الإعاقة الحقيقية هي الإعاقة الفكرية؛ هذا ما أكدته المدربة "هبة رعد" عندما غيرت حياتها من ربة منزل لتصبح مدربة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتحقق حلم ابنها المصاب بشلل رباعي الأطراف وغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 نيسان 2015، الأم والمدربة "رعد" من "دمشق" خلال تدريبها لذوي الاحتياجات الخاصة بمقرهم التابع للأمانة السورية للتنمية، التي تشعر بالفخر لأن ابنها "محمد شاهين" أصبح شخصاً منتجاً وليس عبئاً على المجتمع، فحدثتنا قائلة: «عندما أخبرني الأطباء أن ابني يعاني من شلل دماغي رباعي الأطراف؛ أدركت أن جزءاً من حياتي كربة منزل سيتغير، وأنه سيستخدم الكرسي المتحرك لعدم قدرته على التحكم بأطرافه الأربعة، باستثناء إصبع يده اليسرى الذي يستخدمه منذ صغره لكتابة وظائفه على الحاسوب، لعدم قدرته على إمساك القلم، ولكنه يتمتع بقدرات ذهنية جيدة مكنته من النجاح في الصف التاسع بعلامات جيدة أهلته ليُقبل بالثانوية المهنية قسم "معلوماتية" وهو ما كان يرغب بدراسته.

عمري 13 سنة؛ بالبداية كنت خائفة لكن بفضل تشجيع أهلي ومدربتي تمكنت من صنع أشياء جميلة، اشتغلت حقيبة من الصوف لوضع حاجياتي الشخصية، وأنا فرحة بذلك؛ وبعدها تشجعت ونوعت بأشغالي من "ربطات للشعر وأساور مصنوعة من الخرز"

وحالياً يقوم بمساعدة التقنيين التابعين لبرنامج "أبهة" (الذي يهتم بذوي الاحتياجات الخاصة من خلال تدريبهم على مهن مختلفة)، حيث يقوم ابني بتحميل صور المنتجات التي ينتجها الحرفيون وتنزيلها على الموقع الخاص بهم، ويجري التعديلات اللازمة على الفوتوشوب، كما أتقن العمل على الإكسل وبرامج إضافية أخرى».

المدربة هبة رعد مع إحدى المتدربات

وتابعت بالقول: «حبي لابني مكنني من التفكير بغيره، لأعيد الأمل إلى كل من يمتلك الرغبة بالعمل، ولأنني مدركة أن الإعاقة الفكرية هي الإعاقة الحقيقية، التحقت بعدة دورات تخصصية مهنية في مجالات متعددة، كتعديل النطق والسلوك وغيرها في "سورية" وخارجها، ولقناعتي بأن إتقاني لهذه الدورات يمكنني من تقديم المساعدة إلى فئة أكبر ليتمكنوا من نسج خيوط مستقبلهم بأيديهم كما يرغبون، فهم يمتلكون قدرات مميزة وإبداعية تحتاج إلى رعايتنا وتشجيعنا فقط.

بعدها عملت بجمعية "أمل الغد" للشلل الدماغي لمدة سنتين، وحالياً أقوم بتدريس الحالات الخاصة بنفس المدرسة التي درس فيها ابني، وأقوم بتعليم أشغال يدوية من "كروشيه ونول وخرز" ضمن برنامج "أبهة"، حيث أحلل الفكرة وأقربها إلى أذهانهم بطريقة بسيطة وسهلة، ثم أطبقها أمامهم خطوة خطوة؛ وبقليل من الصبر ننجز أعمالاً نفتخر بها، وفي أغلب البازارات التي شاركنا بها بعنا جزءاً جيداً من أعمالنا المشغولة بإتقان».

متدرب من ذوي الحاجات الخاصة يتدرب على النول

التقينا "هانيا النابلسي" من ذوي الاحتياجات الخاصة وعن تعلمها شغل الكروشيه على يد المدربة "هبة"، قالت: «عمري 13 سنة؛ بالبداية كنت خائفة لكن بفضل تشجيع أهلي ومدربتي تمكنت من صنع أشياء جميلة، اشتغلت حقيبة من الصوف لوضع حاجياتي الشخصية، وأنا فرحة بذلك؛ وبعدها تشجعت ونوعت بأشغالي من "ربطات للشعر وأساور مصنوعة من الخرز"».

ذوو الاحتياجات الخاصة أشخاص مبدعون لهم قدرة على التعلم والإنتاج وإبرازهم للمجتمع مهمة الجميع؛ هذا ما حدثتنا عنه "عفاف شيخ البساتنة" المنسقة الإعلامية لبرنامج "أبهة" التابع للأمانة السورية للتنمية: «ما نحاول القيام به هو دمجهم بالمجتمع بتعليمهم مهنة تمكنهم من متابعة حياتهم بوجه طبيعي، لأنهم أشخاص مبدعون ويمتلكون قدرات مميزة، وذلك بمساعدة المدربة "هبة" التي تملك خبرة في هذا المجال، حيث تتلقى الفكرة من الحرفي وتقوم بإيصالها بطريقتها البسيطة والمشوقة، وتُعدل منتجاتهم بما يتناسب والسوق، فالقطعة المشغولة بالصنارة نحولها إلى حقيبة أو قطعة للزينة، كما تعرض أعمالهم في محالنا بـ"التكية السليمانية" وهي محط أنظار كثيرين من الناس، ولا أنسى فرحة صديقتي "هانيا" عندما أتت ملوحة بالحقيبة الصوفية التي صنعتها بنفسها».