عشقت الكتابةَ منذ الصغر، وطوّرت موهبتها بالاطلاع على الثقافات المختلفة، ودراسة الإعلام ووسائل الاتصال، لتبرز كصحفيةٍ في مجال النقد الفني وكاتبةٍ تجعل من شعرها ورواياتها مرآةً للواقع، معبرةً بالقلم عن ارتباطها بالوطن.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الكاتبة "ياسمين حناوي" بتاريخ 3 نيسان 2020 لتتحدث عن موهبتها في الكتابة، حيث قالت: «بدأتُ رحلة الكتابة من اللحظة الأولى لإمساكي بالقلم، ولا أذكر كيف باشرت بالتعبير، قد تكون تلك العملية مقترنة في ذهني بالدهشة والعيش.

بالنسبة لعنوان الكتاب ينقسم إلى شقين، الأول: مأخوذ من أغنية "جوليا بطرس" وهو باللهجة العامية، والدال على أننا قادرون على الصبر رغم المآسي، والتعايش مع ثقافة الانتظار بأملٍ، أما الشق الثاني "أغنية مؤجلة"، هو الشق الفصيح المكمّل للأول، فقد نكون أنهينا العديد من الإنجازات في سنين سلفت، وبقيت لدينا الكثير من الأحلام المؤجلة

أول قصة قصيرة كتبتها في التاسعة من العمر عن القضية الفلسطينية، ونُشرت في مجلة "ماجد" للأطفال، ويمكن القول أنني منذ نعومة أظافري أحب التعبير عن مكنونات داخلي بطريقة مختلفة، وكانت مادتي المفضلة في المدرسة هي التعبير، وذات يوم طُلب منا كتابة موضوع عن الوطن، وكانت دموع مُدرَستي خير دليل على موهبتي التي صقلها والداي بكل الطرق المتاحة».

رواية "أغباني"

وعن روايتها الأولى تقول: «كبرت جنباً إلى جنب مع القلم، حتى بداية شرارة الحرب على وطني "سورية" في بدايات عام 2011، حيث اخترت تجميع قصائدي المكتوبة لنفسي في كتاب شعري أول، فثانٍ، ومع ظهور دلائل المؤامرة على بلادنا وجدت أن الشعر لا يكفي لوصف الحالة التي نعيشها، وأنه من الضرورة بمكان أن أترجم بعض ما يحصل في قصة محكية بين صفحات رواية تشبهنا بواقعيتها وإنسانية شخوصها، فخرجت الرواية الأولى لي بعنوان "أغباني" إلى الضوء عام 2017، وتأكدت حينها أن هذا الفن الأدبي يمتلك بأدواته والمساحة الواسعة التي يتيح لصاحبه، قدراتٍ تفوق في أماكن معينة أي فن آخر من ناحية التأثير والأثر».

وفيما يتعلق بأدواتها الأدبية تقول: «يعتمد تطوير الموهبة الأدبية بشكل أساسي على طموح المرء وطاقة الحلم لديه، ومضاعفة ثقافته بقراءات متعددة، مع المحافظة على هويته المميزة، وهذا ما أحرص عليه، بالإضافة إلى عرض مسودة أي عمل أدبي جديد على نقاد ثقات معروف عنهم التقييم الموضوعي والتحليل السليم، والأهم هو عدم الغرور بأي نجاح؛ فليس المبدع من يخرج بعملٍ مؤثر فحسب بل هو ذاك الذي يستمر في صدقه الأدبي ويرتقي درجة تلو أخرى برفقة قرائه الذين يمثلون بشكلٍ أو بآخر الأبطال في قصصه».

أثناء توقيع كتاب "بكرة شي نهار "

وعن إصداراتها تضيف: «صدر لي عام 2013 ديوان شعري بعنوان "رائحة الياسمين"، وآخر في عام 2015 بعنوان "فلامنكو"، ورواية "أغَباني" الصادرة عام 2017، و"بُكرا شي نهار.. أغنية مؤجلة" الصادرة عام 2019، وأتناول موضوعات عديدة أهمها قضايا المرأة وحقوقها التي تم التركيز عليها بشكل رئيسي في الديوان الأول، وأيضاً بعض الموضوعات التاريخية التي مثّلت أحداثاً مفصلية كـ"نكسة حزيران"، والوحدة مع "مصر"، وبعض القضايا العربية كالعدوان الإسرائيلي واحتلال "العراق"، وكل ذلك تم التطرق إليه في الديوان الثاني، وتناولت الحرب السورية في الروايتين، وبشكل عام تمتلك الحياة من الغنى والتنوع الشيء الكثير لاستخدامه في الأعمال الأدبية».

وفيما يتعلق بارتباط الموسيقا بالكلمة تقول: «اكتشفت أن للموسيقا تأثير أخاذ في الكلمات يجعل منها أقرب للقلوب، فمن يُجرّب أن ينصت لمقطوعة يحبها ومن ثم يكتب نصاً ما من وحيها سيجد وقع عباراته على جمهور القراء أكثر جماليةً، ومن يطوع حروفه كالأوتار لتصبح أغنية أخاذة يجد أنه قد نجح في إنتاج مؤلف أدبي يشابه في جاذبيته أي مكون فني آخر في مجال التأليف الموسيقي.

أثناء التكريم

أؤمن بأنه لا سقف للإبداع، والتداخل الخصب ما بين القصة والموسيقا يحتاج لأبحاث عديدة تبين خصائصه، ويبقى خيال الكاتب هو المقياس الذي يبني عليه النقاد آراءهم عندما يحللون عملاً مكتوباً، وكلتا الروايتين الصادرتين لي اتخذتا من أغنيات "فيروز" و"جوليا بطرس" عناويناً لفصولهما؛ الأمر الذي علّق أغلبية القراء بأنشودة موسيقية وثيقة الثبات بالحب والوطن على السواء».

وفيما يتعلق بروايتها الأخيرة تقول: «بالنسبة لعنوان الكتاب ينقسم إلى شقين، الأول: مأخوذ من أغنية "جوليا بطرس" وهو باللهجة العامية، والدال على أننا قادرون على الصبر رغم المآسي، والتعايش مع ثقافة الانتظار بأملٍ، أما الشق الثاني "أغنية مؤجلة"، هو الشق الفصيح المكمّل للأول، فقد نكون أنهينا العديد من الإنجازات في سنين سلفت، وبقيت لدينا الكثير من الأحلام المؤجلة».

وعن العلاقة بين الصحافة والأدب تضيف قائلة: «لا أعتقد بأن هناك علاقة وثيقة بينهما، لكن يجمعهما القلم بشكل رئيسي، وبينهما علاقة متداخلة، فالأدب سبق الصحافة تاريخاً، لكنها عندما ظهرت كان ذلك على أيدي الرواد من النقاد والأدباء؛ ورغم أنهما يستخدمان مواد خام وأساليب لفظية متشابهة لكنهما يختلفان في أمور عديدة أبرزها السرعة المطلوبة من الصحفي، وتقييد الحرية الشخصية التي تفرضها سياسة الجهة التي يعمل لديها، أما الأدب كمهنة فهو غير مناسب لتوفير قوت العيش في حال لم يكن الأديب على درجة عالية من الشهرة، بالإضافة إلى العديد من نقاط الاختلاف الأخرى».

من جهته الدكتور "نضال صالح" أستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة "دمشق" يقول: «معرفتي الشخصية بالكاتبة لا تزيد على أسابيع، أما معرفتي بها كأديبة فتزيد على سنوات من خلال قراءتي مجموعتيها الشعريتين، ثم بدأ التواصل بيننا بعد أن قرأت روايتها البكر "أغباني"، ومن خلال تقديمي لروايتها الثانية "بكرا أحلى، أغنية مؤجلة".

ينتمي نصّها الروائي إلى الكتابة الواقعية بامتياز واضح على مستوى الموضوع الذي يشكل البؤرة الدلالية في الحكاية المركزية له، وتتجلى هذه السمة من خلال حفاوة نصيها الروائيين بما اصطلحت عليه بالجحيم السوري في الكتاب الذي أنجزه عن رواية الحرب في "سورية"، أي هذه الحرب التي لم يسلم من أذاها وسعيرها وسعارها أحد من السوريين بدرجات متفاوتة فيما بينهم.

أما على المستوى الفني فلعلّ أبرز ما يميزها في كتابتها الروائية هو تعبيرها عن السهل الممتنع، فهي تكتب بطلاقة وتلقائية كما لو أنها تفرغ شحنات انفعالية ضاغطة، وفي الوقت نفسه تبني ذلك، بل تهندسه على نحو أدقّ، عبر ذائقة جمالية باذخة الرهافة جوهراً ومظهراً بآن، غير أنّ ذلك لم يسلم من طغيان العامية التي تبدو مولعة بها فيما يعني الحوارات بين كائناتها السردية، وهي سمة تجعل نصّها الروائي مستغرقاً في محليته الشامية بالمعنى الذي يشير تعبير "بلاد الشام" إليه، لا السورية وحدها. قرأت مجمل ما أنجزت إلى الآن، شعراً ورواية، وأستطيع التأكيد أنّها روائية أكثر منها شاعرة على الرغم مما يتمتع به نصها الشعري من جماليات وحساسيات تعبيرية رهيفة، بل باذخة في رهافتها الإنسانية».

يذكر أنّ الكاتبة "ياسمين حناوي" من مواليد "السعودية" عام 1986، تعود جذورها لمحافظة "حلب"، مقيمة بين "دمشق" و"السعودية"، حاصلة على جائزة أفضل عمل إعلامي يساهم في تطور أعمال التشغيل والصيانة في الدول العربية لعام 2017، وهي مديرة الإعلام في شركة "هواوي تيك انفستمنت العربية المحدودة" لمكتب "الرياض"، حاصلة على بكالوريوس في الإعلام من جامعة "دمشق"، وماجستير في وسائل الاتصال، بالإضافة لدبلوم في العلاقات العامة من جامعة الملك "سعود"، تعمل كاتبة في عدة صحف عربية.