يكتسب عيد الجلاء معانٍ خاصة في زمنٍ أصبحت فيه المقاومة إرهاباً، خاصةً عندما تبدأ من ميسلون

الاحتفالات بالذكرى الثانية والستين، لجلاء القوات الفرنسية عن أرض سورية( 17-نيسان-1946م).

في ميسلون 24 تموز 1920م خرج القائد البطل يوسف العظمة وزير الحربية آنذاك، على رأس جيشٍ متواضع العتاد والعدد لمواجهةٍ القوات الفرنسية الزاحفة إلى دمشق. قاتل يوسف العظمة مع أفراد جيشه بكل بسالةٍ دفاعاً عن أرض سورية، لم يتخاذلوا عن الدفاع عن أرضهم، رغم أنهم أدركوا سلفاً أن مواجهتهم خاسرة، مع جيش خرج للتو منتصراً من الحرب العالمية الأولى. تكبد الجيش السوري الفتي في ذلك الوقت خسائر فادحة، واستشهد خيرة رجاله بعد أن قاتلوا بكل ما أوتوا من قوة، وعلى رأسهم يوسف العظمة الذي دفن في أرض المعركة.

في 17 نيسان 2008 اختارت احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، ضريح يوسف العظمة لبدء يومٍ تحتفل به دمشق بجلاء الفرنسيين عن الأراضي السورية بدءاًً من ميسلون، مروراً بعين التينة المشرفة على الجزء المحتل من الجولان السوري، وانتهاءاً بصالة الفيحاء الرياضية حيث يغني الجميع للوطن أناشيد الجلاء.

حول ضريح يوسف العظمة التقت الأجيال، التقت سورية بكل أطيافها ، وانحنت بخشوعٍ أمام الضريح الذي غطته الورود، وأضاءت ظلاله الشموع. أربعمائة طفلٍ من مدرسة الرعاية الخاصة بدمشق وقفوا في صفوفٍ طويلة حاملين أعلام سورية، يرددون بفرح الأناشيد الوطنية، و ينتظرون بشغف دورهم في وضع وردةٍ على ضريح الشهيد، صورة كبيرة ليوسف العظمة أهدتها المدرسة لذكرى القائد البطل، كل شيء كان لافتاً في ذلك الاحتفال: مستوى التنظيم، فرح الأطفال، إجلال الكبار لرموزهم الوطنية.

بهجةٌ أسطورية أهدتها دمشق لقائدها البطل الذي دافع عنها ذات يوم،وقدم روحه في سبيلها. بعد أن أهدى الأطفال ورودهم ليوسف العظمة، عزفت أوركسترا الجيش النشيد العربي السوري والأناشيد الوطنية، و قدمت عرضاً رائعاً لفرقة موسيقى القرب بحضورِ عددٍ من المحاربين القدامى، والإعلاميين والوفود التي توالت على زيارة الضريح منذ الصباح الباكر.

eSyria كانت هناك والتقطت لكم تفاصيل ذلك الاحتفال، الذي نظمته الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية ،وعلى رأسها د . حنان قصاب حسن التي كانت في مقدمة الحضور.

رفيف الساجر مبرمجة أنشطة الأطفال في الاحتفالية : أردنا تقديم تحية إلى روح الشهيد يوسف العظمة، بتنظيم حملة لتنظيف الضريح في 12/4/2008، نفذها حوالي250 طفل من مدارس دمشق، ثم نسقنا مع مدرسة الرعاية الخاصة لزيارة 400طفل للضريح وإهداء الورود لذكراه، كما أهدت الاحتفالية والمدرسة صورة ليوسف العظمة تم تعليقها على خلفية الضريح،وستقوم اوركسترا الجيش العربي السوري بعزف الأناشيد الوطنية، و تقديم عروضِ خاصة لهذه المناسبة، ما فاجئنا اليوم هو حجم تجاوب الناس مع دعوتنا، الوفود التي زارت الضريح اليوم كبيرة جداً، وتمثل كل أطياف الشعب السوري. نحن سعداء جداً بما قمنا به و نتمنى أن ينا ل إعجابكم.

ماريا الريس معلمة الصف الرابع في مدرسة الرعاية الخاصة: لنا هدفين من هذه الزيارة: أن يحس الأطفال بقيمة الشهداء وعظمة تضحياتهم، و أن يعيشوا الفرح الذي عاشه كل السوريين يوم الجلاء.قبل أن يأتي الأطفال إلى هنا خصصنا لهم يوماً دراسياً كاملاً شرحنا لهم فيه عن الجلاء و معانيه، وكفاح الشعب السوري لنيل الاستقلال، استغرقت التحضيرات لهذه الزيارة حوالي الأسبوع، عرف فيه الأطفال جيداً عن عظمة الرمز الذي يمثله يوسف العظمة وعيد الجلاء.

كارلا هزيم ( طفلة من مدرسة الرعاية الخاصة) : أتيت لأضع وردة على ضريح البطل يوسف العظمة، لأنه استبسل في الدفاع عن بلاده ضد الغزاة الفرنسيين.

نوار الحلو( من مدرسة الرعاية لخاصة): يجب أن يتعلم السوريون من بطولات يوسف العظمة، الذي و قف في وجه الاحتلال الفرنسي. نحن فرحون جداً لأننا هنا .

ريتا قريط ( من نفس المدرسة): يوسف العظمة يستحق ورود الدنيا كلها، لأنه قدم حياته فداءاً لوطنه.

بانه نجيب- ميشيل برهوم- كنان يعقوب- بيرلا موصلي- إيليا الذيب- ماريو تعلوب- حنا ديوب- كريس جرادة- تاله داوود وغيرهم من أطفال مدرسة الرعاية الخاصة،عبروا لموقع eDamascusعن سعادتهم الغامرة بزيارتهم لضريح يوسف العظمة، ومشاركتهم في احتفالات الجلاء هذا العام.

لن يكتمل الاحتفال بدون مشاركة محاربي سورية القدامى، eDamascusالتقت باثنين منهم: عمر أرناؤوط و محمد عكام...

المجاهد عمر أرناؤوط 88 عام نائب رئيس رابطة المجاهدين في دمشق: حياتي الوطنية ابتدأت بمشاركتي في الإضراب الستيني في العام 1936م، قاتلت ضد فرنسا وسجنت عدة مرات، ثم تطوعت للدفاع عن فلسطين في 1948م مع القائد فوزي القاوقجي.

في 17 نيسان 1946 م حقننا الجلاء، كان ذلك اليوم بالنسبة لنا هو عرس الأعراس الذي رقص فيه الحجر والبشر، الأحياء والأموات. الجلاء كان ثمرة كفاح استمر سبعةً و عشرين عاماًً لم تهدأ خلالها الثورات ضد الاحتلال الفرنسي في كل بقاع سورية من لواء اسكندرون إلى الجولان، و من الحكسة إلى جبل العرب. عدد سكان سورية خلال حقبة الاحتلال الفرنسي، لم يتجاوز الثلاثة ملايين ونصف، قدموا منهم عشرين ألف شهيد في سبيل الاستقلال. كان القائد الخالد حافظ الأسد هو أول رئيس سوري يكرم المجاهدين حيث أصدر مرسوماً يقضي بصرف رواتب لـ1277 مجاهد سوري، وتنتقل تلك الرواتب من بعدهم إلى زوجاتهم كاملةً غير منقوصة كما أرسل المجاهدين إلى الحج، وأنشأ المدارس لرعاية أبناء الشهداء .

الاحتفال اليوم رائع جداً، واختيار ميسلون لبدء الاحتفالات بعيد الجلاء موفق للغايةً، ونشكر احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008 على هذا الاختيار، برنامج الاحتفال الرائع، وهذا ليس غريباً على د .حنان قصاب حسن ابنة دمشق العريقة، ليس غريباً عليها أن تحسن الاختيار.

محمد عكام أبو رضوان من مواليد عام 1924: حوصرت في الجامع الأموي مع الثوار عندما كان عمري ثلاثة عشر عاماً ، حوصرنا لسبعة أيام، كنت أقدم خلالها الحجارة للثوار لكي يقذفوا بها قوات الاحتلال الفرنسي، ومازالت آثار الرصاص على جدران الجامع تشهد على ذلك، كنا نقذف الفرنسيين بالحجارة و يردون علينا بالرصاص. لا تسعفني الذاكرة كثيراً في سرد الوقائع عن تلك الأيام المجيدة، ما أذكره أن قبر عاتكة ( حي دمشقي) قدم وحده أربعة عشر ثائراً في وجه الاحتلال الفرنسي، على رأسهم الشيخ أبو عطا الحجازي مع خمسةٍ من إخوته،و رغم القمع الوحشي الذي واجهت به فرنسا ثورتنا، لم نتنازل عن حقوقنا حتى حققنا الجلاء.عيد الجلاء بالنسبة لي هو عيد الأعياد، والاحتفالية اليوم رائعة جداً. اعذرني يا بني لا يمكنني أن أتحدث إليك أكثر من ذلك لأنني أنسى الكثير من الكلام، ولا تسعفي الذاكرة ( للعمر حقه).

بكلمات العم أبو رضوان أنهينا تغطيتنا من ميسلون،لاحتفالات الذكرى الثانية والستين لعيد الجلاء، بقي أن نشكر الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008 ،التي نظمت جولة للصحفيين بهذه المناسبة، و قدمت لهم كل التسهيلات اللازمة، و نخص بالشكر د.حنان قصاب حسن التي واكبت الإعلاميين، وقدمت لهم الشكر على عملهم ، كما نشكر إذاعة شامFM التي تحدثت في برنامج تكسيFM عبر مراسلها قصي عمامةعن تغطية eSyria للاحتفال. من eSyria كل عام و أنتم بخير.