الشعرُ بالنسبةِ لها هو نزفُ الروحِ الصامت، والقصيدةُ هي ابنتُها الشرعية التي خطّت كلماتِها بكلِّ صدقٍ وعفويةٍ، اتصفت أشعارُها بالبساطةِ العميقة وصدقِ الكلمة، إنّها الشاعرةُ "ريما عفلق".

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 أيلول 2019 الشاعرة "ريما عفلق" لتحدثنا عن تجربتها الأدبية: «لاحت تباشير بداية موهبتي في مجال الكتابة منذ الصغر، فبعمر الـ13 خطّت أناملي أوّل حرف قمت بخربشته على الورق، فلفتت كلماتي انتباه عائلتي، فعززوا موهبتي ودعموني بتوفير كتب للمطالعة التي كان لها دور كبير في تطوير ملكتي الشعرية وتنميتها، فالقراءة هي طقسي اليومي الذي لا بدّ منه، أحتاجه لأسكب جوع المعرفة الذي لا ينتهي عندي، فهي مفتاح ساحر للغوص في هذا العالم، ومن دونها لا يستطيع الأديب صقل موهبته وتطويرها لأنّها الحامل الأساسي لتجربته الشعرية، وتجعل الأديب يتمكن من أدواته الشعرية التي تجعل منه مبدعاً، وتمكنه من الوصول إلى حالة النضج والارتقاء بتجربته الأدبية من خلال الاطلاع على تجارب شعراء كبار، والأهم من ذلك الارتقاء بروحه ونفسه، والمحافظة على نبل روحه وقلمه، وهذا ذخره الأبقى، فالشاعر يولد مبدعاً والقراءة تعبد دربه للوصول بشكل أفضل لقلوب الناس، كما أنّ للبيئة دوراً في تطوير ملكة الشاعر، فالشاعر ابن بيئته وتجربته والعالم الذي يحيط به، فقد نشأت في بيئة محبّة للعلم والثقافة، فعمي المفكر الراحل "ميشيل عفلق" لديه العديد من المؤلفات في مجال السياسة، كما أنّ البيئة تؤثر في حالتنا الشعورية، فيتجلى ذلك نصوصاً نكتبها وتكتبنا، فأغلب قصائدي وجدانية والقليل منها يتعلق بـ"الشام"، وتأثرت كثيراً بكتابات وقصائد الشاعر "نزار قباني"».

ارتديت الربيع ## لأزين بالورد عمري ## في ضمير الحياة الميت ## لحظات مسروقة ## من بحر الطمأنينة ## نرسم فيها خارطة العمر ## فنغرق في ثورة الموج ## قلوبنا ترتعش ## في مهب الحب ## يرعبنا خريف العشق

وعن كتاباتها قالت: «الكتابة فعل إبداعي يحرك فينا مشاعرنا ومكنوناتنا إن أحسنا صياغتها وأتقنا العزف على حروفها وكلماتها، فلكل كاتب طريقته التي يختارها ليعبر عن صورته الداخلية ويكون صوته مقروءاً وليكون الأصدق تعبيراً عنه، فبالنسبة لي لا توجد طقوس محددة للكتابة؛ فاللحظة الحاسمة للبدء هي عبارة عن نزف قلم تختارني ولم أستطع يوماً أن أختارها وكوني شاعرة فهي تأتي نتيجة صخب الشعر في داخلي وإلحاحه ليخرج للعلن وأسكب حروفه على الورق، فقد تنوعت كتاباتي بين القصة القصيرة والرواية ولكن الشعر هو الأقرب إلى روحي، فقد وجدت نفسي بين خبايا سطوره وحروفه، ومعظم كتاباتي تميل إلى شعر التفعيلة والنثر فلا أميل إلى الشعر العامودي، وتناولت أشعاري موضوعات متنوعة كالحب والرجل رفيق الدرب والوطن والجوع والشهيد وعن معاناة بلدنا وعن مدينة "غزة العزة"».

ديوانها "شبه لي أنت"

ومن كتاباتها:

الشاعرة "ريما عفلق "في إحدى أمسياتها الشعرية

«ارتديت الربيع

ديوانها الشعري "ولظلك عطر"

لأزين بالورد عمري

في ضمير الحياة الميت

لحظات مسروقة

من بحر الطمأنينة

نرسم فيها خارطة العمر

فنغرق في ثورة الموج

قلوبنا ترتعش

في مهب الحب

يرعبنا خريف العشق».

وعن الملتقيات الأدبية قالت: «للأسف الملتقيات الأدبية لم تضف شيئاً للمشهد الثقافي سوى أنها عرّفتنا ببعض الشعراء وأعمالهم، بينما مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بنشر أعمالنا الأدبية والتواصل المباشر مع القارئ الذي يكون الحكم الأساسي على أعمالنا الأدبية، وهذا ما يعطينا حافزاً لأن نستمر في العطاء لأجل من يقرأ ويشجع ويتابع».

الأديب الناقد "خليفة عموري" حدثنا عنها: «الشاعرة "ريما عفلق" هي دائمة البحث عن معيار حقيقي لثنائية العشق مع الآخر، لذا نجد أن الطابع الوجداني هو الأكثر سطوة في فكرة نصوصها، حيث تقترب إلى حيز الدراما في أسلوبها والقائم على المفارقة والتضاد، وهذا ما أكسب ديوانها الأول هذه الفسحة الروحية المتأججة بالحنين والانكسار والفرح المؤجل، كما أن عنوان ديوانها "شبه لي أنت" هي محاولة اختزال لفكرة ديوانها الأول، فقد سمحت لها التجربة بتطوير لغتها الإيحائية والدلالية لتفجر هواجسها وأفكارها بأقل حيز من الكلمات، فقد كانت كلماتها أكثر صقلاً ومهارة ورسوخاً في استجلاب الحالة النفسية لتكون طازجة وبعيدة الأناة لتشكل إطارها الذوقي الجمعي، وهنا تتحرر "ريما" من بوتقة الذاتية إلى فضائها الأرحب لتقدم نموذجاً يحاكي الآخر بمسلمات الواقع وبأماكن أكثر سخونة وقابلية للتلقي والاستثارة عبر حساسية عالية الرهافة والإدراك».

يذكر أنّ الشاعرة "ريما أمين عفلق" مواليد "دمشق" عام 1963، صدر لها العديد من الدواوين الشعرية منها: "ولظلك عطر"، و"شبه لي أنت"، وشاركت بالعديد من الملتقيات والأمسيات الشعرية.