استطاعت ربة المنزل الشامية أن تكتشف سر نكهتها، فتبرع بطهوها؛ حيث تعد من الأكلات التراثية التي تغنيك عن حفظ مكوناتها من موسم لآخر، لكن تفننت النساء الأصغر عمراً بطريقة تحضيرها؛ لفائدتها وضمان استمراريتها وسهولة إعدادها.

تعد واحدة من الأكلات التراثية التي تحضر منذ أكثر من 150 عاماً لسهولة تحضيرها، وتوافر مكوناتها في كل منزل، وغناها بالفيتامينات، وتحدثت ربة المنزل "نجاح سقباني" (أكثر من 70 عاماً) لمدونة وطن "eSyria" التي التقتها بتاريخ 11 كانون الثاني 2016، عن أكلة "الشلباطو" بالقول: «كنت أرافق والدتي إلى السوق لأتعلم إعداد الأكلات التراثية، حيث كانت تقوم باختيار "الكرنب" الخالي من العروق بعد أن تتفحصه جيداً من أسفله، حتى لا يكون قاسياً في الطبخ ولا يأخذ وقتاً أطول أثناء الطهو، وكانت أمي تقول إن "الشلباطو" من الأكلات التي "ترمي"، أي تدب بها البركة؛ فرأسان من "الكرنب" كافيان لأسرة مكونة من ستة أشخاص، مع 200 غرام من اللحم المقطع إلى قطع صغيرة أو مفروم، وكوبين من الأرز، وكانت تعد تلك الأكلة دائماً في منزلنا؛ وذلك لعدم توفر الثلاجات التي تعمل على حفظ الخضار على مدار العام».

علمتني طريقة طبخها خالتي؛ لكنني أضفت إليها الجزر والمكسرات؛ وهذا ما أعطاها نكهة مميزة ومنظراً جميلاً، وجعل أفراد أسرتي يقبلون على تناولها، وما ميز هذه الأكلة توافر مكوناتها في فصل الشتاء، فأنا من الأشخاص الذين يفضلون طهو الخضراوات في موسمها

وعن طريقة التحضير تقول: «على الرغم من قلة مكوناتها؛ إلا أنها تحضر بعدة طرائق؛ حيث يعدّ "الكرنب" المكون الأساسي لها، أقوم بتقشير "الكرنب" وتقطعيه إلى قطع رقيقة وبعدها أغسله، ثم أضعه في مصفاة وأضع فوقه قليلاً من الملح، لأن رائحة "الكرنب" قوية ونفاذة والملح يساعد على تخفيفها، وأتركه جانباً لتحضير بقية المكونات، حيث أقوم بوضع القليل من السمن في الوعاء، فكما هو معروف كنا نطهو بالسمن البلدي؛ الذي يعطي طاقة للجسم ونكهة مميزة للطعام؛ ثم أضيف اللحم المفروم، ومن ثم أضع "الكرنب" وأقلبه على نار هادئة حتى يصبح لونه مائلاً إلى الزهري، وأضيف الأرز الذي سبق وغسلته بماء ساخن، ووضعته في مصفاة؛ ثم أخلط المكونات وأضيف أربعة أكواب من الماء مع قليل من الملح حسب الرغبة، حيث تحتاج هذه الأكلة إلى أقل من ساعة حتى تنضج، ويقدم بجانبها إما "سلطة" خضراء أو لبن».

طريقة التحضير

تضيف: «أمي كانت تحضر "الكرنب" أيضاً بهذه الطريقة؛ إذ يصنف من أكلات الزيت؛ حيث يوضع القليل من الزيت، ثم البصل المقطع إلى شرائح، وعدد من سنن الثوم المدقوق، والقليل من الكزبرة الخضراء التي تضاف إلى عدد كثير من الأكلات الشامية، ثم يضاف "الكرنب" المقشر والمقطع ويترك على نار هادئة حتى ينضج، ويقدم بجانبها في أيام الشتاء الباردة "المخلوطة" أي "شوربة" العدس الأحمر حصراً».

تصنف على أنها أكلة "بيتية"؛ حيث تحضر لأهل البيت فهي رفيقة مقربة لفصل الشتاء لتوافر مكوناتها وقلة تكاليفها، هذا ما قالته لنا "لمياء تاجا"، وتتابع: «علمتني طريقة طبخها خالتي؛ لكنني أضفت إليها الجزر والمكسرات؛ وهذا ما أعطاها نكهة مميزة ومنظراً جميلاً، وجعل أفراد أسرتي يقبلون على تناولها، وما ميز هذه الأكلة توافر مكوناتها في فصل الشتاء، فأنا من الأشخاص الذين يفضلون طهو الخضراوات في موسمها».

مكونات أيام زمان

وفي لقاء مع الصيدلانية "هلا غندور" عن تلك الأكلة تقول: «غنية بمجموعة من الفيتامينات لاحتوائها على مجموعة من المكونات المهمة التي يحتاج إليها الجسم للصغار والكبار، وما يميزها أن جميع مكوناتها متوافرة في فصل الشتاء، وهو ما يجعلها تحتفظ بالفيتامينات ولا تفقدها أثناء الطهو إلا القليل، وهي مكونة من "الكرنب" الذي يعد من أفضل الأدوية لاحتوائه على الفيتامين المضاد لنخر الأسنان، وهو غني بالكبريت والبروتين والكالسيوم، وللكرنب خاصية في تسكين الأوجاع ويصفي الصوت.

"الكرنب" يحتوي كميات عالية من فيتامين "ج" والكالسيوم والبوتاسيوم، كما أنه مصدر جيد للألياف؛ وبالتالي جمع هذه المكونات بعضها مع بعض يمد الجسم بمجموعة من الفيتامينات المهمة، وهو مفيد لمرضى السكري».

الكرنب

وأضافت: «ذُكر في كتاب "الطب الشعبي" أن الدكتور "جارنت تشي" الأستاذ بجامعة "ستانفورد" أجرى تجارب على مئة مريض بقرحة المعدة، وقد أعطى جرعات يومية صغيرة من عصير الكرنب فاختفى الألم خلال أسبوعين، وهو مفيد لحالات سوء الهضم والالتهاب الكبدي، وكوب من عصير الكرنب يحتوي 50 مليغراماً من فيتامين ث، وطعمه مثل طعم اللفت الخفيف، ويمكن تناوله نيئاً أو مطهواً».