في الأيام الأخيرة من شهر نيسان عاشت دمشق فعّاليات مهرجان الياسمين الثاني ابتداءاً من يوم 27-4-2008 عيد الياسمين، العيد الذي أطلقه السيد الرئيس بشّار الأسد والسيدة الأولى في نفس اليوم من عام 2007.

على مدى أربعة أيام احتفل أبناء دمشق بزهرةٍ لطالما اقترن اسمها بمدينتهم، فما من أحد يذكر دمشق إلا و استحضرت حواسّه بياض ياسمينها و نعومة عطره التي تفوح من أزقّة المدينة العتيقة.و ما من أحد رأى ياسمين دمشق إلا و تذكّر نزار قباني و تغزّله به و هو القائل: للياسمين حقوقٌ في منازلنا و قطّة البيت تغفو حيث ترتاح. و نزار نفسه لم يستطع أن يكتب يوماً عن دمشق دون أن يعُرش الياسمين على أصابعه.

كيف احتفل الدمشقيون بياسمينهم ؟ eSyria كانت معهم و رصدت لكم ملامح اليومين الأول و الأخير من مهرجان الياسمين.

في اليوم الأول احتشد العديد من أعضاء المنظمات و الجمعيات الأهلية بدمشق في حديقة الأمويين بدعوةٍ محافظة دمشق و بالتعاون مع الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية. بدأت فعاليات المهرجان بالنشيد العربي السوري و بإطلاق الحمام و البالونات البيضاء ثم توجهوا جميعاً لزرع شتول الياسمين في الحديقة. التجمع في حديقة الأمويين كان كبيراً جداً و يعكس مختلف أطياف المجتمع الدمشقي. في يوم الافتتاح كانت لنا اللقاءات التالية:

د. حنان قصّاب حسن: أجمل ما في الاحتفال اليوم هو هذا التجمّع الشبابي الكبير من منظمة شبيبة الثورة و الاتحاد الوطني لطلبة سورية و عددٍ من الجمعيات الأهلية، احتشدوا جميعاً و بحماسٍ كبير لزراعة الياسمين في دمشق و ابتدأوا من هذه الحديقة حديقة الأمويين التي أعيد تأهيلها خصّيصاً لهذه المناسبة. سيكون لنا تظاهرات مماثلة على مدار العام خاصّة بالوردة الدمشقيّة و النارنج سنعلن عنها في حينها.

السيدة أمل محاسن من جمعية أصدقاء دمشق: نحن شاركنا في التحضير لهذا المهرجان مع محافظة دمشق و الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية. عدد كبير من أعضاء الجمعية متواجدون هنا اليوم وهو يوم مهم جداً بالنسبة لنا نحتفل فيه بالياسمين الزهرة التي طالما نسبت إلى مدينتنا.

أنس العش شاب من منظمة الهلال الأحمر السوري: نحن متواجدون هنا لتقديم خدمات الإسعاف اللازمة في حال وقوع حوادث مثل ضربات الشمس. نتمنى لجميع المشاركين السلامة لنكتفي فقط بزراعة الياسمين و الاستمتاع بوجودنا بين هذا الحشد الكبير من الشباب.

محمد علي صيداوي من منظمة كشّاف سورية (منظمة أهلية تربوية تأسست في العام 1912): نحن نشارك في كل الفعاليّات التي تتعلق بالبيئة و من ضمنها مهرجان الياسمين. وسعيدون جداً بمشاركتنا في هذا التجمع الكبير الذي يعني الكثير لمدينة دمشق و سكّانها.

ومن المشاركات الملفتة في يوم الافتتاح قيام مجموعة من طلاب معهد (أدهم إسماعيل) للفنون التشكيلية برسم جداريةٍ في حديقة الأمويين تفترض وجود شرخ في المجتمع تمتد حوله الأيادي البيضاء التي ترمز إلى الياسمين و تسعى إلى توحيد الجميع.

تلك كانت أهم ملامح يوم الافتتاح الذي امتد بعده مهرجان الياسمين لثلاثة أيام، زُرعت فيها الزهرة البيضاء في اوتوستراد المزة وفي أحياء التجارة و القصور و برزة و ركن الدين و كورنيش الميدان و اوتوستراد الزاهرة الأول وأخيراً في شارع نزار قباني بحي المالكي، و كان الختام في حديقة الجاحظ في 30- 4-2008.

يوم الختام أتى بالتزامن مع الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر السوري الكبير نزار قباني، هذه المناسبة التي اغتنمتها الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية وأرادت من خلالها تقديم تحية لروح قبّاني بالشعر و الموسيقى و الكلمات. برنامج الاحتفال:حفل موسيقي أحيته فرقة "وطن" قدمّت فيه أربعة معزوفات

( سماعي راحة الأرواح- تأليف محمود عجّان،لونغا/جاز- تأليف ألفريد جمّال، الجزء الأول من الحركة الثالثة جدل- تأليف مارسيل خليفة، ارتجالات على مقام بيات صول- تأليف سامر علي).

وقدمّ الفنان شادي مقرش قراءات من شعر نزار قباني( القصيدة الدمشقية بمرافقة عازف العود وسيم مقداد،قصيدة أحبّك جداً بمرافقة عازف الكمان سامر علي، قصيدة شؤون صغيرة بمرافقة العازف فادي حردان على العود).

و في ختام الحفل قدمّ الدكتور خالد حسين كلمةً سبقت توقيعه لكتاب " نزار قبّاني قنديل أخضر على باب دمشق"

eSyria كانت مع المحتفلين و أجرت اللقاءات التالية:

شادي مقرش: أنا مهتم بالشعر بالإضافة إلى كوني فنان.هذه ثاني مشاركة لي مع الأمانة العامة، المشاركة الأولى كانت في يوم الشعر العالمي و اليوم نحيي معاً ذكرى رحيل نزار قبّاني،و فخورٌ جّداً بمشاركتي في تحيةٍ لروح شاعرٍ و طني كبير رفع اسم بلده عالياً و أقدر للأمانة العامة اختياري للمشاركة في هذه المبادرة.

وسيم المقداد من فرقة "و طن": فرقة وطن تأسست في شهر 11- 2007 نشاطاتنا تركّز على إحياء الموسيقى الشرقية بطريقةٍ معاصرة ، بدأنا بثنائي عود أنا و العازف فادي حردان ثم أخذت الفرقة شكلها بوجود سامر علي عازف الكمان و علي أحمد على الإيقاع. بدأنا نشاطاتنا في الأوساط الجامعية ثم كان لنا العديد من الحفلات في المراكز الثقافية، كانت لنا مشاركة هامة مع الأمانة العامة في يوم الشعر العالمي و مشاركتنا اليوم في تكريم شاعر دمشق نزار قباني تعني الكثير بالنسبة لنا . نحن سعداء جدّاً بهذه المشاركة.

د. خالد الحسين عضو الهيئة التدريسية في جامعة دمشق- كلية الآداب- قسم اللغة العربية: أنا أنجزت كتاب صغير بعنوان" نزار قبّاني قنديل أخضر على باب دمشق" يتألف الكتاب من :مقدّمة نقدية أحاول فيها رصد ثلاث حركات في شعرّية نزار قبّاني

(القصيدة و الشاعر- جمالية المكان في شعر قبّاني- الأنثى المستحلية في شعره)، و الفصل الثاني أقدم فيه شهادات في شعر نزار قبّاني، و الفصل الذي يليله هو عبارة عن مقتطفات من حوارات أجريت مع الشاعر، ثم منتخبات من أشعاره تمثل القاسم المشترك لشعرية نزار قبّاني. الفكرة كانت للأمانة العامة هي التي اقترحت اسمي لتأليف الكتاب و أرجو أن تكون محاولة ناجحة تليق بذكرى نزار.

انطفأت الأضواء في حديقة الجاحظ، انتهت الحفلة و كذلك فعاليّات مهرجان ياسمين دمشق الثاني، ليبقى عبق الياسمين حاضراً في ذاكرتنا كما ذكرى نزار. إنه الحب لدمشق و ياسمينها و شاعرها . إلى اللقاء في عيد الياسمين القادم ...