استطاعت أن تخط طريقها الأدبي بكل ثقة وجدارة، محاولة أن تكون صوت حال المرأة من خلال كلماتها، هي الشاعرة "نيلا النجار".

مدونة وطن "eSyria" التقتها بتاريخ 2 تشرين الأول 2014، فتحدثت بالقول: «ولدت وترعرعت بكنف أسرة بسيطة تربح الحياة ببياض قلبها وابتساماتها المتفائلة الحالمة أبداً في آذار 1988، البدايات مع الأدب كانت عبر مواقع التواصل الاجتماعي عام 2004، وأول قصيدة كاملة كتبتها كانت بعنوان: "قال لي أحبك"، حازت تشجيعاً كبيراً من قراء يتذوقون الشعر وذوي الخبرة، لم تقتصر قراءاتي على شعراء معينين إلا في بداياتي، إذ نشأت أوتار قلبي على أنامل "نزار قباني" وعزفه الذي كنت أسمعه وأقرؤه فأهيم في سيمفونية حرفه حد النشوة، قرأت للكثيرين من الشعراء؛ فالقراءة بالنسبة لي هي العنصر الأول الذي يدعم كتاباتي ويعزز استمراريتها، وكان للكاتبة "أحلام مستغانمي" تأثيراً في بدايات قلمي، وصاحبة الفضل الأول إذ منحني قلمها النقلة الأدبية الأهم في طريقي، لا أفرض طقساً معيناً ساعة الكتابة، إنما لحظة الإلهام هي من تفرض عليَ بعض الطقوس لتُسهِل المخاض وغالباً ساعات الليل الأخيرة هي ملاذي وولادة القصيدة تجرني مرغمة للانعزال».

أمسكت بزمام حروفها فاستطاعت أن تخط نصوصاً مبهرة، جذبت المتلقي ببراعة انتقاءاتها وأرضت ذوقه بروعتها، برعت في تصوير كبرياء الأنوثة في نصها فظهرت المرأة قوية عزيزة لا تستكين لشرقية رجل

عن تعريفها للشعر تقول: «قد يقول لسان الروح إن الشعر هو الجنون العاقل، وأعظم هذيان يهيم في فضاءات العمر هو حالة مقدسة لذيذة الألم، وفي ماهيته الحقيقية هو حَمْل يكمن في رحم القلب ومشيمته العقل، وتفاصيله هي المشاعر والرؤى والانفعال والقضية والتعبيرات والصور والموسيقا، والأهم هو الصدق».

نيلا النجار مكرمة بأحد المهرجانات

وعن أهم مواضيع قصائدها وأسلوبها في الكتابة تقول: «كثيراً ما أُلام ويؤخذ عليَ أنني أميل إلى القافية والتفعيلة؛ لكني في الحقيقة لا أكتب إلا النثر، وهو النمط المحبب لدي، والطريق الذي أفضل الاستمرار فيه، وقضيتي الأولى والأهم هي المرأة التي كانت وما زالت في مجتمعات كثيرة تفتقد للبوح بما يجول في خاطرها سواء من ألم وظلم وعنصرية، أو حب واحتياج وأسعى لفضح أحاسيسها بأسلوب شعري لطيف ومهذب يرتقي لمستوى الأدب بمعناه الأصلي، أتمنى أن أدرك مرتبة أكون فيها صوت الأنثى ولسان حالها وصرختها متى احتاجت أن تصرخ، عدا أنني كتبت وأكتب عن مواضيع اجتماعية عدة حين تصادفني أي حالة تحتاج إلى قلم يكتبها بصدق، وبأسلوب يتغلغل في عمق القضية دون حرب ونقاشات قد لا تفيد بنتيجة».

وتتابع عن علاقتها بالشعر: «علاقة شائكة نوعاً ما، إذ أراه يوماً صديقي المعطاء، وتارةُ عدوي الذي يزج بي أحياناً بقفص المشاعر، ولا يترك لي الفرصة لأفصل ما بين الواقع والخيال، إنما هو دائماً وأبداً سيبقى الحبيب غزلهُ نشوة روح، وغضبهُ لذة أُدركها في كل نجاح، وأشد على يد كل من يقول إنه نعمة ونقمة في آن واحد، ويمكنني القول إن الشاعر يمكن أن يصبح مبدعاً عندما يتمكن من إيصال صوته إلى كل قلب يطأ أرض حرفه، وعندما يكون قلمه لساناً يتكلم عن كل أحوال الناس، وقد أقول هنا إنه في قياس درجة زلزلة الحرف يكمن الإبداع أو عدمه».

خلال إحدى مشاركاتها.

عن أهم مشاركاتها الأدبية وما أضافته إليها؛ بينت بالقول: «مسيرتي الأدبية بدأت وواكبتُ الحرب في بلدي الغالية "سورية"، لذا نشاطاتي اقتصرت على أمسيات في محافظات قليلة، أقمتُ في لبنان لمدة سنة وحققتُ فيها عدة نشاطات تنوعت بين أمسيات وحضور ومشاركة، وأتيح لي الظهور إعلامياً، شاركت بمهرجان شعري في تونس بمدينة "توزر"، هذه المشاركات قدمت لي الكثير معنوياً، وسمحت لي بدخول الوسط الأدبي بطريقة جيدة، وأتاحت لي الظهور بثقة أكبر لإثبات وجود حرفي، والسعي أكثر لنشر كتاباتي على نطاق واسع، وتعريف الناس بي وبقلمي في عدة أماكن، وهو الشيء الذي يطمح إليه كل شاعر صاحب هدف ورسالة».

عن إصداراتها قالت: «إصداري الأول كان عام 2013، وهو ديوان بعنوان: "خيال وامرأة عاقِر"، يتضمن خمسين قصيدة طويلة بمواضيع عديدة أغلبها يخاطب المرأة، أو يتحدث بلسان مشاعرها، وأنا بصدد مطبوعَين سأقوم بنشرهما خلال السنة الحالية على مرحلتين، وبدأتُ مؤخراً كتابة عملي الروائي الأول الذي لم أضع لإصداره وقتاً محدداً بعد».

إصدارها.

وعن رأيها بظاهرة وجود الملتقيات الأدبية ودورها بتشجيع المواهب الشابة تقول: «بكل صدق فيما سبق لم أكن ألتفت إلى هذه الملتقيات لضيق الوقت، ومن مدة قصيرة قمتُ بالانضمام إلى عائلة أدبية احتضنتني بحميمية جعلتني أميل إل هذه الملتقيات التي أضحيتُ أراها مفيدة جداً أدبياً لما يتخللها من خوض في النقاشات بمجال اللغة وأنواع الشعر وأساليبه، وأيضاً تعدد النظرات وأساليب النقد والتوسع بها، ومعنوياً تقدم ثقة أعظم ومسؤولية كبيرة للاستمرار، وتقديم الأفضل والمنافسات الشريفة الجميلة المغلفة بالمحبة والمودة، الملتقيات ذات دور مهم في تشجيع المواهب الشابة التي تحتاج فعلياً إلى الدعم، وإن توفر فيها النص البناء وليس مجرد التقاء شخوص دون فائدة تذكر، أو إنجازات ملموسة تحَقَقْ، واجتماعياً تمنحنا أصدقاء سواء من أهل الوسط الأدبي أو متذوقيه وأهل الفنون والإعلام والمواهب الأخرى، وأما بالنسبة للملتقيات الأدبية المتواجدة على صفحات التواصل الاجتماعي، فيمكنني القول هي متواجدة في الفضاء الافتراضي، فبقدر أهمية هذه الملتقيات يكون الخطر إذ إننا قد نحاور، ونتأثر بآراء أشخاص لا نعرف حقيقتهم سواء سلبياً أو إيجابياً، وهنا لا أستطيع أن أقول إنها مفيدة جداً لأن التحرك السليم والتلقي المنطقي والصحيح لا بد أن يكون على أرض الواقع، وبمواجهة جدية مع أهل هذه الملتقيات».

عنها قال الدكتور "علي السمان": «أمسكت بزمام حروفها فاستطاعت أن تخط نصوصاً مبهرة، جذبت المتلقي ببراعة انتقاءاتها وأرضت ذوقه بروعتها، برعت في تصوير كبرياء الأنوثة في نصها فظهرت المرأة قوية عزيزة لا تستكين لشرقية رجل».

وقالت الإعلامية "رنا علي": «أنثى شفافة كحرف الثلج حين يحتضن زهرة كانون الأولى، وتُطبق على الحرف كأصابع أم لامست وجه وليدها للمرة الأولى، وتبعث من الجملة فينيقاً يُصاغ بأناملها رشقاً من المشاعر المتمردة على دمع العشق الذي يتبعثر فيها نبضاً بلا توقف، أرى من إسهابها في الوصف رونقاً تحتاجه الفكرة، كم من الرائع إدخال القارئ في إحساس الكاتب، وقد أجادت الشاعرة بذلك ففي كل عباراتها "اعشقني، اقتحمني، أحكم نصلك" كل هذه العبارات الآمرة إنما تحمل في مضمونها الترجي، وهي أبلغ لغة إدخال الأمر بالتمني، ثم من أين لها تلك الاحتضارات المنقلبة ولادات لا تتوقف، تمشي على وريد الشعور ليكون صراطاً من جنون، انصهاراً مع رفيق، حبة سكّر على حافة قهوة شعر بالكاد بات يلامسنا، "نيلا النجار" باختصار: عرافةٌ من ألق».

ومن بعض ما كتبت:

"أكتبُ عنك

كي يُدرك هذا الكون ثرائي

ليدرك الرجال سذاجتهم

ويتيقن الشِعر

أني السيدة الأولى في الوفاء

وأني آخر مجنونة متمردة هاربة

من أساطير الأوليين

أكتبكَ

علّ لهيب الحرف يثور في قلبك

فتأتي

وشُهب السطر تتساقط بأرضك

فلا تعرف ترحالاً بسلام

أكتب لك

علّ جُند كلماتي تعتقلُ نبضك

ونبال النقاط تقنصُ غياباتك

ولتصير أناملي قزاً

بحريرها أتلثم وآتيك أرتجي اختطافي

أكتب فيك

كي أعتصر الشوق من رضابك

أحبس حيائي في غوايتك

وأحترقُ رغماً عن أنفي

فلا أكون يوماً لسواك

وأكتبُ منك

كي تثور القصيدة على العقيدة

لتبقى مسجوناً دوني

ولتحيا في حرفي نشوة رغيدة".