الفن عطاء؛ هذا ما أكدته الحرفية "يسرى عيد" من قرية "دير ماما" التابعة لـ"مصياف" بتربيتها لدودة القز لتستخلص من روحها خيوطاً حريرية، وتعمل بيديها قطعاً فنية تتوارثها الأجيال وتتزيّن بها السيدات.

مدونة وطن "eSyria" التقت الحرفية "عيد" ضمن فعالية "أيام التراث السوري" المقامة في "خان أسعد باشا" بتاريخ 25 نيسان 2015، وهي مرتدية شالاً من الحرير الطبيعي ورثته من جدتها وبدورها ستهديه لابنتها، وعن بداياتها قالت: «تعود مهنة تربية دودة القز وحياكة الحرير إلى مئتي عام في قرية "دير ماما"، حيث تعلمت المهنة من والدتي التي بدورها تعلمتها من والدتها، ويلقب جدي بـ"شيخ الكار"؛ إذ كنا نربي دودة القز لاستخلاص الحرير الطبيعي، ونقوم بحياكة القطع الحريرية التي تستخدم كغطاء للرأس وشالات تتزين بها الفتيات، وتعرف الشرنقة في السابق بلونها الأصفر أما الآن فتبدل لونها إلى الأبيض بسبب التهجين.

قيمة ما تعرضه "يسرى عيد" تعادل قيمة الذهب بجماله وجودته، أنا سعيدة لاقتنائي مثل هذه القطع الفنية المميزة، ولدي قطعة ورثتها من جدتي ومازالت محافظة على شكلها

استكملت حديثها بالقول: «تمر "دودة القز" بمراحل عدة لتصبح جاهزة كمنتج مميز، إذ يجب تأمين الشروط الصحية من حرارة ورطوبة مناسبين لضمان سلامتها، بعد أن تضع الفراشة بيضها وتفقس البيوض لتصبح يرقات، نطعمها لمدة تتراوح بين 40-50 يوماً من ورق التوت الناعم ثم الخشن فالأخشن، إلى أن تتكون الشرنقة التي تتجمع حولها الخيوط الحريرية، وقبل أن تتحول إلى فراشة نقوم بجمع الشرانق ووضعها في الماء الساخن لسحب خيط الحرير، بواسطة دولاب كبير، ثم نلفه على مواسير خاصة لغزله ونسجه».

الحرفيه يسرى عيد مع إحدى الفتيات المهتمات بالتراث

وتابعت: «أثرت الأزمة في تسويق المنتجات اليدوية؛ إذ كنا نشارك في المعارض الداخلية والدولية، التي تستقبل السياح الأجانب للتعريف بمنتجاتنا وتسويقها، الآن فرضت الأزمة واقعاً مختلفاً؛ ولكننا مازلنا نقوم بعرض منتجاتنا بمعارضنا الداخلية؛ لأكون أول امرأة نقلت هذه المهنة من "ديرماما" إلى "دمشق"، وأشعر بالفرح عندما أسوق منتجاتي بنفسي لأنها جزء من روحي؛ فهناك قطع تأخذ مني شهراً وأخرى أقل؛ حيث قمت بنسج "بدلات" للأعراس أخذت مني أشهر».

وكان لنا لقاء مع "ردينة فارس" من محبي شغل الصنارة فقالت: «قيمة ما تعرضه "يسرى عيد" تعادل قيمة الذهب بجماله وجودته، أنا سعيدة لاقتنائي مثل هذه القطع الفنية المميزة، ولدي قطعة ورثتها من جدتي ومازالت محافظة على شكلها».

"فؤاد عربش" رئيس جمعية الحرفيين

"فؤاد عربش" رئيس جمعية الحرفيين قال: «الغاية من مشاركتنا في هذه المعارض هي إحياء المهن اليدوية، والتعريف بأهم الحرفيين ومنهم "يسرى عيد" المشهورة بعملها المتقن والمميز على مستوى "سورية"، فحبها لهذا الفن جعلها تعطيه من روحها وتساهم بنشره والحفاظ عليه، لتلقب بسيدة الحرير».