واحد من أقدم الأفران في "دمشق"، يتفرد بصناعته اليدوية حيث يتعرض الرغيف للنار من كل جوانبه، لا يزال يحتفظ ببنائه الأثري وقناطره الحجرية، وينتج العديد من أنواع الخبز الدمشقي.

مدونة وطن "eSyria" زارت بتاريخ 24 تشرين الثاني 2014، فرن "القنوات" والتقت السيد "عامر شعبان" أحد سكان حي "القنوات"، ويقول: «على الرغم من وجود أفران قديمة في "دمشق"، إلا أن فرن "القيمرية" الموجود في حي "القنوات" يختص بالتراث وبالأكل الشعبي التقليدي، وخاصة بإنتاج أنواع من الخبز والحلويات، فلا تستطيع أن تمر بجانبه، إلا وتأخذك رجلاك إلى مصدر الرائحة، التي أصبحت أحد معالم الحي وركناً أساسياً في حياة الأهالي والمارة كل صباح ومساء».

أنشئ هذا الفرن زمن الاحتلال العثماني وكان يسمى بفرن "البيليك" وهي تسمية تركية وتعني "مخزن الأمراء"، حيث يعود تاريخ بناء الفرن إلى منتصف القرن التاسع عشر، وتم تطويره وتحديثه تماشياً مع متطلبات العصر، إذ كان في السابق يستخدم الحطب أو الفحم في إشعاله، أما اليوم فنستخدم مادة المازوت لإشعال ناره

"محمد الكلاوي" ابن صاحب الفرن يقول: «أنشئ هذا الفرن زمن الاحتلال العثماني وكان يسمى بفرن "البيليك" وهي تسمية تركية وتعني "مخزن الأمراء"، حيث يعود تاريخ بناء الفرن إلى منتصف القرن التاسع عشر، وتم تطويره وتحديثه تماشياً مع متطلبات العصر، إذ كان في السابق يستخدم الحطب أو الفحم في إشعاله، أما اليوم فنستخدم مادة المازوت لإشعال ناره».

محمد الكلاوي ابن صاحب الفرن

ويضيف: «يتميز عملنا في هذا الفرن القديم لكونه يدوياً، ومن ميزاته أن الخبز فيه يتعرض للنار من جميع الجهات تعرضاً أكبر، فيصبح الخبز ألذ وأطيب، وننتج أنواعاً كثيرة ولكل نوع زبائنه، فهناك الخبز العادي، و"المشروح"، وخبز حبة البركة والسمسم، والخبز "المنقوش والماوي"، الذي يتميز بأنه خبز سميك، إضافة إلى "الكروسان" بأنواعه، وبعض أنواع الحلويات التي نصنعها حسب الموسم، كما أن لكل نوع من الخبز مقداراً من العجين والخميرة ليكون الطعم ألذ والمنظر شهياً أكثر».

ويختم "الكلاوي": «بني تنور "القنوات" على نمط معماري أثري يعكس الحقبة الزمنية التي بني فيها، إذ إن المكان عبارة عن جدران وقناطر حجرية، كما أن أقسام التنور بسيطة ومتواضعة إلا أنها تفي بالغرض وهي: بيت النار أو الفرن والعجانة، وصناديق خشبية يوضع فيها العجين المقطع، إضافة إلى طاولة خشبية يوضع عليها الخبز والفطائر الجاهزة».

الناس بانتظار ما يحتاجونه

"محمد الحمود" من زبائن الفرن يومياً: «انتشرت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة "التنور" في العديد من الحارات الدمشقية الشعبية والراقية، والسبب عودة الكثيرين إلى تراث الأجداد، وبدأ الناس شراء أنواع من الخبز البلدي لكونه يتمتع بمذاق وطعم لذيذ ومنظره جميل خاصة إذا كان مخبوزاً جيداً في التنور، كما أنه يمكن أن تنتج منه أنواع متعددة وليس فقط الرغيف "المشروح"، بل هناك "الكماج" وهو رغيف سميك مدور الشكل ولذيذ، وكذلك هناك الرغيف المعجون بحبة البركة أو بالسمسم».

ويضيف: «رغم انتشار الأفران والمخابز في مختلف مناطق "دمشق" إلا أن تنور "القنوات" لا يزال يحافظ على استمرارية عمله وشعبيته بين الناس، حيث لا يفوّت معظم المارين بحارة "القنوات" فرصة الحصول على نصيبهم من خبز التنور، أو المنقوش بحبة البركة، أو "الكروسان" أو المعمول الذي تعبق رائحته الشهية في المكان؛ فهم مازالوا يجدون في طريقة خبزه ومنتجاته ما يغنيهم عن خبز الأفران الآلية، وربما منهم من يجد في رائحة خبز الأفران اليدوية جزءاً من عبق مدينتهم "دمشق"».