دخلت صناعتها "دمشق" مطلع القرن العشرين، ووصلت اليوم إلى كل أنحاء العالم، يكمن سرّ مذاقها ببصمات صانعيها الذين يتوارثون المهنة أباً عن جد، تختلف أنواعها باختلاف المناسبات السعيدة حصراً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 شباط 2015، "أحمد السكري" صاحب معمل لتصنيع الراحة والسكاكر في سوق "البزورية" بـ"دمشق"، الذي تحدث عن "الراحة الدمشقية" ويقول: «بدأت صناعتها منذ مطلع القرن العشرين، فتميزت بطعمها اللذيذ، وأنواعها المتعددة، وهو ما جعل الحرفي الدمشقي يتفرد بصناعتها ويصدرها إلى العالم، ويعدّ جدي من أوائل من عملوا بهذه المهنة منذ ما يقارب 150 عاماً، ومن ثم ورثها والدي عنه، واكتسبنا أنا وإخوتي الخبرة من والدي».

بدأت صناعتها منذ مطلع القرن العشرين، فتميزت بطعمها اللذيذ، وأنواعها المتعددة، وهو ما جعل الحرفي الدمشقي يتفرد بصناعتها ويصدرها إلى العالم، ويعدّ جدي من أوائل من عملوا بهذه المهنة منذ ما يقارب 150 عاماً، ومن ثم ورثها والدي عنه، واكتسبنا أنا وإخوتي الخبرة من والدي

ويضيف: «في كل زيارة للمغتربين إلى "سورية" يحملون معهم علب الراحة هدية متميزة لأصدقائهم في الخارج، لأنها تحمل عبق وأصالة "دمشق"، وبصمة السوريين وتميزهم، حيث أصبح لها عشاقها في جميع أنحاء العالم، ومازال الدمشقيون يقدمونها كحلوى متميزة ضمن حفلاتهم ومناسباتهم السعيدة؛ كالعودة من الحج والولادة وفي الأعراس وغيرها».

أحمد السكري

وفي سوق "البزورية" التقينا "سعيد الحاج" ويقول: «صنع الدمشقيون الراحة بطريقة مميزة، حيث كان طبخها يتم ضمن قدور نحاسية كبيرة، تدخل فيها عدة مواد أولية هي: السكر، النشاء، والمسك؛ يتم غليها في القدر، وبعدها تسكب في صوانٍ مسطحة وتترك لتبرد، ثم تقطع إلى أجزاء كبيرة الحجم، وقد كانت هذه القطع تغلف وتقدم في الموائد والأعراس الشعبية».

أما "محمد سليق" صاحب محل "سكاكر" في "الصالحية" فيقول: «اشتهرت "دمشق" بهذه الحلوى، وقد تم إنشاء العديد من المعامل في "البزورية" التي تصنع السكاكر الدمشقية يدوياً بكل مراحلها، وارتبطت هذه الصناعة ارتباطاً وثيقاً بـ"دمشق"، وهناك حالياً "الراحة الشرحات" المعجونة بالمسكة الطبيعية التي تقطع على شكل شرائح رقيقة وتحشى بالفستق الحلبي أو اللوز، والراحة المحضرة بالكاجو وجوز الهند والفستق الحلبي والبندق واللوز والسمسم، والراحة المعجونة والمحضرة مع الفواكه، فقبل عشرات السنين لم يكن عدد أصناف الحلويات والسكاكر يتجاوز عدد أصابع اليد، أما اليوم فهناك أكثر من ألف نوع، تختلف باختلاف المناسبات والفصول والأسعار، وتتناسب مع الأعياد والأحداث السعيدة كحفلات الزفاف والولادة وغيرها».

محمد سليق

ويتابع: «ابتكرنا أنواعاً جديدة من "الراحة" منها المغطسة بالشوكولا، والمحشوة بالقشطة، ونحن من أدخل هذه الأنواع إلى "دمشق" ونصنعها في معاملنا، ورغم محاولات بعض الحرفيين تقليدنا إلا أنهم فشلوا في ذلك لأن هذا النوع بالذات يحتاج إلى مقادير معينة لتصبح من خلالها رقيقة وتصلح لحشو القشدة».

المهندس "عبد الله المحمد" من أهالي "مشروع دمر" يقول: «في سوق "البزورية" تجد العشرات من المحال التي تبيع هذه الحلوى التي تثير انتباهك بسهولة لأنها معروضة بطريقة لافتة للنظر، خاصة أن السكريات جزء مهم من غذاء الإنسان، وكان أصحاب المحال في السابق يطلبون من الزبون تذوق الراحة ليفخرون بطريقة تحضيرها وتصنيعها ويشجعونه على شرائها، أما اليوم فألغيت تلك الضيافة لكون أسعارها ارتفعت ويعود إنتاجها إلى أكثر من مصدر».

تحضير الراحة

ويختم: «تعد "الراحة الدمشقية" من الحلويات المحببة؛ فلا تكاد تخلو مناسبة سعيدة سواء في عيد المولد النبوي الشريف، أو الأضحى المبارك، وعيد الفطر السعيد، وفي الأعراس والولادة، إلا وترى "الراحة" حاضرة فيها، وتعد الراحة فاكهة الأطفال، أما لكبار السن فهي معشوقتهم لكونهم اعتادوا أكلها منذ الصغر».