تفتخر السيدة "سلام رمضان" بأن صيدليتها المنزلية، خالية من المستحضرات الدوائية، فهي تستعيض عن "كبسولات أسبرين"، بشرب القليل من اللبن مع بذار الكزبرة المطحونة لعلاج الصداع، أو تقوم بتدليك الجبهة و"الصدغين" بـ"زيت اللافندر"، وتعتبر أن الطب الطبيعي عاد بطرائقه المختلفة، تقول:

«أثبت "الطب الطبيعي" نفسه من جديد وبقوة، وذلك كان رد فعل متوقعاً، خاصة بعد الإفراط في التعامل مع المريض ومرضه كسلعة، حيث أصبحت العلاقة بين الطبيب والمريض هي علاقة استجواب مقتضب، وسريع يتبعه وصفة دوائية، لا ينجو المريض من أعراضها الجانبية وتداخلاتها الدوائية المختلفة، لذا كان التوجه الجديد للعودة إلى الطبيعة، والتنقيب في أسرارها عن الوصفات المناسبة لما يصيبنا من أمراض، وتستطيع أن تلحظ اهتماماً كبيراً بهذا الجانب؛ في الفترة الأخيرة في سورية وفي بقية البلدان أيضاً».

الأزهار والأوراق أجزاء نباتية حساسة، لذا يجب أن تجفف بالظل، وذلك للحفاظ على لونها وعلى موادها الفعالة، أما الجذور والبذور فيمكن تجفيفها تحت أشعة الشمس مباشرة

السيدة "سلام رمضان" والتي عملت على استبدال النمط السائد للصيدلية المنزلية بمجموعة من النباتات الطبية، تحدثت عن بعض الوصفات التي تستعملها، فبدأت بقولها: «استخدام مغلي "قش الشوفان" لمعالجة الاكتئاب، واستخدم كل من نبات "الخلة" و"زهرة الألماسة" لتوسيع المجاري البولية عند الإصابة بنوبات الرمل المؤلمة، ولعلاج "القرحة" يمكن تناول "ورق الملفوف" الذي يعتبر عاملا مضادا للقرحة، كما يحتوي الملفوف على مواد شبيهة بـ"الأنسولين" تفيد "مرضى السكري"، و"الأقحوان" يفيد لخفض "الضغط الشرياني"، وبالطبع مجموعة الزهورات الشائعة التي تفيد في حالات المغص وتهدئة "السعال"».

السيدة "سلام رمضان" تحضر وصفة طبية لعلاج "الصداع"

السيدة "رمضان" لم تكتف باستعمال هذه البناتات، بل قامت بزراعة بعضها في حديقتها المنزلية، وعن ذلك تقول: «إن زراعة هذه النباتات عملية سهلة، ولكن تحتاج إلى عدد من المعارف الأساسية؛ فمثلاً يراعى حجم البذار الصغيرة جداً مثل "بذار البابونج"، بحيث تخلط مع قليل من الرمل لضمان توزعها على كامل المساحة، ثم تغطى بطبقة رقيقة من التربة وتروى بالرذاذ كي لا تجرف البذار، أما البذار الأكبر حجماً فتزرع مباشرة كما يزرع "القمح"، ومن الجميل أن هذه النباتات لا تحتاج إلى كثير من عمليات الخدمة، فلا يجب أن تسمد، ويحظر استعمال المبيدات الكيماوية عليها، لأنها تترك أثراً، قد يضر مستخدمها».

موقع "eSyria" التقى الأستاذ "أحمد دبو" أستاذ "النباتات الطبية" في "كلية الزراعة" جامعة "دمشق"، للتعرف على النباتات الطبية التي تنتشر حولنا، ومدى صحة القاعدة القائلة «بإن النبات إذا لم ينفع فهو لا يضر»، وبدأ الأستاذ "أحمد" حديثه بالقول: «النبات الطبي؛ هو كل نبات يحوي في أي جزء من أجزائه الهوائية أو الأرضية مركبات فعالة لها أثر علاجي لمرض أو أكثر، ويمكن القول إن كل نبات عطري هو نبات طبي، والعكس غير صحيح، فالملفوف ليس نبات عطري مع ذلك فهو طبي، إلا أن معرفتي أن نبات ما، هو نبات طبي لا يجيز بحال من الأحوال التسرع في استخدامه دون الاطلاع والبحث عن أثر هذا النبات، فالنباتات الطبية مجموعتان إحداهما يمكن استخدامها دون استشارة طبيب مثل "إكليل الجبل"، أما المجموعة الثانية فمن الخطير استخدامها دون مشورة طبية، أو دون الانتباه إلى الجرعات الموصوفة، فمثلاً نبات "قثاء الحمار" يقطر من ثماره في الأنف لعاج "مرض اليرقان"، لكن لابد أن يتم ذلك تحت إشراف طبي، وإلا أعطى أعراضا خطيرة كالجحوظ في العينين والتقيؤ وقد يستدعي الأمر نقل المريض إلى المستشفى».

الحديقة المنزلية لمنزل السيدة "رمضان"

ومع أن فكرة وجود "الحديقة المنزلية الطبية" فكرة غاية في الروعة ومضمونة، إلا أن النباتات الطبية البرية التي تنمو تلقائياً في الجبال، تحتوي على تركيز أعلى من المادة الفعالة من تلك التي يمكن أن نزرعها ونحيطها بالعناية والسقاية الدائمة في حدائقنا، لذا يلجأ الكثير من الناس إلى جمع هذه النباتات».

ويتابع الأستاذ "أحمد" مقدماً بعض النصائح حول أصول عملية الجمع: «إن لوقت الجمع أهمية كبيرة، فمثلاً النباتات التي تكون المادة الفعالة فيها هي زيت طيار كـ"اللافندر" و"إكليل الجبل"، يجب جمعها في الصباح الباكر، قبل ارتفاع درجات الحرارة كي لا يتطاير الزيت من النبات، كما يراعى في موعد الجمع مرحلة نمو النبات التي يصل فيها تركيز المادة الفعالة في النبات إلى حده الأقصى، فمثلاً "البابونج" يجنى بعد اكتمال الإزهار أما "الختمية" التي يستفاد من جذورها فتجمع في آخر الموسم، حيث تكون المادة الفعالة انتقلت من الأوراق إلى الجذور».

يقوم معظم الناس بتجفيف النباتات الطبية بعد جمعها تحت أشعة الشمس المباشرة ما قد يسبب فقدناً في مادتها الفعالة، وقد لخصت السيدة "رمضان" القاعدة التي تتبعها في تحضير وتجفيف النباتات قبل حفظها بقولها: «الأزهار والأوراق أجزاء نباتية حساسة، لذا يجب أن تجفف بالظل، وذلك للحفاظ على لونها وعلى موادها الفعالة، أما الجذور والبذور فيمكن تجفيفها تحت أشعة الشمس مباشرة».

وللنباتات الطبية طرائق متنوعة للاستعمال، ولاختيار الطريقة المناسبة أهمية بالغة في الحصول على الفائدة المرجوة، ومن الأمثلة الكثيرة عن ذلك يذكر لنا الأستاذ "أحمد" بعضها فيقول: «يقوم كثير من الناس بغلي "الزهورات"، الأمر الذي يسبب تطاير الزيت الطيار الذي يشكل مادتها الفعالة، فيجب سكب الماء الساخن على النبات-دون غليه- للحصول على فائدته، أما نبات "القريص" فتغلى أوراقه لمدة دقيقة، ويشرب المغلي بهدف زيادة "الصفيحات الدموية"، كما يفيد مغلي بذوره لحالات "السلس البولي"، أما نبات الخلة فيستخدم على شكل مراهم لمعالجة "البهاق"، ولكل نبات طبي نجد طرائق مختلفة لجني فوائده الكثيرة».