يطلق عليه اسم المقهى وهو ليس بالمقهى العادي الذي اعتدنا على الجلوس فيه واحتساء القهوة والشاي وغيرها بل هو عبارة عن نافذة نطل بها على العالم تزودنا بمختلف المعلومات والأحداث إنها شبكة الانترنت التي جعلت العالم قرية صغيرة لمن أحسن استخدامها.

ولكن ما يحدث في مقاهي الانترنت اليوم هو عكس ما تم ذكره في البداية، جراء تداول هذه الخدمة الالكترونية الهامة من قبل أشخاص ضاعوا بين الطفولة والشباب وليس لديهم الخبرة الكافية بمعطيات الحياة وتجاربها.

حيث تسمّر الأطفال على كراسيهم ليشاهدوا عروضاً أشبه بالخيال كسيارات ودراجات تتحطم أصوات رصاص، دمى تطير ثم تقفز وترتفع ثم تقع أرضا العاب رياضية تحركها شخصيات كرتونية وأشكال لا حصر لها من تلك الألعاب السحرية.

هذه الألعاب التي ترفع عنها الشباب واعتبروها للأطفال فأخذوا يسترقون النظر إلى مواقع إلكترونية على شبكات الانترنت ويختارون التي تعرض ما ينافي الأخلاق والتربية، ولم لا مادامت كل عناصر المتعة متوفرة فالمال موجود وما أكثرها أوقات الفراغ فمعظمهم عاطل عن العمل والأهم من ذلك عدم وجود رقيب.

وتتساءل الأمهات قائلة " ألم يعد بالإمكان الاستفادة من الكمبيوتر واستغلاله لأشياء أكثر أهمية وفائدة للأطفال؟ أم أن الأطفال هم الشريحة الأكثر سهولة في السيطرة على عقولهم وتخريب مستقبلهم من خلال ألعاب و مواقع رخيصة المضمون..

وتماشيا مع مقولة الغاية تبرر الوسيلة فإن أصحاب مقاهي الانترنت وصالات ألعاب الكمبيوتر لم يجدوا وسيلة لكسب المال بسرعة إلا من خلال افتتاح تلك المقاهي والصالات لدرجة أصبحت عمل من لاعمل له، حيث أنه بمجرد أن يلاقي أي مشروع رواجا أو مردودا ماليا لا بأس به حتى تبدأ العدوى بين العاطلين عن العمل ليجربوا مشروعاً مضموناً.

eHama التقى الشاب جهاد الزبدي الذي قال لنا:" لم يبق باب عمل إلا وطرقته وعندما فشلت في الأعمال الحرة لعدم قدرتي على تحمل مشاقها وقررت الزواج اشترط والد الفتاة أن يكون لدي عمل ثابت أعيش منه وبما أنني لم أنل حظاً في التعليم فإنه من الصعب إيجاد عمل ثابت، عندها فكرت في استئجار أحد المحلات التجارية وأحضرت إليه مجموعة من الحواسيب الالكترونية فأصبح عملي الوحيد هو الجلوس على الكرسي ومراقبة الزبائن واعتبر هذا العمل أسهل الأعمال وأكثرها إدرارا للمال".

أما الأستاذ محمود المحمد (مدرس للغة الانكليزية) أشار إلى أن التوافد إلى مقاهي الانترنت التي اكتظت بالشبان المراهقين هي ظاهرة جلية في مجتمعنا وقبل أن نتساءل عن السبب يأتي الجواب بديهياً، إنه وقت الفراغ".

أما الشباب الذي يرتاد هذه المقاهي كان له رأي مختلف عما ذكره الأستاذ محمود، حيث قال لنا معتز برهو (15 سنة):" إن مقاهي الانترنت، تعد أفضل اختراع قدمه الإنسان منذ وجوده إذ أنه يقدم معلومات كثيرة ومواد ترفيهية مسلية من خلال الألعاب التي تنمي العقل وتضاعف القدرة على التركيز، وأعتقد أن ارتياد تلك المقاهي هو أحد حقوقنا التي تسمح لنا بممارسة النشاطات التي نرغب بها ما دامت لاتتعارض مع مستقبلنا الدراسي فساعة واحدة خلال النهار لن تسبب كارثة فرغم وجود انترنت في المنزل إلا أنني لا أستمتع به بل أفضل الذهاب إلى مقهى الانترنت لرؤية رفاقي والتواصل معهم وإضاعة الوقت".

بدوره أعرب أبو عبد الله (والد أحد الشباب) عن معاناته مع ابنه أحمد بقوله:" لقد خرجت الأمور عن سيطرتي تجاه ابني وبدل أن نقوم نحن الآباء بتربية أبنائنا وتوجيههم يحدث العكس، إذ يفضلون هم تربيتنا من جديد بحجة أننا جيل عتيق /دقة قديمة/ وينعتوننا بالجهل والتخلف وأننا بعيدون عن الحضارة ويحاولون إقناعنا بمزايا الانترنت رغم إنني شخصياً لست ضد التطور والتقدم التكنولوجي ما دام يسخر للخير ويخدم البشرية ويقدم المفيد وليس كما يحدث داخل أغلب المقاهي التي انتشرت أسرع من البرق فما هي الضمانات التي تمنع ابني من زيارة مواقع لا يستحب بدخولها وتترك آثارا سلبية على شخصيته لاسيما وأن عمره ما يزال مبكراً حيث أن تلك المواقع تسلحت بكل عناصر الإثارة والإغراء التي يصعب على عقل الشاب بهذا العمر تحملها واستيعاب أبعاده.

من جهته أشار المهندس حيدر كيلاني (مدير مؤسسة اتصالات حماة) إلى أن هناك لجاناً فرعية في جميع مراكز الهاتف المنتشرة في المحافظة تتولى عملية الإشراف ومراقبة وضبط عمل مقاهي الانترنت التي يبلغ عددها (20) مقهى مرخص وفي حال ثبوت ارتكاب بعض من أصحاب هذه المقاهي أي مخالفة للتعليمات الناظمة لاستخدام الانترنت، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم ومن هذه الإجراءات إغلاق المقهى أو سحب الترخيص أو تغريم صاحب المقهى بمبلغ قد يصل إلى نصف مليون ليرة سورية حسب نوع ودرجة المخالفة.

كما أوضح أنه تم مؤخراً تشكيل لجنة في الإدارة العامة لمؤسسة الاتصالات في دمشق لدراسة واقع العمل وأداء مقاهي الانترنت وينتظر حالياً صدور التعليمات الجديدة بشأن عمل هذه المقاهي وآليات مراقبتها مطالباً تزويد لجان مراقبة الانترنت الفرعية بضابطة عدلية تساند عملها أسوة بعدد من المؤسسات الرقابية الاخرى.

خلاصة ما نريد قوله لم يكن الحديث عن الإنترنت لسنوات مضت بالكثافة التي هو عليها الآن. الكثيرون اعتقدوا أن الأمر لا يعدو كونه ثورة سريعة لن تلبث أن تخمد لتعود الحياة إلى مسارها الطبيعي العادي المعتمد على الورقة والقلم. ولكن كل ما نراه اليوم يدل عكس ذلك. فالانترنت متاح للجميع إذا أردت أن تستفيد، أو (لا).