لم تُسمَّ كأغلب المدن على اسم بانيها، فقِدمُ "دمشق" جعلها تحمل الكثير من الأسماء التي تعود إلى عصور غابرة، وحملت أسماء أخرى ترجع لصفاتها المميزة التي تتحلى بها، فكانت للجمال عنوان.

لمعرفة المزيد عن معنى تسمية "دمشق" والألقاب التي أطلقت عليها على مر العصور؛ التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 كانون الأول 2014، الباحث التاريخي "عماد العاني"، ويقول: «تباينت الروايات التاريخية في تحديد معنى اسم "دمشق" فكلمة "دمشق" تعني الخفة والسرعة أو الجري السريع، وقيل إنها سميت بذلك لأنهم "دمشقوا" ببنائها أي أسرعوا، وقد ترد أيضاً بمعنى الهواء الطيب والمعطر، لطيب هوائها حيث يعطر عبر مروره في بساتين "الغوطة"، وأصل اسمها في الرومانية "دومسكس"، أي مسك مضاعف لأن "دو" للتضعيف و"مسك" هو المسك، كما قيل إن "دمشق" كلمة فارسية وأصلها "دم بشك" ومعناها الأرض المزهرة، وقيل أيضاً إنها سميت "دمشق" على اسم غلام "اسكندر المقدوني" الذي بناها وكان اسمه "دمشق"».

"دمشق" جنة المشرق حسنة المؤنق، وهي بلاد الإسلام التي استقى بناها، وعروس المدن التي اختليناها، وقد تحلت بأزاهير وتحلت بحلل سندسية من البساتين، وخلت من موضوع الحسن بالمكان المكين

يضيف: «أدرك المؤرخون والجغرافيون أسماء متعددة لمدينة "دمشق" ففي العصر الإسلامي اشتهرت باسم "جلق"؛ وهي لفظة فارسية معناها مئة ألف زهرة، وفي هذه التسمية إشارة إلى غوطتها وما كانت تشتهر به من كثرة الورود والرياحين، وقد سميت أيضاً باسم "بارم دمشق" وقيل إن "ارم" ذات العماد الذي لم يخلق الله مثلها في البلاد هي "دمشق" بعينها، وكانت بيوتها كلها على أعمدة، وسميت "دمشق" أيضاً "جيرون" هو اسم رجل من الجبابرة، والاسم مشتق من أصل آرامي ومعناه الملجأ، وهناك معنى آخر لكلمة "جيرون"؛ فهي كلمة يونانية معناها فناء الدار، وقيل إنه "جيرون بن سعد" فقد نزل "دمشق" وبنى مدينتها فسميت باسمه، ويقال أيضاً إن بها أربعمئة ألف عمود من الحجارة الضخمة، ولقبت "دمشق" أيضاً بـ"الفيحاء" أي الواسعة من الأرض أو الدار أو الرياض ولهذا فإن تسميتها بـ"الفيحاء" جاءت نتيجة اتساع أرض "الغوطة" حولها وكثرة ما فيها من الأشجار والورود والرائحة الطيبة».

نهر بردى

كما ذكر الباحث "قتيبة الشهابي" في كتابه "معالم دمشق التاريخية" أسماء كثيرة لـ"دمشق"، ومن الأسماء الذي ذكرها: «"رأس بلاد أدم" كما وردت بالعهد الآرامي، "شام شريف" لقب أطلقه عليها الترك العثمانيون، "حصن الشام" من أسماء "دمشق" في صدر الإسلام، قرية "المسرة" من ألقابها في العهد الآرامي، "حاضرة الروم وبيت ملكها" أيام العصر الجاهلي، "العذراء" قيل إنها سميت بذلك نسبة إلى مريم العذراء، كما أنها تعريب كلمة "جينيق" التي تعني العذراء وهذه التسمية غريبة، واسم "بيت رمون" نسبة إلى هيكلها الذي ينسب إلى "رمون الوردي"، ومدينة "نعمان الأبرص" في العهد الآرامي أيضاً، و"ديمترياس" اسم الجالية اليونانية التي لحقت بمدينة "دمشق"، و"قاعدة سورية المجوقة" في العهد الروماني، "باب الكعبة" أيضاً لقب أطلق عليها في صدر الإسلام، كما يطلق عليها حديثاً اسم مدينة "الياسمين"».

كما ذكر المهندس "خليل طيب" في كتابه "تاريخ دمشق" عن تسمية هذه المدينة العظيمة بالقول: «إن للمؤرخين في تاريخ "دمشق" وسبب تسميتها أقوالاً غير التي ذكرت، لا تبنى عن حقيقة الأمر ولا توصل للمراد وكلها متناقضة، وما باني "دمشق" هذه المدينة وتاريخ بنائها إلا من الأسرار التي عجز الباحثون عن الوصول إلى حقيقتها، وغاية ما يمكن في ذلك أن المدينة قديمة العهد، وجدت في زمن "إبراهيم الخليل" عليه السلام. ونستطيع القول من باب الظن إنها وجدت قبل ذلك الوقت بمئات السنين، وإن أخطأ الظن فلا أقل من كون "اليعازر" غلام "إبراهيم" عليه السلام أو أسلافه هم الذين وضعوا أساسها».

قاسيون

قام العديد من الشعراء والكتاب بوصف "دمشق" هذه المدينة الرائعة بأجمل الأوصاف؛ فكان من أروعهم "ابن جبير" في كتابه "رحلة"؛ حيث قال فيها: «"دمشق" جنة المشرق حسنة المؤنق، وهي بلاد الإسلام التي استقى بناها، وعروس المدن التي اختليناها، وقد تحلت بأزاهير وتحلت بحلل سندسية من البساتين، وخلت من موضوع الحسن بالمكان المكين».

الياسمين الدمشقي