بأسلوبه البسيط وصدق كلماته، تمكّن الأديب "محمد منذر زريق" من الغوص في أدب الأطفال، فحملت أعماله المتنوعة في طياتها الكثير من المعاني والصور الجميلة المنتقاة مفرداتها بعناية ودقة، إضافة إلى الشعر الذي جسّده في قصائده المتنوعة.

"الشعر شعور راقٍ وإحساس رقيق، نستطيع من خلاله الدخول إلى ذواتنا لاستخراج مشاعرنا وأحاسيسنا بكل صدق وعفوية، والقصيدة هي الوسيلة التي تمكن الشاعر من التعبير عما يدور في مخيلته من هواجس وأحاسيس"؛ هذا ما بدأ به حديثه الأديب "محمد منذر زريق" لمدونة وطن "eSyria"، عندما التقته بتاريخ 25 آب 2017، وعن مسيرته الأدبية يقول: «ظهرت مواهبي الشعرية منذ الصغر، فقد تعلقت بالأدب بكل أنواعه، حتى إنه كبر معي ورافقني في كل مراحل حياتي، فقد كان للقراءة دور كبير في تعلقي بالأدب وإتقاني له في عمر مبكر، وأنا قارئ نهم والقراءة بالنسبة لي عبارة عن طقس يومي رافقني حتى الآن، حتى إنني نقلته إلى أبنائي. عندما كنت في المرحلة الإعدادية بدأت كتابة الشعر، وشاركت بأمسيات شعرية كانت تقيمها فرق الكشاف بالشبيبة، وحصلت على أول جائزة في القصة القصيرة بمسابقة نظمتها المستشارية الإيرانية عام 1987، ونشرت قصائدي في بعض الصحف الوطنية السورية كصحيفة "البعث" وبعض الصحف العربية، وتم تلحين ثلاث قصائد وطنية لي من قبل الفنانين "أمجد الرحال" و"مهند العجي"، إضافة إلى أنني من خلال مطالعاتي المبكرة تأثرت كثيراً بشعراء وأدباء عرب وسوريين، وأكثر ما أثر في كلمات الشاعر "سليمان العيسى"، عندما قال: (يأست من عالم الكبار فاتجهت إلى الأطفال). فبدأت الكتابة لأدب الأطفال الذي شدني عالمهم الكبير والجميل، فالأطفال مدرسة كبيرة؛ فنحن لا نعلمهم فقط، وإنما نتعلم منهم، فهم الأمل والمستقبل الواعد الذي ننتظره، إضافة إلى أنني حصلت على الجائزة الأولى لأدباء الأطفال في "سورية" عام 2010، حيث كتبت قصة "عصفور التين"، وحالياً أعمل مع الفنانة التشكيلية "سناء قولي" لإنجاز مجموعة قصصية للأطفال، كما أنني أصدرت مجموعتي الشعرية "بوح عاشق وحبق" لتوجيه رسالة محبة وتقدير للفنانين التشكيليين الذين أتوا من كافة المحافظات ليقدموا أعمالهم الفنية على الرغم من ظروف الحرب التي تتعرض لها بلدنا "سورية"».

وأرشف حبك حلو الوصال... غزيراً كدمعي ودفء الدم سـألتك يومــاً وحـار السؤال... عن الله أيــن؟ ولم أفــهم لقد كــان فيــك ولبى وقــال... وكــنت الكـليم ولم أعــلم

وعن الأنواع الأدبية التي كتبها، قال: «الشعر بالنسبة لي عبارة عن دفقة من المشاعر كطاقة ينفذ منها الشاعر ليريح قلبه وتسمو روحه في ملكوته الخاص، بينما القصة تجمع بين الإبداع والعقل وتحتاج إلى وقت طويل أكثر من الشعر، فهي من أصعب الفنون الأدبية وأكثرها تعقيداً وجمالاً في آن واحد، لكنها هي التي جذبتني وخصوصاً أدب الأطفال لكونه أدباً رفيعاً يحمل في طياته رسالة وقيماً نوجهها إلى الأجيال القادمة لكونها القادرة على خلق مجتمع نحلم به منذ عقود، فالحالة هي التي تفرض على الأديب نوع الأدب الذي يستخدمه، ولكي تظهر الكلمات الشعرية يحتاج إلى وجود الموسيقا وأحياناً اللوحة التشكيلية، وما يميز الشعر عن سواه الخيال الشعري، وما يأتي بعد ذلك ليس سوى إضافات تعزز القصيدة أو تضعفها. تعددت المواضيع التي كتبتها في قصائدي ما بين الوطني والروحاني والغزل الذي أخذ جزءاً كبيراً من أشعاري، كما أن لدي علاقة كبيرة مع الفن التشكيلي الذي أغنى تجربتي وأضاف إليها الشيء الكثير، وأتابع معظم المعارض المقامة في "سورية" منذ 30 عاماً وحتى الآن، وكتبت بعض الكتابات النثرية المرافقة للوحات العديد من الفنانين التشكيليين على مواقع التواصل الاجتماعي الذي أظن أنه بعد مدة من الزمن ستصبح هذه الكتابات نوعاً أدبياً له أصول وتقاليد لكونه يؤثر بالناس، وله معجبون ومتابعون».

ديوانه بوح عاشق وحبق

من كتاباته اختار لنا قصيدة بعنوان "أمي"، جاء فيها:

«وأرشف حبك حلو الوصال... غزيراً كدمعي ودفء الدم

القصة التي حصل فيها على الجائزة الأولى عام 2010

سـألتك يومــاً وحـار السؤال... عن الله أيــن؟ ولم أفــهم

لقد كــان فيــك ولبى وقــال... وكــنت الكـليم ولم أعــلم»

وفي حديث مع الدكتور والشاعر "فايز محمد"، قال عن الأديب "محمد منذر زريق": «ترجع معرفتي به إلى ما يقارب العقد من الزمن، وعندما التقيته لفتني فيه تهذيبه وتواضعه ورغبته بالمعرفة، وتميزت كتاباته القصصية بسهولة الفكرة وبساطتها، إضافة إلى التمكن من اللغة والإجادة بالقص، وبالنسبة للشعر فهو يمتلك صورة نقية وناصعة ظهرت بوضوح من خلال مجموعته الشعرية التي أصدرها مؤخراً "بوح عاشق وحبق" التي حملت أشعاراً من "المدرسة الاتباعية"؛ أي الشعر الموزون المقفى، حيث تنوعت أغراضها ما بين الغزل والبوح الصوفي والوصف، فهو في غزله عفيف رقيق، وفي بوحه الصوفي بعض الإشكال والغموض، فكل موقف تصوره مخيلته قصيدة بأجمل الكلمات والألحان؛ وهذا ما ميز أشعاره».

الجدير بالذكر، أن الأديب "محمد منذر زريق" من مواليد "دمشق"، عام 1969، خريج كلية الاقتصاد في جامعة "دمشق".