لسنوات عديدة عرفت بـ"لحم الفقراء"؛ فهي أكلة شعبية دمشقية، وطبق أساسي عندما يحل الشتاء، لما تحتويه وجبة الفول من طاقة توفرها مكوناتها، ولأنها سريعة التحضير فقد جعلت ربات البيوت تتهافت لطهوها، وخاصة العاملات منهن.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 كانون الثاني 2015، ربة المنزل "خولة أبو عابد" من مدينة "دمشق" لتحدثنا عن تاريخ الأكلة، وطريقة تحضيرها قائلة: «تعد "الفولية" أكلة دمشقية قديمة؛ ومازالت ربات البيوت تحضرنها لقيمتها الغذائية، وسهولة تحضيرها؛ ولطالما كانت الأكلة المفضلة لدى كبار السن لاحتوائها على عناصر مهمة تمدهم بالطاقة وتساعدهم على تحمل برد الشتاء؛ وهذا ما يعيدني إلى منزل جدتي حيث تناولتها، وشاركت في تحضيرها لأول مرة، وأذكر عدد المرات التي حاولت فيها جدتي أن تطعمني منها لكنني كنت أرفض إلى أن جعلتني أضع بضع حبات من الفول على قطعة قماش مبللة بالماء، وكانت كل يوم تجعلني أراها إلى أن ظهرت عليها البراعم، وهنا أخذتني وأخبرتني أنني إذا تناولت الفول سوف أنمو وأكبر كالبرعم، ومن حينها بدأت تناولها، وأنا اليوم أحضرها لأولادي بين الحين والآخر لما تحويه من قيمة غذائية عالية؛ وفي كل مرة أطهو بها "الفولية" أجعل تناولها متعة كبيرة عن طريق ربط حكايتها ببعض الشخصيات الكرتونية المحببة لديهم».

تتميز بأنها من الأكلات القديمة التي لا ترتبط بطقس أو مناسبة معينة؛ حيث تحضّر في كل الأوقات، لكن طرأ عليها بعض التغييرات من حيث وقت تحضيرها، فقديماً كانت تطبخ في فصل الشتاء حصراً لتوافر نبات السلق الذي يدخل بطهوها، كما أن الفول الأخضر لم يكن متوافراً إلا في أواخر الشتاء؛ لذلك كان يستعاض عنه بالفول اليابس بعد سلقه بالبيت أو يجلب من عند "الحمصاني"، لكن اليوم وبوجود المجمدات أصبح بالإمكان حفظ السلق والفول وتحضيرها في كل الفصول

وعن مكوناتها وطريقة تحضيرها تضيف "أبو عابد" قائلة: «يمثل "الفول" المكون الأساسي في الأكلة؛ ومن هنا أتت تسميتها "الفولية"، وتعد من الأكلات السريعة التحضير؛ حيث لا تتجاوز مدة طهوها نصف الساعة، ولتحضير طبق لأربعة أشخاص نحتاج إلى نصف كيلو غرام من اللحم، ويفضل أن يكون لحم غنم، إضافة إلى السلق ونحو أربعمئة غرام من الفول الأخضر المسلوق، وبصلة مفرومة إلى قطع كبيرة وثوم مقطع، وفلفل، وملح، وزيت نباتي حسب الرغبة، وهناك من يضيف إليها الحامض لجعلها محببة لدى الأطفال خصوصاً الفتيات منهن، وبعض العائلات تتناولها من دون إضافة اللحم، وهو ما جعل العديد من الناس يطلقون عليه "لحم الفقراء"، حيث يحرص الذين يمتلكون الحدائق حول منازلهم على زراعته».

الفول الأخضر بعد سلقه

وتتابع: «بداية نقوم بوضع البصل مع الزيت النباتي على النار، ثم نضيف الثوم المقطع ويحرك إلى أن يكسبا لوناً ذهبياً، بعدها نقوم بإضافة اللحمة "المجرمشة"، ورشة من الفلفل الأسود، وتترك لمدة ربع ساعة تقريباً، وعندها نقوم بإضافة الفول الأخضر بعد أن تم سلقه مسبقاً حيث يقلب جيداً، وأخيراً نضيف السلق بعد أن تم تنظيفه وتقطيعه إلى قطع كبيرة، وبعد تقليبه مع المكونات الأخرى نضيف إليه القليل من مرق الدجاج، وتترك نحو خمس دقائق إلى أن تنضج، ويقدم إلى جانبها الأرز الأبيض "المفلفل"، وهناك من يفضل تناولها بالخبز؛ وهنا تكون المكونات السابقة ذاتها باستثناء مرق الدجاج؛ حيث تضاف إليها الكزبرة الخضراء لإضفاء النكهة».

وتختم قائلة: «تتميز بأنها من الأكلات القديمة التي لا ترتبط بطقس أو مناسبة معينة؛ حيث تحضّر في كل الأوقات، لكن طرأ عليها بعض التغييرات من حيث وقت تحضيرها، فقديماً كانت تطبخ في فصل الشتاء حصراً لتوافر نبات السلق الذي يدخل بطهوها، كما أن الفول الأخضر لم يكن متوافراً إلا في أواخر الشتاء؛ لذلك كان يستعاض عنه بالفول اليابس بعد سلقه بالبيت أو يجلب من عند "الحمصاني"، لكن اليوم وبوجود المجمدات أصبح بالإمكان حفظ السلق والفول وتحضيرها في كل الفصول».

الدكتورة هبة جدوع

الدكتورة "هبة الجدوع" اختصاصية تغذية تقول: «لا غنى عن الفول كمكون أساسي في مطابخنا؛ حيث يعد غذاءً متكاملاً لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين تجعل منه بديلاً مناسباً وزهيد الثمن إذا ما قورن باللحوم، كما أنه غني بالفيتامينات والأملاح والمعادن مثل الكالسيوم، والفوسفور، والحديد المسؤولين عن قوة المناعة في جسم الإنسان، ومقاومة الإجهاد والتعب؛ إضافة إلى كل ما سبق يعد الفول غذاءً مناسباً لمرضى السكري لاحتوائه على نسبة عالية من الألياف التي تعطي الإحساس بالشبع، وتساعد على امتصاص السكر بطريقة أفضل، كما أن إضافة الليمون تعطيه الكثير من الفيتامينات وخصوصاً فيتامين (C)، كما أن الفول الأخضر ذو قيمة غذائية عالية إذا ما تم طهوه على نار هادئة لاحتوائه على مادة "الكلوروفيل الخضراء"، وهو مفيد في كل حالاته؛ وهذا ما يجعله غذاءً مثالياً من حيث قيمته الغذائية، إضافة إلى توافره في السوق، وسعره الاقتصادي الذي جعله في متناول الجميع».