من الألعاب التي تساعد على تنشيط الذاكرة وتقوية الروابط الاجتماعية، ليست حكراً على النساء مع أنها تعتمد على أدوات المطبخ، الخاسر فيها ينفذ الشرط الموضوع مسبقاً، فيضفي جواً من المرح والتسلية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 حزيران 2015، "خالدية معتوق" (ربة المنزل) التي عادت بذاكرتها إلى أيام مضت وتحدثت عن لعبة "الصينية" التي كانت من الألعاب الشهيرة بين النساء في البيوت الدمشقية، وتقول: «منذ صغري اعتدت الذهاب مع والدتي إلى السهرات التي كانت تقام كل شهر عند إحدى صديقاتها، أو في بيتنا، حيث كن يجتمعن لقضاء وقت ممتع بعيداً عن عمل نهار مرهق، وتبدأ السهرة على وقع الأحاديث والضحكات، وتناول الحلويات التي أعدت خصيصاً لهذه السهرة، وبعدها تبدأ الاقتراحات حول الألعاب التي تبعث الفرح والتسلية ضمن السهرة، ليقع الاختيار على لعبة "الصينية"، فتحضر ربة المنزل صينية ضيافة وعدداً من الفناجين على عدد الحاضرات، وتحضر معها حبة تمر أو "زبيب" أو خاتم.

أذكر أن لتلك السهرات متعة خاصة من حيث التسلية وتنشيط الذاكرة، ولم تكن هذه اللعبة حكراً على النساء، فقد كان والدي يتبارى مع أصدقائه، ويحاول التغلب عليهم في السهرات التي كان يجتمع فيها مع أصدقائه من خلال تذكر مكان حبة التمر أو "الزبيب"، ليثبت لهم صفاء ذاكرته وسرعتها، ومازلنا حتى الآن نحافظ على مثل هذه السهرات التي تجمع الأحبة، وتأخذنا إلى جو من الفرح والسعادة، وتساهم في قضاء وقت جميل بين الفترة والأخرى

تجرى قرعة لمعرفة من التي ستبدأ اللعب، ثم يقمن بصف الفناجين في الصينية بالمقلوب، وتقوم واحدة منهن بوضع حبة التمر أو الزبيب تحت أحد الفناجين، وتقوم بتحريك الفناجين يميناً ويساراً، وتبدأ اللعبة بالحماسة الشديدة، وعلى الفتاة التي وقعت عليها القرعة أن تعرف أي الفناجين هو المطلوب، أي الذي توضع تحته حبة التمر، وبمجرد أن تعرف تتنحى جانباً، بعد أن تأخد فنجانها لتترك الدور لغيرها، وهكذا تستمر اللعبة والحماسة والتشجيع لا ينقطع، حتى تبقى متسابقتان، تتنافسان على الفوز، وتنقسم الحاضرات فريقين مع كل واحدة ضد الأخرى، ويبدأ الهتاف وتتعالى الأصوات، وفي النهاية تفوز التي تتمتع بالذاكرة الأقوى وتسعفها بتذكر موضع الفنجان ويصفقن جميعهن فرحات، ثم تطلب الفائزة من التي خسرت شيئاً وعليها أن تنفذه كالرقص أو الغناء أو أي شيء يبعث الفرح والسرور في قلوب الجميع، ويكون هذا الشرط متفقاً عليه منذ البداية».

أمير السالم

كما حدثتنا "أمير السالم" موظف من أهالي "دمشق" عن هذه اللعبة بالقول: «أذكر أن لتلك السهرات متعة خاصة من حيث التسلية وتنشيط الذاكرة، ولم تكن هذه اللعبة حكراً على النساء، فقد كان والدي يتبارى مع أصدقائه، ويحاول التغلب عليهم في السهرات التي كان يجتمع فيها مع أصدقائه من خلال تذكر مكان حبة التمر أو "الزبيب"، ليثبت لهم صفاء ذاكرته وسرعتها، ومازلنا حتى الآن نحافظ على مثل هذه السهرات التي تجمع الأحبة، وتأخذنا إلى جو من الفرح والسعادة، وتساهم في قضاء وقت جميل بين الفترة والأخرى».

أما الباحث الاجتماعي "بسام سلام" فحدثنا عن رأيه بهذه اللعبة، ويقول: «لقد كان هذا النوع من الألعاب في السابق يجمع العائلة والأحبة ويقوي الروابط العائلية والاجتماعية في فترة لم يكن فيها أي نوع من التكنولوجيا، ولعبة "الصينية" مازالت موجودة حتى وقتنا الحاضر لكنها محصورة في بيئة معينة بعيدة عن التطور التكنولوجي إلى حد ما، ومع ذلك فهي محدودة وليست كالسابق، وبرأيي كانت تلك الألعاب تجمع الأشخاص أكثر من الآن، فنحن بهذا الوقت نجد في معظم السهرات الجميع مشغولين بالإنترنت وكل ما يتعلق به».

الباحث بسام سلام