"إن أهمية التراث الإنساني وقيمته الحضارية في حياة الشعوب وتوجيه مصيرها على كافة المستويات هو مصدر الهوية، ومنبع الانتماء، يستمد أهميته من كونه الناتج الثقافي للمجتمع، وهو وسيلة دافعة وفاعلة لمستويات تنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي مستوى توريث هذا الناتج للأجيال القادمة كونه تجربة متصلة من أجيال متعددة عبر العصور"، هذا ما ذكره الدكتور «أحمد باسل الخشي» خلال الكلمة التي ألقاها في مؤتمر التوثيق الالكتروني للتراث العربي.

وأضاف د. الخشي: "لقد أصبح توفر المعلومة وكفاءة استخدامها اليوم مقياساً لمكانة الأمم والشعوب وذلك لارتباطها بعملية التحديث والتطوير، حيث غدت أداة من أهم أدوات الإدارة العلمية الناجحة للتخطيط واتخاذ القرار الرشيد، فعملية التنمية تحتاج إلى الاستفادة من جميع الموارد المتاحة وإلى ترشيد استخدامها لتحقيق الأهداف المرجوة، وهذا لا يتأتى إلا من خلال أنظمة جيدة للمعلومات توفر بيانات ومعلومات كافية عن الإمكانيات المتاحة في المجتمع.

وتابع د. الخشي: "إن التطور الكبير الذي حدث في مجال الاتصالات والمعلومات وظهور شبكة الانترنت بجمهورها العريض خلقت تحديات في مختلف المجالات منها التوثيق الالكتروني للتراث الحضاري والطبيعي وذلك من خلال تطويع أدوات تكنولوجيا المعلومات لتوثيق هذا التراث الحضاري ولإنشاء خريطة الكترونية لتوثيق كافة المواقع الأثرية والمحميات الطبيعية، وكذلك توثيق التراث المعماري والكتب النادرة والمخطوطات والمباني التاريخية والإرث الصحفي.

ويأتي مؤتمرنا هذا كمحطة استثنائية للنظر في ذلك الثراء الكبير المتناثر والمتواري وراء الأزمان في عدد من البلدان العربية والإسلامية مما يقتضي تقديم خيارات وتوصيات تساعد على انتشال تلك الكنوز وإجلائها وتعميمها لما فيه فائدة البشرية.

نؤكد أن ما يحظى به هذا المؤتمر من مشاركات نوعية وحضور متخصص سيشكل حالة مثلى لبحث كافة القضايا والأفكار ذات الصلة بهذا الميدان وصولاً إلى الهدف المنشود.

مما سبق يمكننا أن نشكل رؤية واضحة حول العمل باتجاه ضرورة حفظ التراث خاصة في ظل العولمة التي تنسخ الهوية وتشوه الملامح، ومساعدة أبناءنا في المغترب بأجيالهم المتعددة بالتواصل مع جذورهم وهويتهم، والتعاون بين وزارات الاتصالات والتقانة، ووزارات الثقافة ومنظمات المجتمع الأهلي والمنظمات الدولية لإنجاز هذا العمل وتبادل الخبرات وعدم التكرار وإضاعة الجهد، والعمل على إيصال التراث للجمهور وعدم اقتصاره على الباحثين وذلك من خلال تفعيله على شبكة الانترنت.

ويجري تحقيق ذلك عبر السير بخطوات حثيثة نحو توثيق محتوى التراث الحضاري والطبيعي في العالم العربي بتسجيله الكترونياً، ودعم جهود حماية التراث من خلال مشروعات لبناء نظم معلومات متكاملة، وتعريف العالم بالإسهامات العربية في تشكيل حضارة العالم بشكل تفاعلي، إضافة إلى المساهمة في رفع كفاءة الأجهزة العاملة في مجال التراث الحضاري والطبيعي.

وختم الدكتور الخشي بالقول: "لقد نجح آباؤنا الأوائل في ترك إرث حضاري عظيم من آثار فريدة ومؤلفات عديدة أصبح هذا الإرث أمانة في أعناق العاملين في هذا المجال. فهل يضيع هذا التراث؟ أم نكون الأمناء على إيصاله إلى الأجيال القادمة هذا هو التحدي.

جدير بالذكر أن الدكتور «أحمد باسل الخشي» عين بمنصب معاون وزير بناءً على مرسوم أصدره رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد رقم/140/ بتاريخ (18/5/2008).

وهو حائز على شهادة دكتوراه في الاتصالات الحاسوبية من جامعة باريس السادسة، وكان عضو مجلس إدارة سابق في الجمعية العلمية السورية، وحالياً رئيس اللجنة الإدارية للجمعية في دمشق – عضو مجلس إدارة في وزارة النقل- منتدب إلى كلية الهندسة المعلوماتية، شغل منصب مستشار لوزير الاتصالات والتقانة، وشارك بصياغة إعداد البرنامج التنفيذي للخطة العاشرة.