمتضررين وتهتم بالحرفيين وتعمل على إحياء الحرف القديمة، فتقدمت بطلب للعمل لديهم، لأكون من ضمن الكادر الحرفي إذ أشعر بالمتعة وأنا أعمل على النول، وكأنني أرسم لوحة ملونة لكن بالخيطان، ويعجبني توقف المارة لرؤية عملي على النول؛ فهناك اعتقاد لدى أغلب الناس أن النول آلة قديمة وقد اندثرت، وما يدفعني للعطاء والإبداع ويجعلني بمزاج جيد هو مكان العمل الواقع في "سوق المهن اليدوية".

من أعمالها

تتميز منتجاتنا بأنها عصرية وتناسب الحياة اليومية، كالحقائب النسائية المميزة والبعيدة كل البعد عن العمل التجاري، التي لا يوجد لها مثيل في السوق؛ أيضاً البسط والوسائد المختلفة ومنتجات أخرى؛ فنحن مهتمون بالنوع وليس بالكم».

وتضيف: «بما أنني سيدة فإنني أهتم بالتفاصيل الصغيرة التي تعطي قيمة جمالية للقطعة، ولدي القدرة على تطبيق أي رسمة بالنظر بمنتهى الدقة، فالحاشية مستقيمة وغير متعرجة، والقطب دقيقة وفي مكانها المناسب ولا تظهر أي نتوءات بارزة، وهذا كله نتيجة الاجتهاد الشخصي. عملنا يحتاج إلى صبر وبال طويل، ولا بد أن يمتلك العامل في هذا المجال الحس بالخيطان وتكون علاقته جيدة مع الألوان ويعمل على تطوير نفسه دائماً، فالمستهلك يحب القطع القديمة التي تحمل الطابع العصري».

الحرفي "منير المسدي"

الحرفي العتيق وشيخ الكار "منير المسدي" الذي يعمل على آلة النول منذ طفولته حدثنا بالقول: «قديماً لم يكن هناك بيت إلا ويحوي نول؛ فالسيدة أو الرجل ما أن ينتهيان من عمليهما حتى يبدأان "الدق" على النول، وما لفتني بعمل الحرفية "ناديا الرجولة" بهذا المجال هو تمكنها من مهنتها ومن أدوات العمل على النول على الرغم من حداثتها في المهنة، فالقطعة التي تخرج من تحت يديها كأنها مرسومة، وهي تملك حسّاً فنياً بالألوان، والقدرة على تشكيل رسومات مختلفة هندسية أو دائرية، إن عملها صعب ويحتاج إلى بال طويل ووقت لهذا إنتاجها قليل، حيث تنتج طوال النهار 1 سنتمتر، أو 1 ونصف السنتمتر، لأنه بالخيط الواحد عليها أن تضع عدة ألوان مجتمعة، ولهذا فإن العاملين بمهنة النول معدودون على الأصابع حالياً».

يذكر أن "الرجولة" من مواليد "دمشق" 1965، وحازت الشهادة الإعدادية بعام 2000 والشهادة الثانوية بعام 2005، وتدربت على النول بعمر الأربعين عاماً.

من رواد السوق