طوّعت قلمها للكتابة التي كانت رفيقة دربها، فكتبت القصة القصيرة والشعر والنصوص المسرحية والرواية، تُرجمت أعمالها الأدبية إلى ثماني لغات عالمية، كما أسست "الاتحاد العربي للثقافة" بهدف توحيد الأدباء والمثقفين العرب في إطار واحد، وحصلت على لقب "سفيرة النوايا الحسنة والسلام العالمي.

الأديبة الدكتورة "عائشة الخضر" تحدثت لـ "مدوّنة وطن" عن نشأتها الثقافية ومسيرتها الأدبية أثناء التواصل معها بتاريخ 13 تشرين الأول 2020، فقالت: «ترعرعت في مدينة "حلب" ضمن بيئة لها شأن بالثقافة والشعر، فوالدي الراحل كان وجيهاً لعشيرتنا المترامية الأطراف في "الرقة" و"حلب" ومدن عديدة في "العراق"، فكان مجلسه يزخر بالحكايات ونوادر العرب والسير النبوية والسجالات الشعرية، وكنت أسترق السمع لأحاديث وحكايات المجلس بكل شغف، وكان لهذا الجو تأثيراً كبيراً في ميلي للمطالعة وحبّ الثقافة والمعرفة، وساعدني في ذلك أيضاً مكتبة والدي الزاخرة بالكتب التاريخية والتراثية والأدبية وسير الملاحم العربية، بالإضافة إلى أن أخي كان قارئاً نهماً وغالباً ما يرفد مكتبتنا بروائع الكتب والروايات التي كنت أتسابق لقراءتها بنهم التوق للمعرفة والعلم.

الشعر موهبة فطرية ربانية تصقل بالقراءة والثقافة وليس بالضرورة أن تكون القراءة خاصة بالشعر، فالشعر إن لم يكن مدهشاً ويأخذ بتلابيب أنفاسك وعقلك، برأيي، ليس شعراً، كما أنني لم أتقصد أن أكون شاعرة، فقد كانت الرواية هي من أحبس أنفاسي عندما أغرق بين حروفها، كما أنني شخصياً لم أتأثر بأي مدرسة شعرية، ولم أنخرط بالملتقيات الأدبية والثقافية التي تعجّ بها المراكز الثقافية

في هذه البيئة الحاضنة نشأت مختلفة نوعاً ما عمن كان يعيش في ذلك البيت وتلك الزحمة، وتكوّن عندي مخزون ثقافي كنت حريصة على زيادته بالقراءة المتواصلة، عدت مع أهلي لجذورنا الأصيلة وأقاربنا لنقيم في مدينة "الرقة"، وتابعت دراستي الثانوية بمدارسها، وتابعت دراستي الجامعية بـ"حلب"، وخلال تلك الفترة بدأ لدي هاجس الكتابة، فبدأت بكتابة القصة القصيرة ونشرتها في جريدة "الفرات"، ثم اتجهت للمسرح وكتبت نصوصاً مسرحية للأطفال واليافعين، وقد ترجم أحد النصوص لعرض مسرحي عرض على خشبة المركز الثقافي في "الرقة"، وعند بداية الحرب الكارثية على "سورية" انتقلت إلى "دمشق" مع عائلتي هرباً من الأوغاد الذين دنسوا "الرقة" عروس "الفرات" ومدن أخرى في بلدي "سورية"، وفي مدينة "دمشق" تفجّر ذلك المخزون الأدبي والثقافي فأثمر ديوانين، الأول حمل عنوان "تانغو" والثاني "وللعشق موال أزرق"، تلك القصائد كانت تحمل نبض الوطن والعشق الصوفي وهموم أنثى شرقية في زمن التحولات الكبيرة».

أمام إحدى إصداراتها

وتابعت: «تُرجمت العديد من كتاباتي من قبل عدة مترجمين في "المغرب"، و"تونس" إلى اللغة الفرنسية والإسبانية، كما توالت الترجمات من شعراء نقلوا قصائدي إلى لغات أخرى كالأمازيغية، الصربية، الألمانية، الإنكليزية، الفارسية، والكردية، وهنا بدأت تتبلور فكرة إنشاء مشروع ثقافي يوحّد الأدباء والشعراء والمثقفين في إطار كوني واحد، ففي عام 2017 أسست "الاتحاد العربي للثقافة" الذي ضم حوالي ثمانية آلاف عضو من نخبة المفكرين والفنانين والإعلاميين في العالم.

شاركت بديوان باللغة الفرنسية ضم العديد من الشاعرات العربيات بعنوان "قطوف نسائية" تم نشره في الدول الناطقة باللغة الفرنسية عام 2016، وبكتاب "المرأة الإلهية" باللغة الصربية، وأيضاً كتاب "شعر بلا حدود" لمصلحة هيئة "مترجمون بلا حدود" الذي صدر عام 2020، كما شاركت بموسوعة الشاعرات العربيات في "المغرب"»

تانغو

وأضافت: «الشعر موهبة فطرية ربانية تصقل بالقراءة والثقافة وليس بالضرورة أن تكون القراءة خاصة بالشعر، فالشعر إن لم يكن مدهشاً ويأخذ بتلابيب أنفاسك وعقلك، برأيي، ليس شعراً، كما أنني لم أتقصد أن أكون شاعرة، فقد كانت الرواية هي من أحبس أنفاسي عندما أغرق بين حروفها، كما أنني شخصياً لم أتأثر بأي مدرسة شعرية، ولم أنخرط بالملتقيات الأدبية والثقافية التي تعجّ بها المراكز الثقافية».

ومن كتاباتها اختارت لنا قصيدة "هذيان":

شهادة تقدير

«بغتة.....

يراوغني الحنين

فأبحث في مرايا القلب

علني أوقف ممحاة صدري

وأجمدك هناك كمومياء

أرفع رأسي لغيمة بيضاء

غمزتني

فلوحت لها

وبغتة!

رأيتك هناك

على ظهر الغيمة!

لملمت ملامحك وابتسمت

تطاولت روحي أكثر

ونادى قلبي أن اهطل!

تبعثر ندائي هباء

وسرعان ما غابت الغيمة

وتدلت روحي خائبة

عندها

شممت رائحة تراب

مغسول بدمع الغيمة

وتناثرت آهات.. وأنات

وتراكضت عيناي باحثة

لكن يا وجع القلب

تلاشى ظلك كسراب

وجرى جدول دمعي مواسياً

لكنه كان بداية الخراب!».

الأديبة "إيمان الدرع" حدثتنا عنها قائلة: «من خلال قراءة كلمات الشاعرة "عائشة الخضر" أجد أنها تضج بالحياة والصمت على حد سواء، من وراء ابتسامتها تجد سحر الأمل، وفي بريق عينيها يبكي الوطن، لها روح وثابة لا تهدأ ولا تعرف المستحيل، فقد حوّلت تجاربها المرّة في الحياة إلى ساحات مجد علّقت فيها بيارق الانتصار وسيوف المرأة العربية الحرة، فهي كتلة من النشاط والعطاء الثري في كل مجال تعمل به، كما أنّ أسلوبها الأدبي طغت فيه مفردات ممزوجة بجنون الحرف والصورة الشعرية مع تناغم الموسيقا لتشكّل تناغماً متكاملاً ومميزاً، فلغتها الشعرية تنبع من صميم الشعر الوجداني الذي يعيد كتابة الواقع بلغة ذات عمق شاعري وتأملي ورمزي، إضافة إلى امتلاكها ثقافة واسعة واطلاعاً على مختلف الفنون كالآداب والفلسفة والدين والتاريخ والفنون، مما أغنى تجربتها الأدبية، فمن خلال قراءة أشعارها نجد أن أبرز ميزة فيه هي الصور الشعرية الإنسانية التي تجسدها بطريقة مميزة تخلد في ذاكرة قارئها».

الجدير بالذكر أنّ الأديبة د. "عائشة الخضر" سفيرة السلام العالمي، إضافة إلى أنها المنسق العام للبورد الألماني في "سورية"، ومديرة مكتب "سورية" لاتحاد الجوائز العربية، وعضو في الهيئة الاستشارية العليا لاتحاد الكتاب والمثقفين العرب في "باريس"، وعضو في الهيئة الاستشارية العليا في جريدة "عالم الثقافة" في "سلطنة عمان".